ارشيف من :آراء وتحليلات

على الطريق نحو جسر الشغور

على الطريق نحو جسر الشغور

كان للصواريخ الاميريكية المضادة للدروع من نوع " تاو" المتطورة، الدور الابرز سابقا في سيطرة ما يسمى بـ"جيش الفتح " ( التابع لغرفة عمليات انطاكية، والتي تحرك اغلب المجموعات الارهابية في شمال سوريا وخصوصا جبهة النصرة وحركة احرار الشام على مدن ادلب وجسر الشغور واريحا والبلدات المحيطة بها، وحيث تم تزويد هذا الجيش الارهابي المذكور بعدد كبير من هذه الصواريخ نتيجة صفقة مشبوهة بين الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وقد تمثل هذا الدور من الناحية العملانية بتدمير عدد كبير من مدرعات وآليات الجيش السوري التي كانت العماد الرئيس في الوحدات المدافعة عن تلك المدن المذكورة، وذلك من مسافة بعيدة جدا على الحدود التركية السورية ما شكل مفاجأة صادمة لوحدات هذا الجيش وحلفائه.

  اليوم، وبعد أن عمدت "النصرة" الى اختطاف مسلحين سوريين تابعين للبرنامج الاميركي لتدريب ما يسمى بـ" المعارضة السورية المعتدلة"، وذلك بعد أيام من دخولهم الشمال السوري عبر الاراضي التركية والذين تعتمد عليهم الولايات المتحدة في خطتها الغريبة لمحاربة تنظيم "داعش" الارهابي، وبعد أن اعلنت حركة احرار الشام وبصورة علنية نعيها لزعيم حركة "طالبان" والداعم الاول لتنظيم "القاعدة" الارهابي، الملا عمر، وبالتالي نزعت عن نفسها رداء الاعتدال الذي تظاهرت أنها ترتديه لتلميع صورتها طمعا بنفوذ معين في المعادلة الاقليمية لمحاربة الجيش والدولة في سوريا، فهل ستتخذ الولايات المتحدة موقفا ترّد فيه على ذلك عن طريق وقف دعمها غير المباشر للحركتين الارهابيتين عبر السعودية وتركيا؟

على الطريق نحو جسر الشغور

جسر الشغور

  هذا الرد قد يكون حصل فعلا من خلال عدم تزويدهما بكمية اخرى من هذه الصواريخ الاستراتيجية، وبالتالي أدى الى حرمانهما من سلاح فعال هما بأمس الحاجة إليه لمواجهة الجيش السوري وحلفائه في معركته الطاحنة التي تدور في ريف ادلب الجنوبي الغربي وتحديدا شمال سهل الغاب وعلى التخوم الجنوبية والجنوبية الشرقية لمدينة جسر الشغور بهدف استعادة السيطرة على هذه المدينة ومحيطها والتي تشكل نقطة ارتكاز مهمة واساسية في معركة الدولة في الشمال السوري، ويمكن تلخيص الخطوط العريضة لهذه المعركة التي يخوضها الجيش السوري وحلفائه منذ الايام الاولى لشهر آب الحالي على الشكل التالي:

- بعد سيطرته على"تل حمكي" و"تل أعور" الواقعين جنوب شرق جسر الشغور لمسافة تقارب 11 كلم وعلى محطة زيزون الكهربائية الحيوية وعلى بلدة  "الزيادية"  شمال سهل الغاب، وبعد ان اصبح عمليا يسيطر بالنار وبالمراقبة على بلدتي "الفريكه" و"سلة الزهور" المشرفتين على مدينة جسر الشغور من الشرق، يكون قد اصبح جاهزا من الناحية الميدانية لاستكمال السيطرة على قطاع مهم يشكّل قاعدة انطلاق معقولة من الناحية التكتيكية لتنفيذ عملية مهاجمة على جسر الشغور من اتجاه جنوب شرق.

- بعد أن ثبّت دفاعاته ومراكزه في بلدة "فورو" جنوب جسر الشغور والتي تشكل امتدادا لقواعده العسكرية القوية بين "جورين" والتخوم الجنوبية لبلدة السرمانية والواقعتين في الريف الشمالي الشرقي لمدينة اللاذقية، وبعد أن ضيّق الخناق على بلدة السرمانية المذكورة تحضيرا للسيطرة عليها، يكون قد حضّر نقطة الارتكاز الثانية من الناحية الجنوبية لاعتمادها قاعدة انطلاق لمهاجمة اساسية على محور: السرمانية - غانية – اشتبرق – جسر الشغور.
- بعد أن استعاد السيطرة على بلدتي "المنصورة" و"الجاموس" في الوسط الشمالي لسهل الغاب يكون بذلك قد سيطر على نقطة مهمّة تؤمن التواصل والمساندة والربط لوحداته المنتشرة شرق سهل الغاب على التخوم الغربية لريف حماه مع وحداته الاخرى المنتشرة غرب سهل الغاب على التخوم الشرقية لريف اللاذقية.

هذه الخطوط العريضة المذكورة اعلاه يمكن اعتبارها النقاط الرئيسة من المرحلة التمهيدية للمعركة الاساسية في مهاجمة مدينة جسر الشغور واستعادة السيطرة عليها والتي تشكّل ام المعارك بالنسبة للجيش السوري في استعادته السيطرة على الشمال السوري، كما انها تمثّل معركة مهمة بالنسبة للمجموعات الارهابية المتواجدة في هذا الشمال عامة وفي محافظة ادلب بشكل خاص، ففي خسارة المجموعات الارهابية لهذه المدينة مع محيطها سيكون لذلك تداعيات خطيرة من الناحية العسكرية على انتشارها في هذه المنطقة بشكل عام.

وعليه، فان الجيش السوري وحلفاءه، وفي ظل التقدم اللافت الذي تحققّ حتى الآن، سيحاولون الضغط واستغلال الفرصة التي قد تكون مؤاتية الآن في ظل عدة عوامل تستحق ان تؤخذ بعين الاعتبار وهي:


 - الظروف الضاغطة على تركيا من خلال حربها المفتوحة ظاهريا ضد "داعش".
- الانقسام الواسع بين المجموعات الارهابية التي تسيطر على محافظة ادلب بشكل عام.
- الحيرة والتردد لدى السعودية بسبب فشلها المستمر في خلق فصيل "معتدل" تستطيع الاعتماد عليه وتسويقه لدى الولايات المتحدة الاميركية ليكون نواة الجيش الذي تحلم بتسليمه زمام الحكم بعد تحقيق حلمها الدائم برحيل الرئيس الاسد.
- الحراك الدبلوماسي في المنطقة والناتج عن الاتفاق النووي مع ايران ومشاريع التسويات السياسية التي تلوح في الافق.

 

2015-08-05