ارشيف من :آراء وتحليلات
باكستان: إقصاء على حساب الاستقرار
عون هادي حسين
في الوقت الذي يقاتل فيه الجيش الباكستاني الإرهابيين على الحدود الممتدة لـ 7 آلاف كم مع أفغانستان، ويُقتل المواطنون الأبرياء في القرى الحدودية جراء القصف العشوائي للقوات الهندية على مواقع مدنية باكستانية متاخمة للحدود مع الهند، يقوم رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف بحملة إقصاء واسعة لمعارضيه السياسيين وعلى رأسهم قيادي "حزب الشعب" ، الذي لطالما كان المنافس الأبرز لحزب "الرابطة الإسلامية" الذي يتزعمه نواز شريف.
بداية، تم القبض على "قاسم ضياء" وولده عضو مجلس الشيوخ "بنغش شاه " بتهمة الفساد وتمويل الإرهاب، ثم صدرت الأوامر باعتقال رئيس الوزراء السابق يوسف رضا جيلاني، والقيادي البارز في حزب الشعب مخدوم امين فهيم، ما اعتبره محللون محاولة من نواز شريف لصرف الأنظار عن الفضيحة السياسية التي لحقت به نتيجة ثبوت التزوير في ثلاث دوائر بالانتخابات العامة التي جرت صيف 2013، ما دعا لجنة التحقيق الى إزاحة رئيس البرلمان الباكستاني "إعجاز صادق"، وإلغاء عضويته البرلمانية بعد ثبوت التزوير في الدائرة الانتخابية التي رشح عنها، وكذلك وزير السكك الحديدية وأحد النواب المنتسبين لحزب الرابطة ما مثل صفعة قوية للديمقراطية الباكستانية ولنواز شريف وشرعيته الدستورية في الحكم بعد ثبوت التزوير بثلاث دوائر من اصل أربعة طالب "عمران خان" التحقيق بهما كنموذج للتزوير في مجمل العملية الانتخابية.
سياسة الإقصاء التي ينتهجها شريف اليوم ليست جديدة، فنواز شريف قبل انقلاب الجنرال برويز مشرف عام 1999م ، هو نفسه نواز شريف بعد العفو واستلامه السلطة صيف 2013، لكن الجديد هو الهدف والغرض من "سياسة الإقصاء"، في وقتٍ يصفه خبراء بالحرج على الدبلوماسية الباكستانية، فالتوتر مع الهند وصل إلى أعلى مستوى له منذ عقود، والتشجيع الذي لاقته باكستان في بداية العملية العسكرية بدأ يتبخر وعادت الولايات المتحدة الأمريكية للمطالبة "بجهد أكبر" في محاربة الإرهاب !!
أضف إلى ذلك، النكسة التي مُنيت بها الوساطة الباكستانية في الملف الأفغاني بعد إعلان وفاة قائد حركة طالبان المُلا عمر، وعدم استعداد طالبان في الوقت الحالي لجولة حوار مباشرة مع الحكومة الأفغانية، وإلغاء الجولة الأخيرة التي عملت عليها باكستان جاهدةً، والتي كان من المقرر عقدها في مدينة "مري" الباكستانية.
خطوات نواز شريف التي اعتبرها رئيس باكستان السابق ورئيس حزب الشعب آصف علي زرداري عودة إلى "سياسة التسعينيات"، تهدف في العمق إلى تقسيم البلاد في محاولة لإنقاذ الحلفاء الطبيعيين والاستراتيجيين لحزب "الرابطة الإسلامية"، اي طالبان و"المتشددين من الإسلاميين"، هكذا يفسر الرئيس السابق آصف زرداري حملة الاعتقلات الواسعة لقيادات بارزة في حزب الشعب وغيره من الأحزاب المعارضة.
في الخلاصة، ساسة وقادة باكستان أمام تحدٍّ كبير، فبعد أن استطاع الجيش تحقيق إنجاز يُسجل له على صعيد الأمن، والملف الأفغاني حيث أنه استطاع جر طالبان لطاولة الحوار، الديمقراطية الباكستانية والاستقرار السياسي اليوم في باكستان تحت رحمة الساسة والأحزاب السياسية اللاهثة وراء السلطة ونفوذ هنا وحذوة عند الملك هناك.