ارشيف من :أخبار لبنانية
الصحف الاجنبية: تشكيك بجدية الحرب التركية على داعش والمملكة في أزمة
ركزت وسائل الاعلام ومراكز الدراسات الغربية حيال الشرق الاوسط خلال الايام الاخيرة على الاتفاق الاميركي التركي الجديد بشأن محاربة داعش في المناطق الشمالية السورية، وسط تشكيك حول مدى جدية هذه الخطوة، خاصة في ظل ما يقال عن اولوية تركية بمحاربة الاكراد.
من جهة اخرى، لا يزال موضوع الصراع الداخلي الاميركي بين التيار المؤيد للاتفاق مع ايران والتيار المعارض له يحتل حيزاً مهماً من اهتمام الصحافة الغربية، فيما يتحدث خبراء غربيون عن ازمات متعددة تواجهها المملكة السعودية، لا سيما الحرب في اليمن.
ملف الاتفاق التركي الاميركي
تحت عنوان "داخل سوريا: الاكراد يدحرون داعش، لكن التوتر يسود التحالفات"، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا يتحدث عن مخاوف اعرب عنها الاكراد ازاء تعزيز التعاون الاميركي التركي في سوريا، خاصة وأن الاتفاق يسمح للطائرات الحربية الاميركية بالانطلاق من القواعد التركية من اجل شن غارات جوية على اهداف تابعة لداعش.
وتلفت الصحيفة إلى أن الاتفاق بين تركيا والولايات المتحدة ينص على اقامة منطقة خالية من داعش على الحدود السورية التركية يبلغ طولها 60 ميلاً، كما ينص على ان تكون تلك المنطقة خالية من العناصر الكردية ايضاً، وذلك بناء على طلب تركي.
ويشمل المقال مقابلة مع "كالي صالح"، وهي باحثة زائرة في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ولها مؤلفات عدة حول الشؤون الكردية. وتقول الاخيرة انه في حال جاء الاتفاق الاميركي التركي "على حساب علاقة مع احد اقوى الشركاء على الارض في سوريا، فانه لا يبدو منطقياً".
وتضيف ان "المسألة غير منطقية عندما يكون لديك مقاتلين تابعين لحزب العمال الكردستاني يسمون ارهابيين اذا كانوا داخل الحدود العراقية او التركية. ولكن اذا عبر نفس هؤلاء المقاتلين الى داخل سوريا يصبحون يعملون مع التحالف في الحرب على داعش".
وتستشهد الصحيفة بكلام مدير المشروع التركي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن بولنت علي رضا، عن انضمام الالاف من مقاتلي حزب العمال الكردستاني من تركيا الى سوريا والالتحاق بوحدات حماية الشعب الكردية، الامر الذي يزيد من صعوبة التمييز بين وحدات الحماية والعناصر التابعة لحزب العمال الكردستاني.
من جهة اخرى يتناول المقال مسألة انطلاق التعاون بين الجانب الاميركي ووحدات الحماية الكردية. ويقول مسؤول سوري كردي رفيع (رفض الكشف عن هويته) سافر الى اربيل شمال العراق خلال شهر تشرين الاول/اكتوبر الماضي من اجل لقاء قياديين عسكريين اميركيين: إنه وبعد مشاورات مكثفة، وافق الاميركيون على انزال حمولات من الاسلحة و الذخائر، والتي قام بتوفيرها مسؤولون اكراد في العراق المجاورة.
وفي السياق نفسه، كتب بول بيلر (اهم المستشارين السابقين لوكالة الـCIA) مقالاً نشره موقع "ناشيونال انترست" تحت عنوان "تركيا ومنطقة الشفق"، رأى فيه أن التفاهم الذي تم التوصل اليه بين الولايات المتحدة وتركيا الشهر الفائت حول محاربة داعش لم يوضح كثيراً خطوط الخلاف في الحرب من منظار الولايات المتحدة. حيث يشير الى ان العمليات العسكرية التركية منذ الاعلان عن ذلك التفاهم تركز على استهداف العناصر الكردية بقدر ما تركز على استهداف داعش، وذلك على اقل تقدير.
وحسب الكاتب، فإنه على ضوء الغموض في الاولويات التركية، هناك اسئلة كبيرة لا تزال عالقة حول المنطقة العازلة التي ينص عليها الاتفاق الاميركي التركي، متسائلاً من سيمسك بهذه المنطقة العازلة ويديرها؟. وعليه يشير الى ان العدد القليل من "المعتدلين" الذين تم تدريبهم بمساعدة اميركية ليسوا ابداً في موقف يسمح لهم بتولي هذه المهمة، فيما يقال ان التفاهم مع الاتراك ينص كذلك على ان لا يسمح للعناصر الكردية بالدخول الى اي جزء من المنطقة العازلة المطروحة.
الا انه وبرأي الكاتب، فإن القوات الكردية هي المرشح المنطقي للتواجد في هذه المنطقة، نظراً لكونها باتت تسيطر على اغلب المناطق الحدودية الاخرى، ويخلص الى ان الولايات المتحدة ربما اخذت بعين الاعتبار الهواجس التركية حيال الاكراد اكثر مما يجب، ويعود ذلك بحسب تعبيره الى الاسلوب الذي تعتمده الولايات المتحدة بتصنيف بعض الجماعات والحركات.
كذلك يعتبر الكاتب ان تصنيف حزب العمال الكردستاني كتنظيم ارهابي يجب ان لا يكون عاملاً حاسماً في المقاربة حيال وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، قائلاً إن خطوط النزاع في سوريا معقدة اكثر من اي وقت مضى، وانه يجب ان تدرك الولايات المتحدة تماماً الاهداف والاولويات المختلفة، كما يجب الاجابة عن كافة الاسئلة المتعلقة بالمنطقة العازلة في الشمال السوري.
