ارشيف من :ترجمات ودراسات

غسيل دماغ بدل التربية: الغرب ينشر الغباء الفكري الشامل

غسيل دماغ بدل التربية: الغرب ينشر الغباء الفكري الشامل

الكاتب : Andre Vltchek
عن موقع  Mondialisation.ca
29 آب : أغسطس 2015


هل يمكن لأي ديكتاتور أن يطمح إلى ما هو أفضل من ذلك؟ جميع رعايا الإمبراطورية، أو غالبيتهم، يفكرون الآن بالطريقة نفسها.

فالرعايا يتم تعليمهم في المدارس، وموظفو الجامعات يتكونون من مدرسين وأساتذة خاضعين وجبناء.

والرعايا يتم تزويدهم بالمعلومات عن طريق مئات الألوف من الصحفيين والمحللين المتواطئين. عملياً، لا وجود لفارق بين خطابهم والرواية الرسمية.

هنيئاً لك إذن، أيتها الإمبراطورية الغربية! لقد نجحت حيث أخفق آخرون. تحققت لك طاعة تكاد تكون مطلقة وانضباط مشابه وانصياع كامل.

وهناك ما هو أفضل من ذلك: معظم الناس يظنون فعلاً أنهم أحرار وأنهم يسيطرون على أوضاعهم. يظنون أنهم يستطيعون الاختيار وأنهم يقررون. كما أنهم مقتنعون بأن حضارتهم هي أعظم الحضارات التي عرفها العالم في تاريخه !!  


***


عشرات الملايين من بني البشر يقفون في الطابور بشكل طوعي كي يسجلوا أنفسهم للحصول في النهاية على واحدة من هذه الشهادات الرسمية الجليلة. يريدون أن يكونوا مقبولين ومشهوداً لهم وممتدحين من قبل القادة.


الناس يطأطئون رؤوسهم أمام عملية معقدة وطويلة الأمد يتم فيها تدمير خلاياهم الدماغية. مقابل قصاصة ورق مرصعة بالأختام والطوابع يطلقون عليها اسم الشهادة أو الدبلوم، هناك رجال ونساء يفقدون إلى الأبد قدرتهم على التفكير بطريقة مستقلة وعلى التحليل وعلى رؤية العالم بعيونهم هم لا بعيون غيرهم. يحصلون على شهادات هي بمثابة مكافأة لهم على انصياعهم. كما أن حظوظهم بالحصول على مناصب مرموقة بين جيوش النخبة في النظام والمؤسسات والجامعات وغيرها تزداد بشكل ملحوظ جداً.
إن الدرجة القصوى من الامتثالية عند غالبية الرجال والنساء الذين يعيشون في مجتمعاتنا يجعل من كتب عتيقة مثل "فهرنهايت 451" و "1984" * كتباً مزعجة بعض الشيء. فالواقع الذي نعيشه في العام 2015 هو، بما لا يقاس، أكثر غرابة وفضائحية وإثارة للرعب والهلوسة!


إن معظم المواطنين جاهزون الآن أن يدفعوا من جيوبهم (أو من مال عائلاتهم) ثمن هذه العمليات الجراحية الني تجري داخل أدمغتهم لأهداف تربوية ودعائية. يرغبون حتى باستدانة مبالغ كبيرة كي تتم برمجتهم بعناية وتعبئتهم عقائدياً. وبعد سنوات، أي عندما ينتهي كل شيء ولا يبقى لهم شيء من فرديتهم، ينفخون صدورهم بافتخار، وغالباً ما يجهشون بالبكاء وهم يستلمون قصاصة الورق المرصعة بالطوابع والتي لا تعني في الواقع غير شيء واحد : "مقبول وجاهز للاستخدام من قبل الإمبراطورية ونظامها الفاشستي".
هناك ملايين الأجانب الذين يتزاحمون ويتدافعون كي يستفيدوا هم أيضاً من عملية استئصال أدمغتهم. وهؤلاء الذين يأتون من بلدان مستعمرة ومدمرة غالباً ما يكونون الأكثر إلحافاً في الإصرار على ذلك. وأبناء النخب يشعرون بالإثارة وهم يتخيلون أنفسهم لحظة الحصول، من قبل الإمبراطورية، على التوقيع الذي يحظون بموجبه بالموافقة على قولبتهم وذوبانهم في الجموع البشرية في أوروبا وأميركا الشمالية. وبعد الحصول على الشهادة والعودة إلى البيت، يضيفون صفتهم العلمية الجديدة إلى سائر ما يسجلونه عادة على بطاقاتهم الشخصية، ويرفعون تعرفة ما يقدمونه من خدمات، ويلزمون الآخرين باحترامهم لا لشيء إلا لأنهم يتصرفون كالغربيين ويتحركون كعملاء فكريين في خدمة الإمبراطورية. وبعد ذلك، ينخرط الكثيرون منهم في عملية السرقة وتلويث أذهان مواطنيهم لحساب الغرب.


