ارشيف من :آراء وتحليلات
عودة التمثيل القنصلي بين تونس وسوريا
على خلاف ما يتم ترويجه من بعض وسائل الإعلام من نفي لوزير الخارجية التونسي الطيب البكوش لعودة العلاقات بين تونس ودمشق، فإن الخضراء عينت بالفعل قنصلا عاما جديدا هو السيد إبراهيم الفواري. وينتظر أن يتم تبادل السفراء خلال الفترة القادمة وذلك بالاتفاق بين سلطات البلدين حيث أن للجانب السوري رأيه أيضا في هذا المجال، ولا بد من مشاورات تتعلق بالشخصية التي سيتم تعيينها والتي يجب أن تتوفر فيها جملة من الشروط.
وأكدت مصادر دبلوماسية تونسية لـ"العهد"، أن البكوش الذي تحدث البعض على أنه نفى عودة العلاقات بين تونس ودمشق، قصد من خلالها سيد الديبلوماسية التونسية أن البلدين لم يتبادلا السفراء بعد، لكن العلاقات الدبلوماسية بصدد العودة بصورة تدريجية منذ أن تم الإعلان في تونس في شهر أبريل/ نيسان الماضي عن ذلك.
سوريا وتونس
وعود انتخابية
وكان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قد أطلق جملة من الوعود خلال حملته الانتخابية من بينها إعادة المياه إلى مجاريها مع سوريا وصوت له عدد هام من التونسيين من أجل هذا الوعد الذي قطعه على نفسه. ويبدو أنه ماضٍ في هذا الاتجاه لكنه بصدد المناورة لا غير والتدرج في مستوى التمثيل للتخفيف من الضغوط الدولية الرافضة لعودة العلاقات بين البلدين ولتجنب خسارة بلدان خليجية تضخ سيولات مالية في الاقتصاد التونسي وتساعد الخضراء في أزمتها الاقتصادية الخانقة.
تبادل السفراء بين تونس وسوريا مسألة وقت |
فمن الطبيعي أن تكون بين تونس وسوريا علاقات ديبلوماسية وأن تكون هذه العلاقات متطورة جدا كما كانت في السابق حيث أبرمت اتفاقيات عدة في غير مجال وكان هناك تعاون لافت ولجنة عليا مشتركة يرأسها رئيسا وزراء البلدين تجتمع مرتين في السنة في تونس ودمشق وتنظر في تنفيذ الاتفاقات المبرمة وكيفية تطويرها. كما أن إعادة العلاقات هي مطلب شعبي تونسي من التيارات القومية والليبرالية واليسارية ولا تعارض هذه العودة إلا جماهير الأحزاب الإسلامية (حركة النهضة الإخوانية، حزب التحرير، السلفية..).
قوى الجذب
وكان الرئيس المؤقت السابق المنصف المرزوقي وبدفع من حركة النهضة الإخوانية، قد بادر إلى قطع العلاقات مع سوريا حين كان الطرفان- اللذان عادا إلى تونس بعد الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في إطار مشروع ما يسمى "الربيع العربي"- في الحكم في إطار ترويكا ضمت النهضة والمؤتمر (حزب المرزوقي) وحزب التكتل من أجل العمل والحريات.
وتدفع هذه الأطراف وتضغط مع حلفائها في الخارج وخصوصا في الخليج باتجاه عدم استئناف العلاقات الدبلوماسية بين تونس وسوريا، لكن رئيس البلاد يتابع تنفيذ ما وعد به وإن بخطوات بطيئة لكنها ثابتة وبالتنسيق مع الجانب السوري الذي يتفهم على ما يبدو ما تتعرض له الخضراء من ضغوط في هذا الإطار. ولتونس مصلحة كبرى في عودة العلاقات حيث ستتمكن من الحصول على معلومات بشأن أسماء التكفيريين التونسيين المتواجدين في سوريا وتحركاتهم حتى يتم الإستعداد الجيد لعودتهم ومحاسبة من غرر بهم ودفع بهم إلى تخريب بلد عربي شقيق ذي سيادة تجمع بين شعبه والشعب التونسي روابط روحية واقتصادية وثقافية وتاريخية وحضارية ودينية متعددة ولولا تغير التوازنات في المنطقة بصورة مفاجئة ما كان لقطع العلاقات أن يحصل.