ارشيف من :آراء وتحليلات

هل تتعارض صفقة صواريخ ’اس 300 ’ مع الاتفاق النووي؟

هل تتعارض صفقة صواريخ ’اس 300 ’ مع الاتفاق النووي؟

حرك الاتفاق النووي بين ايران والسداسية الدولية المياه الراكدة في صفقة صواريخ "اس 300 " العالقة بين ايران وروسيا، الصفقة المجمّدة منذ عام 2010، بسبب الضغوطات الدولية، ووضع عصي العقوبات الاممية في دواليبها، تعود الى الواجهة مجدداً هذا الاسبوع، حيث يرتقب أن يزور وفد عسكري ايراني موسكو، للتوقيع على العقد المحدّث بين البلدين بشأن منظومة الصواريخ، والذي يفترض ان يضمن تسليم روسيا لطهران عددا أكبر من الكتائب (4) المتفق عليها سابقاً (3) قبيل الاتفاق النووي.

هذه الخطوة المستجدة على طريق تنفيذ الصفقة الروسية - الايرانية الاكبر والتي ستمكن طهران من امتلاك قدرة دفاع جوي متقدمة، سبقها خطوات تمثلت برفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نيسان الماضي الحظر الذاتي المفروض على توريد هذه المنظومة الى ايران، وتأكيدات روسية بأن منظومات إس – 300، المضادة للجو، هي سلاح دفاعي خالص، لضمان أمن المواقع النووية السلمية الايرانية، كما سبقها اعلان شركة "ألماز أنتي" الروسية لإنتاج الأسلحة في حزيران الماضي، أنها ستزود إيران بنسخة محدثة من أنظمة "أس - 300" التي تعد من بين أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطوراً في العالم بمجرد التوصل لاتفاق مع الطرف الايراني.

الاتفاق حصل وفق ما اعلن الطرفان الاسبوع الماضي، فالمفاوضات استكملت وافضت الى إعداد نص اتفاق جدید بين روسيا وايران، حسبما اعلن منذ ايام وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان، الذي أكد أن بلاده ستوقع مع روسيا اتفاقية تسليم منظومة "أس-300" لطهران هذا الأسبوع وستستلم المنظومة بعد التوقيع بوقت قصير. رجحت  روسيا ان يكون موعد التسليم قبل نهاية العام الحالي.

هل تتعارض صفقة صواريخ ’اس 300 ’ مع الاتفاق النووي؟

واذا كان من المرتقب ان تتخلى إيران بمجرد تنفيذ الصفقة المحدثة عن الدعوى القضائية التي كانت قد رفعتها ضد روسيا على خلفية رفض الأخيرة إتمام الصفقة عام 2010، الا أن رد الفعل الاميركي على الصفقة المرتقبة لم يخرج عن السياق التقليدي ومحاولة عرقلتها من بوابة بنود الاتفاق النووي نفسه التي تنص على الاستمرار بحظر الأسلحة الأممي المفروض على إيران لمدة خمس سنوات، والاستمرار بالحظر على مبيعات الصواريخ البالستية لثماني سنوات. وهو البند الذي استندت اليه الادارة الاميركية للاعلان بأنها تدقق فيما اذا كانت صفقة التسليح الروسية الايرانية تشكل اختراقاً لبنود الاتفاق النووي.

من هنا تطرح صفقة "أس 300" بين ايران وموسكو، ربطاً ببنود الاتفاق النووي اشكالية جوهرية، قد تخلق تأويلات واجتهادات متناقضة، على الساحة الدولية، كما يتوقع ان يشكل تنفيذ تلك الصفقة اختباراً للاطراف الدولية، ومدى جديتها في الالتزام بالاتفاق من جهة، وفي بناء الثقة مع ايران من جهة أخرى. وللوقوف على حقيقة الموقف ومدى تعارض أو تطابق الصفقة مع بنود الاتفاق النووي لا بد من العودة الى نصوص هذا الاتفاق وما أحالت اليه من قرارات دولية.

*العقوبات على طهران

وبالعودة الى سلة العقوبات الدولية المفروضة على إيران، يتضح أنها تخضع لأربع حزم من عقوبات للامم المتحدة، وردت في سبعة قرارات صدرت بين 2006 و2015 رداً على تمسك طهران ببرنامجها النووي.

هذه القرارات السبعة نص الاتفاق النووي الاخير، على إلغائها (القرارات 1696 و1737 و1747 و1803, و1835, و1929 و2224) بمجرد تلقي مجلس الامن تقريراً من الوكالة الدولية للطاقة حول احترام الاتفاق .

ومن بين هذه القرارات المشار اليها واهمها :

القرار 1696 (2006): يطالب بتعليق ايران جميع انشطتها المتصلة بالتخصيب النووي.

القرار 1737 (الصادر في 23 كانون الاول/ديسمبر 2006): يجمد اصول الكيانات المرتبطة بالبرنامج النووي الايراني وبرامج الصواريخ البالستية وأصول 12 شخصية.

القرار 1747 (الصادر في 24 اذار/مارس 2007): يمدد لائحة العقوبات اعلاه، بمنع واردات الاسلحة الى ايران وتقييد القروض الممنوحة لها.

