ارشيف من :آراء وتحليلات

أفغانستان وفرصة القرن

أفغانستان وفرصة القرن

عون هادي حسين

ما يزال المشهد الأفغاني على ضبابيته، والتعقيد سيد الموقف، لا سيما بعد النكسة التي مُنيت بها مساعي "السلام الأفغاني- الأفغاني "- التي يهرول لها الصينيون والباكستانيون أكثر من الأفغان أنفسهم - على إثر وفاة زعيم حركة طالبان الأفغانية المُلا عمر، وما زاد الموقف تعقيداً على الوسطاء الإقليميين (الصين وباكستان ) تلك التصريحات النارية الأخيرة للرئيس الأفغاني أشرف غني، التي تدل على ارتباك شديد داخل حكومة الائتلاف الأفغانية، والذي فسر محللون بأنه جاء نتيجة صراع حاد بين الأطراف الإقليمية وتضارب أجندات الدول الإقليمية في أفغانستان .

يرى خبراء بالشأن الأفغاني أن تصريحات الرئيس الأفغاني سببها الضغوط القوية التي يتعرض لها الرئيس من داخل الحكومة الأفغانية، إضافة إلى التصور المبالغ فيه حول النفوذ الباكستاني داخل حركة طالبان، الحركة التي أدت تكرار هجماتها المتعاقبة في مختلف أنحاء أفغانستان إلى زيادة مشاعر العداء لباكستان في الرأي العام الأفغاني ودوائر القرار في افغانستان، على خلفية تصور عملت على ترسيخه وسائل إعلام أجنبية لها أجندتها الخاصة حول  الهيمنة الباكستانية على حركة طالبان .

أفغانستان وفرصة القرن

افغانستان

من جهتها، تحاول طالبان جاهدة تعزيز موقفها على طاولة الحوار من خلال فرض سلطتها على الأرض، كما يسعى المُلا اختر الى إثبات أن طالبان هي هي، وأن وفاة المُلا عمر لم يغير حقيقة ان طالبان هي الأقوى على الأرض، وقد استطاع بالفعل وبكل جدارة كسب ولاء معظم "امراء" الولايات والمناطق الأفغانية، كما استحصل على تأييد زعيم القاعدة ايمن الظواهري، و حركة طالبان باكستان و بعض الدوائر الدينية في باكستان، أما الكلام عن تفكك طالبان ومشاكل داخلية تهدد مستقبل الحركة فهو مجرد  " حرب اعلامية "لإضعاف طالبان بحسب الكاتب والصحفي سليم صافي ، المعروف عنه قربه من الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي . يضيف صافي" معنويات طالبان عالية بسبب نجاحاتها الأخيرة ، وخروج قوات الإحتلال الأمريكي من أفغانستان ".

لكن في الوقت نفسه، طالبان الآن ليست في وضع يمكنها من عقد جولة ثانية من جلسات الحوار المباشر، فهناك عمل كثير ينتظر القائد الجديد لطالبان على الصعيد الداخلي للحركة، قبل الشروع بجولة حوار جديدة، وإن كان لا مفر من عقد هذه الجولة والإستمرار في الحوار، فليس أمام الأفغان سوى الحوار والحوار والحوار .

نعم ،الكلام عن تحقيق انفراجة في الحوار مايزال باكراً بسبب وجود فجوة بين مطالب وأهداف الحكومة الأفغانية وحركة طالبان .

علاوة على ما تقدم، هناك شكوك وتساؤلات عن قدرة الحكومة الأفغانية في إعطاء ضمانات والثبات إلى آخر ولايتها من غير أن تتفكك الحكومة، خصوصاً وأن من مصلحة دول إقليمية نافذة في أفغانستان أن تبقى الأمور على حالها، فأقصى ما تريده بعض هذه الدول في افغانستان هو إدارة الفوضى.

عليه، لا سبيل أمام الأفغان الا الذهاب الى حوار، واقتناص اللحظة الإقليمية الحالية حيث أن باكستان والصين يدعمان عملية السلام الأفغانية بكل جدية وهذا ما يجب أن يفهمه مختلف الأطراف في أفغانستان، خصوصاً وأن الفرص كما يقول الامام علي بن ابي طالب(ع)"تمرّ مرّ السحاب".

2015-08-25