ارشيف من :آراء وتحليلات
بحر الصين الجنوبي: حل دبلوماسي أو حرب مستعرة
دائماً ما نسمع عن توتر الأوضاع وارتفاع وتيرة الخلافات حول بحر الصين الجنوبي. النزاعات على الحدود المائية تضاهي في أهميتها النزاعات على الحدود البرية، كلاهما يعتبر من أصل سيادة الدولة التي لا يمكن التخلي عن أي جزء منها.
عندما يقع أي خلاف على أية منطقة في العالم، يعني أنه لا بد أن تكون لهذه المنطقة أهمية بالنسبة إلى أطرافها، كما يمكن أن يكون هناك محرك خارجي لبعض الأطراف من أجل إثارة النزاع، حيث تسعى أميركا إلى دعم الدول المجاورة للبحر كضغط مستمرٍ من قبلها على بكين.
أهمية الموقع
يقع بحر جنوب الصين غرب المحيط الهادئ -ويعتبر جزءا منه- ويشمل المنطقة الممتدة من سنغافورة إلى مضيق تايوان، ويعد أكبر بحر في العالم هو والبحر الأبيض المتوسط بعد المحيطات الخمسة، وتبلغ مساحته 3.5 ملايين كيلومتر مربع.
بحر الصين الجنوبي
تأتي الأهمية الاستراتيجية لبحر جنوب الصين باعتباره ثاني أكثر الممرات البحرية -على مستوى العالم- ازدحاماً بالحركة، وتمرُّ به شحنات تجارية قيمتها خمسة تريليون دولار، أي نصف حركة الشحن في العالم، كذلك يُعتقد انه يحتوي على احتياطات هائلة من النفط والغاز الطبيعي تحت رمال قاعه.
يتناثر في هذا البحر أكثر من 250 جزيرة، لذلك فإنه يعتبر إحدى بؤر التوتر الساخنة في جنوب شرق آسيا. وهناك صراع على احتلال أكبر عدد ممكن من جزره التي لا يتجاوز حجم بعضها بضعة صخور.
تصنع جزر بحر الصين الجنوبي (الصغيرة جداً) أرخبيلا يتضمن المئات من هذه الجزر. فتتصارع دول عدة على حقوق سيادة هذا البحر وجزره (غير المأهولة بمعظمها).
اتفاق اسيان
عام 2002 وقعت الصين ودول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) على اتفاقية للامتناع عن احتلال الجزر المرجانية غير المأهولة في البحر، أو إقامة منشآت جديدة يمكن أن تفاقم الخلافات، إلا أن دولا عدة -منها الفلبين وفيتنام- اتخذت إجراءات أحادية الجانب.
وبشكل مستمر تحتج الصين على تحركات الفلبين في الجزيرة، معتبرة هذه الإجراءات انتهاكا لسيادتها وسلامة أراضيها بشكل خطير، مؤكدة أن بحر جنوب الصين والمياه المحيطة به "جزء لا يتجزأ من أراضي الصين كما يثبت التاريخ".
تعتمد الصين على خريطة موروثة من الفترة القومية -ما يسمى "خط النقاط التسع"، والذي يمتد ما يقرب من ألف ميل جنوب البر الرئيسي للصين ويقترب في بعض الأحيان من سواحل دول مثل فيتنام وماليزيا وبروناي والفلبين، لمسافة قد لا تزيد على أربعين إلى خمسين ميلاً. وكل هذه الدول تطالب بالمناطق الاقتصادية الخاصة التي تبلغ مئتي ميل والممنوحة لها بموجب قانون معاهدة البحار.
تتهم الصين من قبل الولايات المتحدة الأميركية بإجراء اعمال ضخمة لردم البحر في بحر الصين الجنوبي.
محرك أميركي
ينظر إلى بحر الصين الجنوبي على أنه أرض اختبار رئيسة للمنافسة الصينية الأميركية، حيث تتصاعد القوة العسكرية للصين، خاصة قوتها البحرية، وتحاول الولايات المتحدة تقليم قوة الصين من خلال خصومها في البحر للحفاظ على تفوقها الإقليمي والعالمي.
لقد أخذت التصريحات الأمريكية والصينية بشأن النزاع حول بحر الصين الجنوبي منحىً خطيراً، خصوصا مع إصرار الولايات المتحدة على اتخاذ بعض الخطوات الاستفزازية والرفض الدائم الى أي نشاط عسكري أو تجاري داخل الجزر المتنازع عليها والتي لها أهمية كبيرة في ترسيم الحدود الدولية في منطقة شرق آسيا، وتضم مصائد أسماك غنية، وكميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي، مما جعلها مطمعًا للعديد من الدول ومحلا للنزاع بينهم.