ارشيف من :آراء وتحليلات
تعاون تونسي جزائري طاقي في المياه الإقليمية المشتركة
تستعد الدولتان التونسية والجزائرية لإطلاق مشروع مشترك للنقيب عن النفط في المياه الإقليمية المتداخلة بين البلدين. ويؤكد عدد من الدراسات والبحوث المجراة في هذه الإطار احتواء هذه المنطقة المتاخمة لسواحل مدينتي طبرقة التونسية وعنابة الجزائرية على كميات هائلة من النفط يرغب البلدان في التنقيب عنها واستغلالها استغلالا مشتركا.
وقد كان من المفروض أن ينطلق إنجاز المشروع من قبل شركتي النفط الوطنيتين في سنة 2011 إلا أن الظروف الاستثنائية التي مرت بها تونس عطلت كل شيء وبقي الأمر في انتظار أن تستعيد الخضراء عافيتها وتنتخب مؤسساتها الجديدة بعد الخروج من المرحلة الانتقالية. وبالفعل فقد أعلن الرئيس المدير العام لشركة سونطراك النفطية الجزائرية أن عمليات التنقيب المشار إليها ستنطلق قريبا بعمق 2500 متر داخل البحر في المياه الإقليمية المتداخلة بين تونس والجزائر.
تعزيز التعاون
ويؤكد جل الخبراء والمحللين على أن هذا المشروع الضخم سيعزز بالأساس من التعاون والتنسيق المشترك بين البلدين في منطقة يعتبر فيها التعاون بين الأشقاء عملة نادرة. فالبلدان المغاربية لا تعامل فيما بينها وترتبط كل دولة من هذه الدول باتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي تجعل فرنسا والأوروبيين عموما الشركاء الأوائل لهذه البلدان.
تونس والجزائر
فالتجارة البينية ضعيفة بين بلدان المغرب العربي التي تمنعها أزمة الصحراء الغربية من المضي قدما في اتحادها الذي تعطلت مؤسساته بسبب هذه القضية العصية على الحل. كما أن المشاريع المشتركة نادرة رغم أن فرص التعاون كبيرة في أكثر من مجال إذ يحتوي كل بلد من هذه البلدان على إمكانيات طاقية ومنجمية ضخمة وهائلة تستغلها بالاساس أطراف أجنبية وبأثمان بخسة .
الطاقة البديلة
ويحبذ التونسيون الاستثمار بالأساس في الطاقات البديلة غير الملوثة على غرار الطاقة الشمسية في الصحراء الكبرى الإفريقية التي تطل عليها هذه البلدان وفيها شمس حارقة لاهبة على مدار السنة. كما أن لتونس اتفاقية مع الجانب الروسي سيتم الشروع في تنفيذها في قادم الأيام تتعلق بإنتاج الكهرباء بالطاقة النووية بما أن تونس من المصدرين والمنتجين الأول في العالم لمادة الفوسفات الذي يستخرج منه اليورانيوم الذي يستغل في إنتاج الطاقة النووية، لكن هذا المشروع لا يحظى باتفاق جميع الأطراف باعتبار أن الطاقة النووية ملوثة للبيئة.
يشار إلى أن تونس ومنذ عام 2000 بات لديها عجز طاقي طفيف ولم يعد إنتاجها المحلي من النفط والغاز كافيا لسد الحاجيات، ويذهب الجزء الأكبر للإنتاج النفطي التونسي لإنتاج الكهرباء. وتغطي الخضراء هذا العجز من خلال أنبوب الغاز الجزائري الذي يعبر أراضيها باتجاه إيطاليا منذ سنة 1983 وتنال منه نصيبا لقاء مروره من تونس، كما أن اكتشافات طاقية جديدة حصلت في جنوب البلاد جعلت خبراء الطاقة يؤكدون على أن هذا القطاع سيكون واعدا في تونس في قادم السنوات وقد يساهم في النمو المتوقع للخضراء. فهذه الاكتشافات النفطية سواء في الجنوب أو في عرض البحر بالاشتراك مع الجزائريين ستجعل تونس تستغني نهائيا عن استخراج الغاز الصخري أو غاز الشيست المتوفر بكميات وفيرة وسط البلاد باعتبار أن عملية استخراجه ملوثة للمائدة المائية.
مخزون استراتيجي
كما أن الاستثمار الفعلي في الطاقتين الشمسية والنووية لإنتاج الكهرباء الذي سينطلق قريبا سيمكن الخضراء من المحافظة على احتياطيها النفطي للأجيال القادمة كمخزون استراتيجي. كما قد تعود البلاد إلى التصدير لفائضها الإنتاجي كما كان عليه الحال في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي حين كان عدد السكان محدودا والاستهلاك قليلا.
وسيبقى الغاز الصخري أيضا للأجيال القادمة لتقرر بشأنه ما تراه مفيدا إذا تطورت تقنيات استخراجه يوما ما ولم تعد ملوثة للبيئة.