ارشيف من :أخبار لبنانية

الصحف الاجنبية: معركة الاتفاق النووي في اميركا متواصلة

الصحف الاجنبية: معركة الاتفاق النووي في اميركا متواصلة

مجددا، سلطت الصحف الاجنبية الضوء على احتدام الصراع الداخلي الاميركي على الاتفاق مع ايران، حيث تحدثت عن مساعي ادارة اوباما كسب تأييد الديمقراطيين في الكونغرس للاتفاق في ظل مساع تقودها اسرائيل ومن معها في الداخل الاميركي لتصعيد الحملة الهادفة الى شيطنة ايران وتشويه صورتها. من جهة اخرى نُشرت مقالة على موقع معهد بروكنغز(المقرب من قطر) تدعو الى فك ارتباط "جبهة النصرة" عن تنظيم "القاعدة" واعتمادها شريكاً في سوريا، وهو الامر الذي يدل على حالة التخبط لدى الجهات التي تعمل على الاطاحة بالنظام في سوريا.

الصراع الاميركي الداخلي حول الاتفاق مع ايران

تحت عنوان "البيت الابيض يحشد الحلفاء في المبارزة حول الاتفاق مع ايران"، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً يسلط الضوء على معركة لكسب تأييد الاعضاء الديمقراطيين في الكونغرس، ضمن اطار الصراع الداخلي الاميركي حول الاتفاق مع ايران.

ويشير التقرير الى ان الرئيس الاميركي باراك اوباما يجري مكالمات هاتفية من مقر اجازته مع اعضاء ديمقراطيين في الكونغرس من اجل حشد التأييد للاتفاق مع ايران، والذي سيصوت عليه الكونغرس الشهر المقبل.

كما يلفت التقرير الى ان ذلك يأتي ضمن حملة منسقة من قبل البيت الابيض، الذي يحظى بدعم ائتلاف يتكون من المنظمات التقدمية وتلك المعارضة للحروب، و تهدف هذه الحملة الى اقناع الديمقراطيين الذين لم يحسموا بعد موقفهم ازاء الاتفاق النووي مع ايران.

ويفيد التقرير ان هذا الائتلاف المؤيد للاتفاق يعقد اجتماعا اسبوعياً حيث يرسم الاستراتيجيات ويخطط للاعلانات المؤيدة للاتفاق.

الصحف الاجنبية: معركة الاتفاق النووي في اميركا متواصلة

الاتفاق النووي

من جهة اخرى يشير التقرير الى الجهة المقابلة، والتي يقودها لوبي ايبك الموالي ل"اسرائيل" وهي الجهة التي تضغط على الديمقراطيين من اجل رفض الاتفاق.

كذلك يتطرق التقرير الى الدور الذي يلعبه السفير الاسرائيلي لدى واشنطن "رون درمر"، والذي يعد من المقربين لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، ناقلا عن مسؤول اسرائيلي طلب عدم الكشف عن هويته، ان "السفير الاسرائيلي اجتمع مع اكثر من ستين عضوا في الكونغرس خلال الشهر الفائت، كما أنه تحدث مع الجميع، خاصة الديمقراطيين، الذين سيحسمون في النهاية هذه القضية.

ولكن في الوقت نفسه يلفت التقرير الى الانقسام حتى بين المنظمات اليهودية داخل الولايات المتحدة. فبينما يضغط ايبك من اجل رفض الاتفاق، بدأت جماعة "جي ستريت" اليهودية بحملة اعلانات ترويجاً له، والتي تبلغ قيمتها 5 مليون دولار. كما يقول التقرير ان "جي ستريت" يوفد مسؤولين عسكريين سابقين ودبلوماسيين الى الكونغرس، و يحاول طمأنة الديمقراطيين بانهم لن يواجهوا رد فعل سلبي من قبل الناخبين اليهود جراء تأييدهم الاتفاق.

بدوره، كتب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي السيناتور الجهوري "بوب كوركر" مقالة نشرتها صحيفة واشنطن بوست، تحت عنوان: " على الكونغرس رفض الاتفاق السيء مع ايران".

ويقول كوركر انه من مسؤولية الكونغرس ان يحدد ما اذا كان هذا الاتفاق "يصب لمصلحة الولايات المتحدة، و يجعلها اكثر امناً، ويمنعها من تطوير برنامج لصنع الاسلحة النووية"، مشيراً في الوقت ذاته الى عدم اعتقاده ذلك.

