ارشيف من :آراء وتحليلات
’استقلال’... أول قطعة بحرية عسكرية تونسية
الحدث الأبرز في تونس هذه الأيام هو قيام وزير الدفاع بتدشين أول باخرة عسكرية محلية الصنع بالقاعدة البحرية حلق الوادي وسط العاصمة التونسية. وقد أشرف على صناعة هذه القطعة مهندسون من ضباط الجيش التونسي من الشباب بالتعاون مع شركة محلية مختصة في هذا المجال.
وأطلق على هذا المنجز تسمية "استقلال 201 P" الذي سيكون البداية بحسب رئيس أركان جيش البحر التونسي الفريق أول محمد الخماسي لتحقيق استقلال تونس في مجال التصنيع البحري. كما أعلن وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني أن هذا الإنجاز يعتبر الثاني في القارة الإفريقية بعد دولة جنوب إفريقيا التي كانت أول إفريقية تدخل مجال التصنيع العسكري البحري.
اكتفاء ذاتي
ويؤكِّد جل الخبراء أن هذه الباخرة الجديدة ستمكن تونس التي تواجه مخاطر جمة تهدِّد أمنها واستقرارها من تحقيق الاكتفاء الذاتي للسوق المحلية وتجنب إنفاق العملة الصعبة على شراء مثل هذه القطع البحرية الحربية. كما أن "استقلال"، بحسب هؤلاء الخبراء، بإمكانها المنافسة في الأسواق بما أن تكلفتها أقل بأربعين في المئة مما كانت تستورده تونس من أمثالها من السوق العالمية.
وقد أكَّد وزير الدفاع التونسي على أن هناك نية لتطوير الصناعة البحرية في تونس والتوجُّه إلى الأسواق العالمية للمنافسة والتصدير. فـ" استقلال" أيضا، وبحسب خبراء لا تفتقد إلى الجودة وقادرة فعلا على المنافسة خاصة وأن مصمميها اعتمدوا في عملهم على أحدث ما توصلت إليه الصناعات العسكرية في هذا المجال.
شعور بالفخر
ويبلغ وزن هذه القطعة البحرية التونسية الجديدة التي ستكتب عليها عبارة "صنع في تونس" ثمانين طنا ويفوق طولها 27 مترًا وتسير بسرعة 25 عقدة في الساعة. وقد دخلت بعد حيز الاستغلال من قبل البحرية العسكرية التونسية أو جيش البحر الذي أكَّد كثير من المنتمين إليه أنهم يشعرون بالفخر لأنهم وللمرة الأولى سيستغلون قطعة بحرية محلية الصنع تم إنجازها على شواطئ الخضراء ولم تأت من وراء البحار.
وأكد رئيس أركان جيش البحر أن التهديدات الأمنية والأخطار المحدقة بتونس وارتفاع كلفة هذه السفن في الأسواق العالمية هي التي دفعت بتونس إلى البحث عن تطوير أنظمة دفاعها البحرية. فالحاجة هي أم الاختراع والتهديدات الإرهابية أتت أكلها ودفعت بالتونسيين على التفكير بصناعة محلية عوض إنفاق العملة الصعبة على تكديس الخردة وما "تجود به" الدول الكبرى في سوق السلاح العالمية، ما تمت إحالته على التقاعد.
نقطة انطلاق
ويشعر التونسيون بسعادة بالغة بهذا المنجز الذي يأتي في وقت بدأ فيه اليأس من الطبقة السياسية يدب في الأوصال. فقد أكدت "استقلال" على أن في البلاد كفاءات شابة قادرة على رفع التحدي والمبادرة والعمل بمعزل عن السياسيين الذين غرق أغلبهم في الصراعات وبعضهم على ارتباط بأجندات خارجية لا تريد الخير للخضراء وشعبها.
وقد عبر البعض عن رغبته بأن تكون هذه الباخرة نقطة انطلاق لبداية تركيز صناعات عسكرية يتم الاستفادة خلالها من خبرات المهندسين الضباط التونسيين، ويتم التعاون فيها مع دول الجوار وتحديدًا الجزائر التي لديها كل الإمكانيات المادية لتمويل البحوث التي تجرى في هذا المجال.