ارشيف من :آراء وتحليلات
بكين تتحسر على ايام الملّا عمر!!
عون هادي حسين
لا شك في أن موت الملا عمر، زعيم حركة "طالبان" في أفغانستان، له تداعياته على الساحة الأفغانية والمحيط الإقليمي، فضلاً عن تداعياته التنظيمة والوجودية على حركة طالبان ذاتها. لكن ما لفت هو الحسرة الصينية على موت قائد اكبر تنظيم ارهابي في العالم، وقد تجلى ذلك بوضوح في التقرير الذي نُشر في 30 تموز/يوليو، على موقع مجلة "غلوبال نيوز " الصينية القومية، التي تصدر بالإنكليزية.
ويضع التقرير الصين في صف الدول الخاسرة جراء وفاة المُلا عمر، وإن حاول التقرير التخفيف من وطأة الخسارة بالقول:" هناك مستفيدون وخاسرون من وفاة الملا عمر.. لكن الصين اقل خسارة من غيرها". لكن وإن كانت الصين أقل خسارة، غير أن الخسارة خسارة، فما الذي خسرته الصين بموت قائد مجموعة إرهابية مطلوب لأجهزة الاستخبارات الأمريكية والعالمية؟ وأي مصلحة كانت تجمع المُلا عمر مع بكين؟
الملا عمر
بالنظر إلى جعرافيا الإرهاب ولوازم المتاخمة بين الصين وأفغانستان، يصبح منطقياً الكلام عن تشابك مصالح بين الصين وحركة طالبان من حيث أنها الأقدر على بسط نفوذها داخلياً وتقديم الضمانات الحقيقية، فالاستقرار السياسي والأمني خصوصاً ضرورة أكيدة بالنسبة لبكين وذلك لمنع المتشددين الأيغور من اتخاذ الأراضي الأفغانية ملاذاً لهم ومنطلقاً لحراكهم الانفصالي غرب الصين.
بالإضافة إلى أن طموحات الصين الاقتصادية ومشروع "طريق الحرير الجديد" يجعل الصين تسعى بشكل جدي لاستقرار الساحة الأفغانية والدفع بعملية السلام الأفغانية إلى الأمام، ويرى المختص في الشؤون الآسيوية الأستاذ علي نقي أن هذا ما جعل بكين تلعب دور الوسيط بين القيادة الباكستانية والأفغانية، وحث الأولى على رعاية المحادثات واستضافتها بدلاً من تقويضها.
بيد أن وفاة الملا عمر غيرت مسار الحوار الأفغاني – الأفغاني، ويرى مراقبون أن الحوار عاد مجدداً للمربع الأول، فعملية السلام أصبحت أكثر تعقيداً، فبعد فك العقدة الباكستانية، ظهرت الآن عقدة عدم تماسك وتفكك حركة طالبان؛ ما يجعل القيادة الجديدة للحركة أضعف من ضمان اي اتفاق لوقف العمليات العسكرية مؤقتاً، فضلاً عن اتفاق شامل.
لذلك كله، تخشى بكين على مصالحها الاقتصادية في أفغانستان ومن عمليات إرهابية قد يقوم بها الأيغورين في غرب الصين مستفيدين من وفاة الملا عمر الذي كان قد فرض على الأيغوريين عدم شن هجمات على الصين، وذلك مقابل استفادة حركة طالبان من الأسلحة الصينية، ودعم مالي كانت طالبان بأمس الحاجة له بعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان وسنين القحط الأربع عشرة. لكن ما تخشاه الصين هو عدم قدرة القيادة الجديدة في طالبان من توفير أمن المصالح الصينية وفرض التفاهمات المبرمة بين بكين والملا عمر سابقاً على كل الفصائل المتشددة في افغانستان .