كذلك يعتبر السيناتور الاميركي ان نظام تفتيش المنشآت النووية الايرانية الذي اتفق عليه تسوده الثغرات.

غير انه يرى ان القضية الاكبر تتعلق بالوضع في منطقة الشرق الاوسط. فيقول انه "في غياب سياسة مفصلية في المنطقة، فان هذا الاتفاق سيصبح محور استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الاوسط". ويضيف في هذا الاطار ان ذلك يعني "الاعتماد على ايران من اجل المساعدة على تحقيق اهدافنا في العراق و سوريا وربما اماكن اخرى". السيناتور الاميركي يقول ان ذلك قد يدفع باطراف اخرى في المنطقة الى المخاطرة بشكل اكبر، ما سيؤدي الى "المزيد من الفوضى" بحسب تعبيره. و يلفت الى ان ايران كانت تدرك ماهية سياسة اوباما المبنية على "اعادة توازن" المنطقة، معتبراً ان ذلك قد ساعد القيادة الايرانية على جعل الاتفاق يصب لصالحها.

الصحف الاجنبية: معركة الاتفاق النووي في اميركا متواصلة

الكونغرس

الكاتب يتحدث كذلك عن امتلاك ايران "استراتيجية اقليمية" خلافاً لواشنطن بحسب ما يرى، و يلفت في هذا الاطار الى ان الاتفاق النووي سيعزز هذه الاستراتيجية.

ويشير "كوركر" الى توسيع الدور الايراني في العراق و سوريا في ظل ما يعتبره تخبطا اميركيا بشأن الاستراتيجية التي يجب ان تتبع في هذه الدول.

افضل وسيلة للرد على ايران، برأي الكاتب، هي برفض الكونغرس الاتفاق الذي "يقوي ايران من خلال منحها مليارات الدولارات خلال العقد المقبل"، والذي يرفع الحظر المفروض على الاسلحة التقليدية و تكنولوجيا الاسلحة البالستية.

ويختم بالقول ان هذا الاتفاق يترك الولايات المتحدة عرضة لصعود ايران وهي اكثر قدرة على تحقيق ارادتها في الشرق الاوسط، مطالباً الكونغرس برفض الاتفاق و اعادته الى الرئيس.

أما الباحث "دانييل بنجامين" الذي شغل منصب منسق مكافحة الارهاب في وزارة الخارجية الاميركية بين عامي 2009 و 2012، فقد كتب مقالة نشرت في مجلة فورين بوليسي تحت عنوان: " هل ايران على وشك اطلاق عنان موجة ارهاب على الولايات المتحدة".

الكاتب يقارب ما يقوله معارضو الاتفاق مع ايران لجهة امكانية قيام طهران بعمل ارهابي يستهدف الولايات المتحدة في حال تم تمرير هذا الاتفاق. و يشير الى ان ايران لم تمارس اطلاقاً الارهاب الذي مارسته القاعدة و توابعها.

كما يلفت الكاتب الى ما يقال مؤخراً عن دور ايراني باستهداف القوات الاميركية التي كانت تحتل العراق، و الذي يرمي كذلك الى تعطيل الاتفاق من خلال التخويف مما قد تقوم به طهران في حال تمرير الاتفاق. وهنا يشير الكاتب الى ان ذلك لا يعتبر ارهاباً، لأن الهجوم حصل ضد قوات متواجدة "داخل منطقة قتال". و يضيف انه لا يمكن الحديث عن حتمية "ارهاب ضد اميركا" الا اذا كانت الولايات المتحدة تنظر في تواجد عسكري كبير في جوار ايران.

من جهة اخرى يعرب الكاتب عن تأكيده بان تستفيد ايران من هذا الاتفاق من اجل تعزيز دعمها للرئيس السوري بشار الاسد، لكنه يضيف في الوقت نفسه ان ذلك يشكل "انباء سيئة" للذين يريدون رحيل الاسد، بينما "لا يشكل انباء سيئة كثيراً بالنسبة للذين يتخوفون من ان تسيطر "داعش" على البلاد". كما يلفت الى ان طهران ستعزز دعمها لحزب الله، و ان حزب الله باق في المدى المنظور. بينما يشير الى ان المجموعات مثل جبهة النصرة وداعش تشكل تهديدا اكثر من اي طرف آخر.

