ارشيف من :آراء وتحليلات
ليبيا الوجهة الجديدة للمهاجرين غير الشرعيين
تحولت ليبيا مؤخرا إلى بلد عبور للمهاجرين غير الشرعيين نظرا لغياب الدولة وسيطرة الميليشيات المسلحة والمتناحرة على أجزاء هامة من التراب الليبي. وهو ما جعل مافيات تهريب البشر تجد مستقرا لها في بلد عمر المختار وبعضها يعمل بالتواطؤ مع هذه الميليشيات التي تغض الطرف على أنشطته مقابل ما يتم دفعه من مال.
وقد ساهمت المأساة الإنسانية الأخيرة، المتمثلة في غرق مهاجرين سوريين كانوا متجهين إلى أوروبا عبر ليبيا، في تسليط كثير من وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني الضوء على "المحطة الجديدة" للباحثين عن لقمة العيش في القارة العجوز. وتم الحديث عن عديد النقائص في إيواء المهاجرين وفي نقلهم عبر البحر وعن ضعف إمكانيات الجانب الليبي في التعامل مع هذه الظاهرة وما تسببه من مآس إنسانية.
مراكز الإيواء
ففي ليبيا مراكز إيواء للمهاجرين لا تستجيب للمعايير الدولية وغير معدة لإيواء البشر وحتى الحيوانات والدوابِّ. فهي بالأساس مدارس أو مصانع أو مخازن قديمة مهجورة تمت إعادة تهيئتها واستغلالها لإيواء المهاجرين الذين يتم تكديسهم بأعداد كبيرة تمهيدا لتسوية أوضاعهم وفي كثير من الأحيان يتم ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.
ويتم في هذه المراكز احتجاز الأطفال جنبًا إلى جنب مع كبار السن في ظروف قاهرة ومهينة ولاإنسانية، وفقًا لتقارير منظمات حقوقية ليبية وعالمية. وقد سجلت بعض هذه المنظمات حالات تحرش بهؤلاء الأطفال في غياب المراقبة الصارمة من السلطات المشرفة على هذه المراكز، وأغلب الضحايا هم من الأطفال اليتامى الذين توفي ذووهم نتيجة الحروب الدائرة في المنطقة.
نساء حوامل
وفي هذا الإطار يؤكد الأستاذ جمال المبروك الناشط الحقوقي الليبي رئيس منظمة التعاون والاغاثة العالمية في تصريح لموقع "العهد الإخباري" بأن "المعاناة التي يتعرض لها الأطفال والنساء من المهاجرين زادت في ليبيا في الآونة الأخيرة. فالأطفال ليست لهم القوة البدنية والنفسية لمجابهة أعباء الهجرة والظروف المناخية الصعبة ومراكز الإيواء السيئة إضافة إلى الانتهاكات والمعاملة السيئة".
المهاجرون غير الشرعيين
كما تم تسجيل وجود نساء حوامل ضمن المهاجرين غير الشرعيين، بحسب المبروك، أغلبهن يجهضن بسبب حرارة الطقس والتنقل عبر الصحراء الليبية القاسية. وتصاب نسبة من هؤلاء النسوة بأمراض خطيرة نتيجة لغياب النظافة في مراكز الإيواء وتكدس البشر حيث يتم وضع أعداد كبيرة من البشر تفوق طاقة استيعاب هذه المراكز التي يجد فيها البشر أحيانا أماكن للنوم والإسترخاء ناهيك عن غياب الرعاية الطبية.
فراغ تشريعي
ودعا الناشط الليبي في ختام حديثه إلى "ضرورة تقديم المساندة القانونية في البداية لحماية هؤلاء المهاجرين ثم العمل لاحقا على تطبيق ما يتم سنه من قوانين في هذا الإطار. فهناك فراغ تشريعي في ليبيا يستغله المهربون والمتاجرون بآلام البشر ويجعل الدولة في ليبيا مقصرة في معالجة أوضاع هؤلاء معالجة حقيقية ترقى إلى المعايير الدولية في هذا المجال".
ولعل ما يبعث على الأمل بحسب المبروك أن "هناك جهازا لمكافحة الهجرة غير الشرعية تابع للدولة غير خاضع لسلطة أي من الفرقاء السياسيين ولا الميليشيات. وهذا الجهاز هو الذي ينسق مع المنظمات الحقوقية ومنظمات الإغاثة لتحسين أوضاع اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين ومع هذا الجهاز يمكن القيام بالكثير في هذا المجال"، بحسب محدثنا.