ارشيف من :آراء وتحليلات

الجزائر.. في عين الإرهاب

 الجزائر.. في عين الإرهاب

وداد قعفراني

تدخل الجزائر في دائرة الخطر مع ارتفاع وتيرة الاعمال الارهابية في الآونة الأخيرة.. فالجماعات المسلحة التي تسعى الى تحويل دول المغرب العربي بما فيها الجزائر الى بؤرة ارهابية، والتي افتتحتها في ليبيا، لا تألوا جهداً في توسيع نطاق نشاطها في الجزائر وهو ما تجلى بالهجمات الاخيرة التي أودت بحياة العديد من العسكريين ورجال الشرطة في فترة وجيزة.. ما يفتح باب التساؤل على مصراعيه عن خلفيات هذا النشاط، والمخطط الذي تسعى الجماعات الارهابية الى تنفيذه على الاراضي الجزائرية لا سيما "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي" ونظيره "داعش"، في وقت ما زال يعاني "تنظيم القاعدة" من نزيف داخلي جراء الهزات والضربات التي طالت جسده العسكري.

ومع توجيه الجماعات التكفيرية بوصلتها الى الاراضي الجزائرية، تحولت هذه البقعة الجغرافية الى مدار بحث وجدل دفعت الارهابيين الى التنافس عليها، وهو ما بدا واضحاً من خلال سعي بعض الجماعات الارهابية الى استمالة الشباب للانضمام اليها.. وعليه، باتت الحرب المضمرة مستعرة اليوم بين "تنظيم القاعدة في دول المغرب العربي" و"تنظيم داعش" ولو بشكل سري لا سيما بعدما استطاع "داعش" مؤخراً استمالة مجموعة "سرية الغرباء" واعلانها الولاء لزعيمها أبو بكر البغدادي، بعدما كانت منضوية تحت لواء تنظيم "القاعدة"، الى جانب نجاحها أيضاً في وقت سابق باستمالة  "تنظيم الوسط" الناشطة في محافظات شرق العاصمة، التي أعلنت أيضاً مبايعتها للبغدادي، في سبتمبر/أيلول الماضي، وتشكيلها جماعةَ أطلقت عليها اسم "جند الخلافة في الجزائر"، والتي تبنت عملية خطف واغتيال المواطنة الفرنسية "هرفي غورديل بيار"، في 22 سبتمبر/أيلول الماضي، فضلاً عن إعلان مجموعة أخرى تسمي نفسها "كتيبة أنصار الخلافة" انضمامها إلى "داعش"، مطلع مايو/أيار الماضي، والناشطة في محافظة "سكيكدة" شرق البلاد، ما يعني أن "داعش" استطاع حتى اليوم ضم ثلاث مجموعات صغيرة.

 الجزائر.. في عين الإرهاب

الارهاب


المحلل السياسي الجزائري العربي الزواق، عزا العمليات الارهابية الاخيرة الى تراجع حدة اليقظة لدى الجيش الجزائري، معتبراً أن الهدف من هذه العمليات لا يعدو خلق الصدع بالفضاء الامني الجزائري لإثبات ذاتها فقط..


وعلى الرغم من الحالة الامنية الاخيرة، إلا أن الزواق رأى في حديث لـ"العهد" أن العمليات الارهابية ما زالت تحت السيطرة، قياساً مع تجربة الجزائر الممتدة من التسعينات حتى الألفين، مشدداً على أن الجغرافيا الجزائرية ستبقى عائقاً أمام هذه الجماعات لا سيما "القاعدة" و"داعش"، وبالتالي لن يصل الصراع بينهما الى حد المواجهة المباشرة، كما هو الحال في كل من سوريا والعراق، ما يعني أن الصراع غير المعلن بين "داعش" و"القاعدة" ما هو الا محاولة فاشلة للتذكير بوجوده على الساحة الجزائرية، لمنع غريمه من بسط نفوذه، والحد من قدرة "جند الخلافة" وكيل "داعش" على الاراضي الجزائرية من الاستحواذ على الاهتمام الاكبر على حد تعبيره.


ولأن المشروع السياسي هو المحرك الأول للتنظيمات لا سيما تنظيم "داعش"، لفت المحلل السياسي الى غياب أي مشروع واضح لقيادات "داعش" في الجزائر، كما الحال في العراق وسوريا، وهو ما انعكس بظاهرة نفور شبابية منه، مقارنة مع حجم البيئة الحاضنة له في العراق وسوريا، ما يعني حسب الزواق أن الإيدويوجيا الجزائرية كانت المفارقة بين الظاهرتين.


وعلى الرغم من تعذر الجماعات الارهابية من الحصول على مرامهم، الا أن ذلك لم يمنع التنظيمين من الدخول في حرب كلامية، ظهرت على شاكلة تسجيل صوتي من اصدار عبد المالك دروكدال زعيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، والذي اتهم فيه "داعش" بالانحراف والإقدام على سلوكيات أساءت بحسبه لما يعتبره "جهادًا"، وكذلك شق صفوف المجموعات التي وصفها بالجهادية.

2015-07-30