الصراع الداخلي الاميركي بشأن الاتفاق مع ايران
من جهة ثانية، نشر استاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفرد "ستيفن والت" مقالة في مجلة فورين بوليسي تحت عنوان "خرافة الاتفاق الافضل"، انتقد فيها بشدة التيارات الاميركية المعارضة للاتفاق مع ايران، مشدداً على أهمية الحنكة في السياسة الخارجية للدول، خاصة وأن أي خطأ في ادارة العلاقات سيجعلها اكثر عزلة.
وينوه الكاتب بالاتفاق بين البلدين، لا سيما وأنه اعتمد على خرافة "الاتفاق الافضل" الذي يتجاهل مادة الدبلوماسية 101 (مادة مبادىء الدبلوماسية التي تدرس في الجامعات والتي تنص على ضرورة تقديم شيء لكافة الاطراف المعنية من اجل التوصل الى اي شكل من اشكال الاتفاق الدائم).
ويقول: ليس بالامر المفاجىء ان معارضي الاتفاق يعولون على معجزات غير محددة لتقديم حجتهم: انه نهجهم الاعتيادي، كما قال الرئيس الاميركي باراك اوباما مؤخراً، فإن معارضي الاتفاق هم بالاغلب المجموعات والشخصيات نفسها التي ساعدت على الترويج لفكرة اجتياح العراق الغبية. لم تكن المسألة تتعلق فقط بحكاياتهم حول اسلحة الدمار الشامل في العراق وعلاقات صدام حسين المزعومة بالقاعدة التي اضلت بوش والبلاد، بل ايضاً اعتقادهم المزيف بأن اجتياح العراق كان سيؤدي بشكل ما الى تحويل الشرق الاوسط الى بحر من الديمقراطيات المؤيدة لاميركا. هذا كان عبارة عن تفكير سحري باسوأ صوره".
ويختم "السماح للاوهام برسم القرارات القومية يضمن المتاعب، وحتى البلدان التي هي بقوة الولايات المتحدة تدفع الثمن عندما تسمح لتفكيرها السحري بأن يرسم السياسة القومية".
الملف السعودي
أما الباحث في معهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى سيمون هندرسون فقد نشر مقالة في مجلة فورين بوليسي تحت عنوان "من الذي يدير آل سعود"، لافتاً إلى ان الفروع السعودية المحلية لداعش لا تميز كثيراً في اختيار اهدافها، مذكّرا بالتفجيرات التي استهدفت المساجد في المملكة في شهر ايار/ مايو الماضي وأدت الى استشهاد وجرح عدة أشخاص سواء في المحافظة الشرقية أو في الجنوب غرب البلاد، معتبراً أن ذلك بمثابة تذكير للعائلة الملكية السعودية بأن داعش لا يميز بين الطوائف ويكنّ الكراهية لآل سعود وكل ما يمثلونه.
ويرى الكاتب أنه على الرغم من ان الغالبية العظمى من المواطنين السعوديين على الارجح يفضّلون قيادة الملك سلمان على الفوضى التي عمّت العالم العربي منذ عام 2011، إلا أن جزءا من الشباب السعوديين يبدو متأثرا بمشاهد "الجهاد" التي يتم تلقينه إياها، ويعتبر الكاتب ان تفجيرات المساجد انما هي واحدة من المؤشرات التي تدل على الازمات الداخلية والخارجية المتفاقمة التي تواجهها المملكة، ودعا السلطات إلى معالجة هذه الازمات بشكل يوحد البلاد لا يقسمها.
وعليه يشكك الكاتب بقدرة قيادة المملكة على تنفيذ هذه المهمة، معتبراً أن الحملة في اليمن هي المشكلة الاكثر الحاحاً التي يواجهها "فريق الامن القومي الجديد" في المملكة، ويقول ان الضربات الجوية بقيادة التحالف السعودي فشلت بهزيمة الحوثيين، خصوصاً ان التحالف بين الحوثيين وعلي عبد الله صالح متين جداً.
ويتطرق الكاتب إلى الدور الاماراتي في العدوان السعودي على اليمن، متحدثا عن أن السلاح المفضل لدى القوات الاماراتية هو الحقائب النقدية، حيث تحاول رشوة القبائل المحلية في جنوب اليمن من اجل قتال الحوثيين، وأشار إلى تجنيد عناصر تابعة للقاعدة في هذه المعركة.
مشاكل اقتصادية تواجهها المملكة
برأي الكاتب، على حكام السعودية التنبه لوضع المملكة الاقتصادي، فإلى جانب معاركهم ضد "الاعداء الداخليين والخارجيين"، عليهم التعامل مع ازمتهم المالية، لافتاً الى أن سعر النفط انخفض مجدداً الى ما دون خمسين دولارا مقابل البرميل الواحد، وهو ما استدعى اقتراض المملكة 27 مليار دولار. ويرى الكاتب ان النفقات الباهظة في اليمن، الى جانب الاعانات المالية التي تم توزيعها عندما جاء الملك سلمان الى الحكم والتي تقدر قيمتها باثنين وثلاثين مليار دولار، قد استنزفت الخزانة السعودية ايضا.
وفي الختام يلفت الكاتب إلى ان محمد بن سلمان هو صانع القرارات الاساسية في القضايا الاقتصادية، حيث يرأس المجلس الاقتصادي والتنموي. ويعتبر ان ذلك يشير الى المشاكل التي تواجهها المملكة: حيث ان الموارد المتوفرة ليست كافية للقيام بما هو مطلوب.