ارشيف من :آراء وتحليلات

ماذا بعد وفاة الملّا عمر ؟؟

ماذا بعد وفاة الملّا عمر ؟؟

عون هادي حسين

اعتاد المتابعون للشأن الأفغاني أن يسمعوا بين وقتٍ وآخر شائعات من قبيل وفاة زعيم حركة طالبان الأفغانية الملا محمد عمر، فهذه هي المرة الرابعة التي تنتشر فيها شائعة موته، لكن الجديد هو تأكيد الحركة وفاة زعيمها قبل يومين فقط من انطلاق مبادرة الحوار الباكستانية التي كان من المُزمع انعقادها بمدينة مري السياحية قرب العاصمة الباكستانية اسلام آباد، ما جعل البعض يعتبر مبادرة الحوار الباكستانية اول ضحايا وفاة "الزعيم الأعور" أو "زعيم الأشباح"، حيث أنه لم يظهر منذ إطاحة الغزو الأمريكي بحكومة طالبان عام 2001 ، خصوصاً مع طلب حركة طالبان تأجيل جلسة الحوار، ما خلط الأوراق وجعل الأطراف الإقليمية تعيد حساباتها وتتساءل: ماذا بعد وفاة المُلا عمر؟؟

في الوقت الذي تحرز فيه الحركة تقدُماً ميدانياً مقلقاً في المناطق الشمالية، وتخوض معركة اقتسام الكعكة الأفغانية سياسياً بمؤازرة باكستانية من تحت الطاولة، تأتي وفاة الملا عمر لتنذر بانقسامات داخلية بدأت تلوح بالأفق معالمها من خلال رفض بعض القيادات البارزة تعيين الملا منصور خلفاً للمُلّا عمر، وأبرز هؤلاء المعارضين هو ابن الـمُلا عمر، محمد يعقوب (26 عاماً) والقائد العسكري البارز "زاكر".

ماذا بعد وفاة الملّا عمر ؟؟

الملا عمر

يضاف إلى ذلك "داعش" الذي يهدد وبشكل جدي نفوذ حركة طالبان في أفغانستان، وبعد وفاة المُلا عمر يرى مراقبون أنه لا يوجد قائد في طالبان "بكاريزما" المُلا عمر يستطيع جمع الفصائل كلها تحت لواء واحد وفرض حدود لتواجد "داعش" في أفغانستان ، يقول مايكل كوغلمن الخبير بالشأن الأفغاني في مركز "وورد ويلسون الدولي" في واشنطن بهذا الصدد: "وفاة المُلا عمر أزمة وجودية لحركة طالبان أفغانستان، ولعله أكبر تحديًا يواجه الحركة ووحدة فصائلها بعد تحدي الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، ومقتل أسامة بن لادن".

مصادر أفغانية مطلعة تقول "إن المُلا عمر مات منذ فترة، ودُفن سراً، حتى المقربون منه كولده محمد يعقوب لم يكن على علم بذلك، للحفاظ على معنويات المسلحين الذين يخوضون معارك شرسة مع القوات الأفغانية في مختلف المناطق، شرقًا، جنوباً وشمالاً".

عليه، يلاحظ مما تقدم، أن المُلا منصور الذي كان نائباً للمُلا عمر اراد أن يُمهد الطريق لوصوله لقيادة الحركة وتفويت الفرصة على أعضاء الجناح السياسي للحركة خصوصاً أعضاء مكتب الدوحة، الذين يسعون لإلغاء الجناح العسكري للحركة والاندماج باللعبة السياسية في أفغانستان وهذا ما تؤيده الولايات المتحدة الأمريكية وتسعى إليه بشدة، لكن تعارضه باكستان بقوة، وبالتحديد أكثر جنرالات المؤسسة العسكرية في باكستان، أصحاب الكلمة الفصل في الملف الأفغاني.

خلاصة القول، إنه من السابق لآوانه التكهُّن بمستقبل حركة طالبان أفغانستان، ومُجمل الوضع الأفغاني إثر وفاة المُلا عمر، لكن الثابت أن الحركة أمام منعطف جديد وأن باكستان مستمرة في سياسة "العمق الاستراتيجي" كضرورة "دفاعية"، بحسب الجنرالات الباكستانيين، لمنع الهند اللاهثة  لملء الفراغ في حال تخلي باكستان عن سياستها الكلاسيكية في أفغانستان .

2015-08-01