القرار 1803 (الصادر في 3 آذار/مارس 2008): يحظر تزويد ايران بسلع ذات استخدام مزدوج (مدني وعسكري).

القرار 1929 (الصادر في 9 حزيران/يونيو 2010): يحد من الاستثمارات الايرانية ويحظر بيع ايران بعض الاسلحة الثقيلة.

*قراءة في القرارات السبعة

قراءة سريعة وعامة في مضمون القرارات الدولية السبعة الصادرة بحق ايران، تظهر انها صدرت بمجملها تحت عنوان: "الحد من الانتشار النووي". وانها حوت المقدمة نفسها، والاسباب الموجبة، واكدت جميعها من بندها الاول على الالتزام بمعاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية، واستخدام الطاقة النووية للاغراض السلمية. واعربت في معظم بنود القرارات عن القلق إزاء ما اسمته "اخطار الانتشار التي يمثلها برنامج ايران النووي"، لتؤكد على مسؤوليتها بموجب ميثاق الامم المتحدة عن حفظ السلام والامن الدوليين.

اما فيما يخص التدابير العقابية التي اتخذها مجلس الامن ضد طهران في قراراته السبعة، فقد ادرجها تحت المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ومن هذه التدابير:

-       منع توريد جميع الاصناف والمواد والمعدات والسلع والتكنولوجيات التي من شأنها ان تساهم في انشطة ايران المتصلة بالتخصيب ..، او في تطوير منظومات ايصال الاسلحة النووية الى ايران او بيعها او نقلها اليها. (القرارا 1737 -2006 )

-       منع ايران من توريد او بيع او نقل اي اسلحة او عتاد ذي صلة (القرارا 1747 -2007 )

-       منع الدول الاعضاء من توريد او بيع او نقل اي دبابات او مركبات قتالية مدرعة ومنظومات مدفعية من العيار الكبير او طائرات قتالية او هيلوكوبتر هجومية او سفن حربية او قذائف او منظومات قذائف على النحو المحدد لاغراض سجل الامم المتحدة للاسلحة التقليدية. (القرارا 1747 -2007 ).

-       أعاد البند 8 من القرار 1929 -2010 ايراد الفقرة اعلاه واضاف عليها ما يتصل بها من اعتدة بما في ذلك قطع الغيار. كما تضمن القرار الا تضطلع ايران باي نشاط بالقذائف التسيارية القادرة على ايصال الاسلحة النووية.

-       بعد ذلك اتى القرار 2224 - 2015 ليعيد التأكيد على التدابير المتخذة في قراراته السابقة ( 1737 -1747 - 1803 -1929 ).

الخلاصة :

انطلاقاً مما تقدم، يظهر جلياً بعض النتائج الحتمية المرتبطة بالقرارات الدولية السبعة ضد طهران وابرزها:

1.    صياغة القرارات السبعة واضحة لجهة العنوان والمضمون والتعليل والهدف الذي تبتغيه، الا وهو منع "الانتشار النووي وتطوير منظومات ايصال الاسلحة النووية"، وهذه العبارة وردت بحرفيتها في معظم بنود القرارات المشار اليها.   

2.    لا تأتي القرارات السبعة على ذكر اي منظومات دفاعية وتحصر الحظر على الصواريخ البالسيتية والقذائف التسيارية. القادرة على حمل رؤوس نووية.

3.    وفيما يخص الصواريخ غير البالسيتية، فان القرارات (1747 /فقرة 6 / - 1929 ) تحدد حصراً وليس على سبيل المثال ما يشمله الحظر الدولي (دبابات او مركبات قتالية مدرعة ومنظومات مدفعية..). ما يعني ان الحظر يبقى سارياً فقط على ما هو محدد في النص ولا يشمل ما لم يأت على ذكره.

4.    ابعد من ذلك، واضح من القرارات الدولية السبعة بشكل لا لبس فيه ان الهدف منها هو منع ايران من امتلاك اسلحة هجومية ( مركبات قتالية، سفن حربية، هيلوكوبتر هجومية..)، وهي لم تأت على ذكر او منع ايران من امتلاك اي سلاح او منظومة دفاعية، ولو ارادت ذلك لكانت تركت التعابير عامة ولما كان خصصتها بايراد عبارت (هجومية، قتالية،..) في توصيف الاسلحة التي يفرض الحظر عليها.

  مما تقدم، يتضح ان الاسلحة الدفاعية غير مشمولة في قرارات الحظر الاممية السبعة، ما يعني ان صفقة "اس 300" تبقى خارج دائرة هذه القرارات، وبالتالي خارج دائرة بنود الاتفاق النووي التي أبقت الحظر الدولي لمدة 5 سنوات على قائمة الاسلحة المحددة في قرارات مجلس الامن (1747 و1929) وآخر لمدة ثمان سنوات فيما يتعلق بالصواريخ الباليستية. وكون منظومة "اس 300" هي منظومة دفاعية بحتة وليست هجومية، وكونها لا تصنف ضمن الصواريخ الباليسيتة، التي يمكن ان تحمل رؤوسا نووية، فانها لا تدخل بالتالي في سياق المحظورات الواردة في مدرجات القرارات الدولية السبعة.

2015-08-24