ارشيف من :نقاط على الحروف
’على تماس’: توثيق متميّز لملفّات الإقليم
تعرض قناة "المنار" شهريًا برنامجًا وثائقيًا وحواريًا في آنٍ معًا يحمل عنوان "على تماس". حلقات البرنامج الذي يُعدّه ويُخرجه أيمن زغيب، يُقدّم مادّة إعلامية تكاد تكون غير مسبوقة لناحية طريقة تناول الملفّات الساخنة في منطقة الشرق الأوسط والإقليم، ولاسيّما أزمة اللاجئين السوريين إلى الدول العربية. على مدى ساعة تقريبًا، يقارب "على تماس" بالأرقام والإحصاءات مختلف الجوانب التي تُحيط باللاجئين بعدما تفاقمت معاناتهم وتخطّت سنتها الرابعة.
ولأن حجم مأساة اللاجئين السوريين يتضاعف شيئًا فشيئًا، كان لا بدّ من سلسلة وثائقية استغرق تحضيرها أشهرًا (بحثًا وتصويرًا)، تُحاكي الشدّة التي يعيشها النازحون من جهة، ومن جهة ثانية الهاجس الأمني الذي تعسكه قضيّتهم. حلقات هذه السلسة تنقسم الى قسمين: الأول حلقة توثيقية للمشاهد والمقابلات الخاصّة بطرح القضية، غنيّة بمادّة معلوماتية دسمة ومعطيات توضيحية مقدّمة بقالب إخراجيّ مميّز يتركز إلى مؤثرات بصرية وصوتية جذّابة، والثاني حلقة حوارية تُبثّ من داخل إستديو "على تماس" طابعها تشويقي يعمل على كشف تفاصيل جديدة متعلّقة بالحدث المُعالج مع تبيان ظروف التصوير والإنطباعات التي سجّلها زغيب أثناء تنفيذه الوثائقي.
برنامج "على تماس"
في الوثائقي الخاصّ بأزمة اللاجئين في الأردن، يظهر للمشاهد مدى عمق مقاربة زغيب للأزمة من الناحيتين المعيشية اليومية ومن الناحية السياسية. بعد الاطّلاع على فحوى الحلقة، يتجلّى حجم رصد السلطات الأردنية لكافة تحرّكات السوريين على أراضيها داخل مخيم الزعتري، ومدى إشرافها وتحكّمها بنشاطاتهم المدنية منها وحتى العسكرية. وللغاية، يعتمد زغيب على خرائط كثيرة وعديدة من شأنها أن توضح الصورة، وكيف تًوزّع السلطات المخيّمات، وكيف أن أيّ انتشار سوري على أراضيها له مبرّرات ومسوّغات أمنية وسياسية.
المادّة المعروضة في حلقة "حلم السيطرة على حوران" مليئة بالوثائق التي من المفترض أنها غير قابلة للتشكيك، وتعتمد بشكل أساسي على إحصاءات الامم المتحدة التي تَلمّسَ زغيب بُعدها عن الأرقام الفعلية على الأرض. على أن أبرز ما جاء في المقابلات الميدانية التي أجراها زغيب في الأردن، هو عدم استبعاده لرأي النظام الأردني والشعب على حدّ سواء.
حسب زغيب، الهدف الأساس من البرنامج هو تقديم وثيقة تاريخية للحدث المطروح لا يُطعن بصحّتها، وهو حرص على معالجة القضية بطريقة موضوعية بمعزل عن موقف "المنار" من الأزمة أو من الجهة التي تتعاطى معها من أجل إنجاز "الفيلم".
يخرق "على تماس" جمود المحطّات اللبنانية، فهو أنموذج استقصائي متميّز، لا يضاهيه أيّ من البرامج الأخرى، لا من الناحية المعلوماتية ولا من الناحية الفنية والإخراجية، وعلى المشكّكين متابعته لتلمسّ براعة ومهارة أيمن زغيب في توثيق ملفّات المنطقة.
يشار الى أن لأيمن زغيب أفلام وثائقية عديدة منها "زمان ورجال"، و"شمس لاتغيب" و"موطني".