ولم تكن هناك من حاجة في العديد من البلدان للخروج من البيت والسفر. فعملية غسيل الدماغ التي يمارسها الغرب أصبحت سهلة المنال عن طريق ما لا يحصى من المدارس [والجامعات] المسيحية [والإسلامية – ملاحظة من المترجمٍ] الخاصة، وعن طريق الكنائس والمؤسسات الثقافية ووسائل التسلية طبعاً.
وحتى في بلدان كالصين التي يمكنها أن تعتمد على ثقافة أعظم وأكثر عراقة من الثقافة الغربية، بات الناس خاضعين بشكل مرعب لنفوذ أبنائهم وبناتهم ممن تمت برمجتهم بالشكل الذي يجعلهم مؤمنين بعظمة الثقافة الغربية. فقد تمت عملية تدجينهم فكرياً من قبل مؤسسات تربوية في الخارج أو من قبل جيوش من المربين الغربيين المنهمكين كعلماء ودعاة بأشكال متزايدة في السفر لنشر دعواتهم السامة في شتى أنحاء العالم.

غسيل دماغ بدل التربية: الغرب ينشر الغباء الفكري الشامل


وبدلاً من نشر معرفة متنوعة ومتعددة الثقافات، يحصل التلامذة على جرعات مدروسة بعناية من التلقيح الذهني الذي أخضع جيداً للتجريب طيلة قرون من هيمنة الإمبريالية والاستعمار. والآن، تعرف الإمبراطورية بشكل جيد كيف تتلاعب بالتفكير البشري. فالذين يتم اغتصابهم يتم إجبارهم على الاقتناع بأنهم يمارسون الحب. والذين يتم الاستيلاء على ممتلكاتهم يتعلمون تبخير وامتداح القوى الاستعمارية بزعم أنها هي التي شيدت أبنيتهم الإدارية ومدت لهم السكك الحديدية. كما يتم تعليم الناس في البلدان الاستعمارية ألا يشعروا بأي خجل إزاء ماضيهم وحاضرهم.
بدلاً من تشجيع الناس على التفكير بطريقة مستقلة، وبدل دعوتهم إلى تثوير فكرهم نفسه، فإن ما يجري هو تكبيلهم وتقييدهم بقيود فكرية صارمة.
إن الشجاعة والاستقلالية الفكرية تتعرضان باستمرار للتحقير والامتهان. كما أن النفوس الأبية يتم تصنيفها على أنها غير قابلة للاستخدام، وتكاد توصف بأنها معادية للمجتمع.
إن النظام البالغ التعقيد والتنوع للبروباغندا يقوم بامتداح وتسويق الجبن والاستسلام والضعة، وذلك من خلال الأحداث الثقافية ووسائل اللهو وقنوات الإعلام.
وفي عالم أصبح موحداً تماماً في ظل أوضاع باتت معها الثقافة ووسائل الإعلام تعمل بشكل كامل في خدمة الإمبراطورية ومصالحها الاقتصادية النيوليبرالية، أصبح كل من الرجل الجديد والمرأة الجديدة عبارة عن تماثيل من طين فكري يوضع فوق قواعد حجرية ضخمة، تماثيل كلها طويلة القامة ونحيفة وكلها يجتر بفصاحة وبأعلى الأصوات خطاباً مقفلاً يتجنب المشكلات الحقيقية بعناية، ويتصل بشكل وثيق بالخطابات الأخرى التي تدور حول لا شيء، مع البقاء في جميع الحالات في جهل كامل إلى حد بعيد بأحوال العالم.
الآدميون الجدد تعلو الابتسامة وجوههم وهيأتهم تدل على أنهم فرحون مرحون. يقودون سيارات من نماذج حديثة جداً ويحملون بأيديهم أشياء وأجهزة لم يرها أحد من قبل. يثقون بأنفسهم ويحافظون بشكل دائم على أنانيتهم (...).  
بينهم كثيرون يتعاطون أدوية مهدئة، أو أدوية مضادة للاكتئاب، أو مخدرات. وأكثرهم تعساء ولا يثقون بأنفسهم، وغير راضين عن عملهم، وغير مرتاحين في حياهم الأسرية، وعاجزون عن العثور على نصفهم الثاني أو عن البحث عنه. لكنهم لا يظهرون شيئاً من ذلك. ففي الظاهر، ما لا يحصى من الرجال والنساء الغربيين يبدون متألقين إلى أبعد حد.
لقد سعى الفاشيون الإيطاليون والألمان بكل ما أوتوا من قوة إلى خلق هذا الجنس من البشر المتفوقين والواثقين بأنفسهم في الظاهر، والمطيعين في الوقت نفسه.
لكنهم فشلوا.
أما الإمبراطورية، فإنها تنتقل من نجاح إلى نجاح. فللمرة الأولى في تاريخ البشرية نجد أنفسنا أمام واقع يمكن فيه للروبوتات أن تحل، بشكل نهائي، محل الكائنات البشرية. لا نتكلم هنا عن الروبوتات المصنوعة من البلاستيك والمعدن، بل عن البشر المقولبين والمعاد تدويرهم لتحويلهم إلى روبوتات.