كما يتوقع الكاتب ان تقدم ايران الدعم للحوثيين في اليمن، و لحلفائها في العراق، الا انه يستبعد في النهاية ان تقوم "بهجمات ارهابية" تستهدف الولايات المتحدة.


الملف السوري

من جهته، نشر الباحث الاميركي "كلينت واتس" مقالة نشرت على موقع معهد بروكنغو تحت عنوان: "هل على الولايات المتحدة التفاوض مع الارهابيين؟"

يقول الكاتب ان "النصرة" باتت تدرك ان الاثمان التي تدفعها بسبب تبعيتها لتنظيم "القاعدة" تفوق مكاسب هذه التبعية، مشيراً في هذا السياق الى الضربات الجوية الاميركية التي استهدفت النصرة في سوريا. و في محاولة لتلميع صورة النصرة، يجري الكاتب مقارنة بينها وبين داعش، حيث يلفت الى انه في خريف عام 2014 الماضي قام "داعش" باعدام عمال اغاثة غربيين، بينما افرجت "النصرة" عن قوات حفظ السلام في الجولان. كما يتطرق الكاتب في هذا الاطار الى ما قاله زعيم النصرة ابو محمد الجولاني خلال المقابلة التي اجرتها معه قناة الجزيرة في شهر ايار/مايو الماضي، بان مساعي النصرة ترمي الى الاطاحة بنظام الاسد و بانها لن تقوم بمهاجمة دول غربية.

بالتالي يعتبر الكاتب انه يمكن فك النصرة عن القاعدة في حال تم تقديم الحوافز المطلوبة. و يطرح سؤآلا عن امكانية تفاوض الولايات المتحدة مع النصرة كسبيل لتأمين قوات برية يمكن التعويل عليها من اجل الاستفادة منها ضد الاسد و"داعش" و كذلك وقف تقدم القاعدة في سوريا.(على فرضية فك النصرة عن القاعدة طبعاً)

ويرد الكاتب نفسه على هذا السؤآل حيث يقول ان "الولايات المتحدة يجب ان لا تتفاوض مع النصرة وهي في تركيبتها الحالية، وانما محاولة تفكيكها ومن ثم التفاوض مع الجماعات المنشقة". كما يضيف ان التفاوض مع تلك الجماعات التي هي عازمة على هزيمة الاسد ولكنها في الوقت نفسه لا تملك بديلاً عن النصرة، قد يكون مسارا بديلاً لانشاء قوات البرية تعمل وفقاً للاجندة الاميركية.

و يحدد الكاتب ست خطوات من اجل تنفيذ هذا المخطط:

  اولاً، ان يحافظ او يعزز التحالف الدولي وتيرة الضربات الجوية ضد النصرة، حيث يواصل استهداف الشخصيات التابعة للقاعدة "الذين يقدمون الاستشارة لجبهة النصرة". (بحسب تعبير الكاتب)

ثانياً، ان توضح الولايات المتحدة بان الضربات ضد النصرة هي نتيجة مباشرة لارتباطاتها مع القاعدة.

ثالثاً: ان تضاعف الولايات المتحدة مساعيها لوقف التمويل الدولي للنصرة، و ذلك من خلال العمل مع السعوديين و القطريين الذين يعتقد انهم يقدمون التمويل للجماعة.

رابعاً: على الولايات المتحدة ان تشير إلى هذه الدول الشريكة نفسها، انها قد تكون مستعدة للسماح بتقديم دعم مالي و ربما عسكري الى الفصائل السورية التي تركز جهودها على محاربة الرئيس السوري بشار الاسد والتي هي على استعداد لفك تحالفها مع الجولاني.

خامساً: في حال حصل الانقسام داخل صفوف النصرة، على الولايات المتحدة ان تسمح بشكل من اشكال اعلان العفو عن الذين يتنصلون من النصرة والقاعدة.

اخيراً، يدعو الكاتب الى تبني الولايات المتحدة للجماعة المنشقة و اعتبارها قوة برية اكثر قدرة على انهاء الحرب الاهلية مقارنة مع "المعتدلين" الذين تدربهم واشنطن.

ويخلص الكاتب في النهاية الى وجوب التفاوض وتقديم عرض العفو في اطار التعاطي مع المجموعات المتطرفة في ظل الامتناع عن ارسال واشنطن قوات برية اميركية الى المعركة.

2015-08-18