ارشيف من :آراء وتحليلات

مبادرات ايران وروسيا: لا حل في سوريا من دون الأسد

مبادرات ايران وروسيا: لا حل في سوريا من دون الأسد

  المشهد السياسي للمنطقة يشهد تحركات سياسية تتناسب بشكل مطرد مع الجبهات المشتعلة في الميدان السوري. منها سري ومنها معلن تناولته بعض المصادر السياسية اللبنانية على أنه سُرب قصداً، كاللقاء الذي عقد بين وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان واللواء السوري علي المملوك في السعودية، وقد علق عليه الرئيس بري بانه كان يفضل عدم تسريبه من باب العمل على قاعدة "واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان".

مصادر سياسية لبنانية اعتبرت ان مجرد التسريب إعلامياً،  خلق إرباكا وبلبلة في صفوف حلفاء السعودية في لبنان، عبر تصوير اللقاء وكأنه انقلاب دراماتيكي في سياسة المملكة الإقليمية وتجاه النظام السوري تحديدا.

لذلك سارعت الرياض إلى الإعلان أن "هذا اللقاء هو ايصال رسالة موقف الرياض إزاء النزاع السوري بكل وضوح وشفافية، وأن موقفها من النظام السوري لم يتغير".

  اللقاءات السياسية المعلنة والسرية والمتوقعة أرجعها بعض المحليين السياسيين إلى أنها أتت على خلفية الاتفاق النووي الإيراني، حيث كثرت التكهنات بقرب حلول وتسويات سياسية مبنية على مصالح اقتصادية أخذت ملامحها تبرز في الأفق لمنطقة الشرق الأوسط، من خلال ظهور أكثر للدور الايراني كأهم اللاعبين البارزين في المنطقة وبأنه مفتاح الحل للأزمة السورية، التي عظم فيها دور "داعش"، الذي شكل هاجساً قوياً لدى أصحاب القرار بضرورة محاربة هذا التنظيم باعتباره خطرا يهدد الأمن القومي الإنساني أجمع.

مبادرات ايران وروسيا: لا حل في سوريا من دون الأسد

الرئيس السوري

من هنا، جاء كلام الرئيس بوتين مع محمد بن سلمان الذي وافقه على طرحه هذا، عندما التقاه في موسكو بأن تعاظم الفكر الارهابي واعماله الوحشية وتجاوزه لكل حدود البلدان، بات يشكل حاجة ملحة إلى وجود تحالف خماسي يجمع السعودية والأردن والعراق وسوريا وتركيا لمكافحة "داعش".

وضمن هذا السياق أيضاً، جاءت المحادثات الروسية  - السعودية (لافروف - الجبير) بالاتفاق على مجمل الملفات الإقليمية من اليمن (تطبيقا لقرار مجلس الأمن الرقم 2216 الذي ساھمت موسكو في صنعه عبر إحجامھا عن ممارسة الفيتو) الى العراق (حصة أكبر للسنّة في الحكم مقابل دور أكبر لھم في محاربة "داعش")، إضافة الى وجود رغبة مشتركة في تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية لا سيما في المجال العسكري وشراء السعودية للسلاح الروسي...

لكن خلال المؤتمر الصحفي، تعمد وزير الخارجية السعودي الجبير إظهار بعض الخلافات مع الجانب الروسي من اجل التضليل الإعلامي، حين باغته بالقول أن "المملكة لم تغيّر موقفھا تجاه الأزمة السورية"، وبأن "بشار الأسد جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل، وھو أحد الأسباب في نمو "داعش".، ومن الأفضل أن يرحل عبر عملية سلمية حتى لا يتم إرغامه على الرحيل عبر "عملية عسكرية".

لافروف حاول أن يكون أكثر تماسكاً في رده على ما قاله الوزير السعودي للإعلام بأن "مسألة رحيل الرئيس الأسد مرھونة بإرادة الشعب السوري، واتفاق جنيف الذي التزم به الجميع لم ينص على رحيل الرئيس الأسد، وتضمن صراحة الحفاظ على مؤسسات الدولة ومنھا الجيش السوري وتشكيل مجلس انتقالي، ولا يمكن حل مشكلة بقاء الرئيس بشار الأسد بالطرق العسكرية، لأن السبيل الوحيد للحل العسكري ھو استيلاء التنظيم المتطرف والإرھابيين على السلطة، ولا يريد أحد ذلك".

فموسكو ترى أن بقاء النظام السوري ضروري لسحق "داعش"، وأن إزاحة الرئيس  الأسد ستؤدي إلى انھيار النظام، ولذلك يجب إبقاء الأسد، ريثما يتمكن النظام من استعادة قواه لتحقيق سحق "داعش".

وھنا تكمن نقطة الخلاف مع واشنطن التي ترى أن الحؤول دون انھيار النظام يتطلب ارضاء القوى الضرورية في المعركة ضد "داعش"، من تركيا إلى الدول الخليجية إلى المعارضة المسلحة المعتدلة، وكل هذه القوى لن ترضى بأن تسحق "داعش" لتدعم بقاء الأسد في السلطة، ولذلك أيضاً ترى واشنطن أن إنقاذ النظام من الانھيار يتطلب من موسكو وطھران الاقتناع بأن لا مناص من إيجاد تسوية سياسية مقبولة من جميع الأطراف، وھذا ما عبّر عنه الرئيس باراك أوباما.

إسرائيل المتابعة عن كثب لحركة الاتصالات الدولية بشأن الملف السوري، ترى نفسها معنية مباشرة بمصير سوريا. لذا بدأ محللوها السياسيون يعلنون توقعاتهم ورغباتهم  بصعوبة صمود نظام الأسد لفترة طويلة.

فالباحث في الشؤون السورية "إيال زيس"  وصاحب أكثر من كتاب عن سوريا، يشير الى أنه "للمرة الأولى منذ بداية الحرب الأھلية باتت قوات المعارضة على أبواب دمشق ودرعا والقنيطرة وعلى مشارف اللاذقية.  لكن ھذا لا يعني السقوط الوشيك، فنظام الأسد "يترنح" لكنه لا يزال واقفاً على قدميه".

في السياق نفسه، كتب مراسل صحيفة "التايمز" البريطانية في بيروت توم كوغلان أن "بشار الأسد أمر جيشه بالتراجع الى خط دفاعي جديد بالقرب من القرداحة، مسقط رأس عائلة الأسد في شمال سوريا، في خطوة تزيد المخاوف في موسكو وطھران من أن نظامه اقترب من السقوط".

هذا الضغط المتزايد على النظام السوري دفع حليفتيه روسيا وطهران إلى إظهار الرغبة في الوصول الى حل تفاوضي للأزمة السورية. ولوحظ دبلوماسيا كثافة اللقاءات التي أجريت على أعلى المستويات في الأسابيع القليلة الماضية بشأن سوريا بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية والسعودية وتركيا وإيران. فهل تشهد هذه اللقاءات حلولاً لأكثر الملفات الشائكة في المنطقة وابرزها الملف السوري؟

رغم الحملة الإعلامية التي تشكك بمستقبل الرئيس الأسد بهدف ضرب المعنويات وزرع الشك بين الحلفاء جاءت مبادرات  ايران وروسيا وعمان لتؤكد ان ليس هناك من حل سياسي في سوريا من دون الرئيس الأسد  وهناك معلومات حول لقاءات سرية بين ممثلين للحكومة السورية وجهات أميركية وسعودية لانضاج التسوية السياسية وتحضير الرأي العام لتقبل النتائج .

2015-08-18