ارشيف من :آراء وتحليلات
انتخابات المغرب.. يوم الكشف عن القناع
وداد قعفراني
يبدو أن مراسم الانتخابات البلدية والجهوية في المغرب ستعرف مسلكاً آخر اليوم .. فالانتخابات الجهوية والبلدية التي تخوضها غالبية الأحزاب السياسية في المملكة تشهد نزالاً لمعركة ساخنة للفوز بأكبر عدد من المقاعد في وقت تخوض أحزاب وهيئات مدنية أخرى معركة في الاتجاه المعاكس لدفع الناس إلى مقاطعة التصويت، احتجاجاً على ما تعتبره عدم توافر شروط ممارسة الانتخابات في إطار شفاف وديمقراطي.
عرفت الانتخابات المحلية تأجيلاً مسبقاً استجابة لطلب بعض الاحزاب السياسية، على خلفية الإحجام المخيف للمواطنين عن تسجيل أسمائهم في لوائح الانتخابات بسبب غياب عامل الثقة مع السلطة؛ وعليه، بقي المجتمع المغربي حتى عشية الاقتراع منقسماً بين من يدعو إلى المشاركة والتصويت فيها ومن يدعو إلى مقاطعتها، وهو ما عزاه المراقبون إلى عدم اطلاع المسؤولين المُنتخَبين بتأثير فعلي في السياسات الوطنية والدولية، فضلاً عن عدم إخضاعهم للمساءلة أمام الشعب المغربي، ما دفع البعض إلى اطلاق ما بات يعرف بـ"حكومة الظل" كرمزية لنمط السياسي السائد في المملكة، والقائم على انتخاب حكومة تفلح فقط بالسمع والطاعة لأوامر الملك وحاشيته.
الموقف السائد في الوسط الاجتماعي والسياسي للمغرب، تثبته دائماً مواقف رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران، الذي أكد في حديث تلفزيوني سابق "أن جلالة الملك هو من يحكم المغرب، فهو رئيس الدولة وأمير المؤمنين ويرأس السلطة القضائية والقوات المسلّحة. إنّه يترأس السلطات كلّها وهذا ما ينصّ عليه الدستور المغربي" . وهو تصريح إن دل على شيء، فإنما يدل حسب المراقبين إلى أن حصرية القرار تتعلق فقط بشخص الملك محمد السادس.
وعلى وقع المخاوف المسيطرة على السلطة بعد تحول العزوف الانتخابي إلى ظاهرة مخيفة في المغرب، كان التركيز على الشعارات الفضفاضة والوعود من أجل كسب الناخبين وزيادة نسبتهم. خطوة ترجمت عملياً بتغليب نسبة تمثيل النساء في الانتخابات، إذ ستمثل النساء في مجلس كل جماعة بنسبة 27 في المئة، في الجماعات التي تصوت بنظام الاقتراع الفردي بـ"الورقة الفريدة"، ما يعني أنه يحق للمنطقة التي يقل عدد سكانها عن 35 ألف نسمة، أن تمثل نطاقها الجغرافي بأربع نساء في المجلس. أما على صعيد الاقتراع، فإن الجماعات التي يزيد عدد سكانها عن 35 ألف نسمة، وأقل من 200 ألف نسمة، فيكون العدد في مجالسها هو ست نساء، ثم ثماني نساء بالنسبة للجماعات التي تعدادها أكثر من 200 ألف نسمة. وبالإضافة إلى ذلك، سمح أيضاً الترشح للنساء في اللوائح العامة، الحصول على مقعد خارج اللائحة المخصصة للنساء بموجب نظام الكوتا، ما يعني أن نسبة تمثيليتهن سترتفع في حال فوزهن.
نظام الجهوية، فرض أيضاً حيزاً هاماً من الاهتمام، بعد المراهنة عليه اليوم. فالنظام القائم على التقسيم الانتخابي للمناطق والأقاليم الخاضعة لما يسمى" النفوذ المغاربي"، توج بالمصادقة على القانون التنظيمي 14_111 المتعلق بالجهات، مخولاً الجهات المعنية مجموعة من الصلاحيات تتعلق بالتنمية المستدامة، على صعيد الاختصاصات الذاتية أو المشتركة مع الدولة وكذلك الاختصاصات المنقولة، أي من صلاحيات الدولة إلى صلاحيات الجهة.
ويبدو أن الجهوية هي التي ستفرض ذاتها اليوم، مع تأكيد المراقبين بأن الانتخابات لن تتأثر كثيراً بالتصويت في المدن، بل هو مرتبط بالاشخاص على مستوى القرى، وهو ما ستؤكده مراكز الاقتراع، وستؤكد أيضاً أن البرامج الانتخابية صبغت بطابع شمولي، مازجة الحاجات الخاصة بالمدن بنظيرتها في القرى، وهو أمر غير صائب، سيفضي حسب المتابعين إلى عجز الفائزين في الانتخابات عن إيفاء وعودهم الفضاضة حتى العام 2021.
ولا يغفل المراقبون، عن أن نتائج انتخابات الغرف المهنية دفعت بحزب العدالة والتنمية الحاكم اليوم، الى البحث من جديد عن موطئ قدم في القرى على غرار تواجده في المدن، وهو ما يعكس مخاوفه من نتائج هذه الإنتخابات ونسبة تمثيله.
الجدير ذكره أن الانتخابات البلدية ستستحوذ اليوم على اهتمام أكبر من نظيرتها البرلمانية، على خلفية تأثير نتائج الانتخابات البلدية على سياق يومياتهم الاجتماعية، على الرغم من السمعة السيئة التي تلاحقها عند كل دورة بسبب الانتهاكات والمخالفات التي تعتري الإجراءات الانتخابية إن على صعيد شراء الأصوات الناتج عن النقص العام في الوعي السياسي، الى التلاعب بعمليات الفرز، ما دفع الملك في خطابه الأخير إلى دعوة المواطنين إلى عدم بيع أصواتهم والتصويت لصالح أكثر المرشحين المؤهلين استحقاقاً.