بمهارة فائقة، تم إيجاد ترابط وثيق بين الفاشية الإيطالية، والنازية الألمانية، والتجمعات المهنية الأميركية، والإمبريالية، والعنصرية، والاستعمار، والاستثنائية، والبروباغندا، والدعاية، والتربية و[الداعشية – ملاحظة من المترجم].

فهنيئاً لك أيتها الإمبراطورية! أنت أول من نجح في تقنين الكائنات البشرية وطرق التفكير عند هذه الكائنات.

***
ليست مقارعة مثل هذه الإمبراطورية بالكلام والأفكار بالأمر السهل.

ليس المنطق وحده أو فلسفة المفاهيم العامة وحدها هما ما ينبغي مواجهته ومقابلته بالتحدي.

لأن هناك الآلاف من وجهات النظر والعقائد والقواعد التي تخدم الهدف نفسه: إبعاد البشر عن الواقع وعن اعتماد نمط مستقل للتفكير والتحليل.

إن معظم رعايا الإمبراطورية الغربية هم معبأون عقائدياً أكثر بكثير من أفراد جماعات كطالبان أو داعش. لأن الإمبراطورية تعمل بدأب شديد وتستخدم ملايين المهنيين الذين ينحتون مفاهيم تتمتع بناجعية فائقة في مراقبة التفكير البشري والتحكم به. هؤلاء المهنيون هم من المؤدلجين، وعلماء النفس، بعد المرور بالمختصين في البروباغندا والتربية، والفنانين، والصحافيين، وغيرهم من ذوي التخصصات الرفيعة.   

من وسائل التواصل الاجتماعي إلى المسلسلات التلفزيونية وأفلام هوليود وموسيقى البوب وقنوات التلفزة لا نجد غير أعمال تذهب كلها في اتجاه واحد هو العمل على إبعاد الناس عن المبادئ الأساسية للإنسانية. وإجبارهم على عدم التفكير كجماعة من الأشخاص العقلانيين والكرماء والمتراحمين فيما بينهم.

فالواقع، في ظل هذا الوضع، إما أن يتم تسخيفه وابتذاله، وأما أن يوضع في مستويات تهيمن عليها الغرائبيات التي لا يمكن أن يطبق عليها أي شكل من أشكال المنطق بطريقة ناجعة.

إن المسار الأكثر أهمية للفكر البشري، أي ذاك المتمثل بأن نفكر ونحلم ونتصور أشكالاً أفضل للمجتمع وأكثر لطفاً، قد أصبح بعيداً بشكل كامل عن السردية التي يسمعها الرجال والنساء في الإمبراطورية ومستعمراتها بشكل يومي.

إن رعايا الإمبراطورية ممنوعون من التفكير والعمل بشكل طبيعي. وبالنتيجة، فإنهم مكبوتون ومقموعون ومشوشون. ولكن، بدلاً من أن ينتفضوا (ولأن غالبيتهم غير قادرين على ذلك)، فإنهم يصبحون عدوانيين أكثر فأكثر. أما ضحايا الإمبراطورية في العالم كله فيتعرضون للقتل والاستغلال والإذلال، لأن تنظيم العالم لا يعود على الناس في أوروبا وأميركا الشمالية بغير قليل من الفرح بالرغم من المكتسبات المادية العديدة.

وعلى مستوى الطرف الآخر، هناك مليارات البشر ممن يعيشون في المستعمرات والمستعمرات الجديدة ويتعرضون، بشكل دائم، للقصف بالرسائل والخطابات العوجاء نفسها ولكن بعد تغييرها وإعادة تدويرها (أو، في الغالب، يتعرضون للقصف بقنابل حقيقية - ملاحظة من مترجم النص الإنكليزي). إنهم يواجهون طوفاناً دائماً من البروباغندا التي يدخلون عليها بعض التغيير بحسب ظروف كل منطقة، وهذا الطوفان يصدر ليل نهار عن قنوات التعبئة الفكرية التي تستخدمها الإمبراطورية: مسلسلات تلفزيونية وأفلام وألعاب فيديو من مستويات متدنية، وموسيقى بوب تصاحبها كلمات مكررة معبرة عن الموت الدماغي، وفن تزويقي استسلامي وتحقيقات من إعداد وكالات الأنباء المسيطرة. وكل هذه الرسائل يجري بثها عبر صحف محلية تسيطر عليها المصالح التجارية لأولئك الذين يخدمون النظام الغربي العالمي بكل قدراتهم.

إن الإمبراطورية ونظامها العالمي هما عنصريان ومتوحشان بشكل مفرط، ولكن معظم الرعايا، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المناطق التي تدمرها الإمبراطورية مجبرون على الاعتقاد بأن النظام الذي يعيشون في ظله هو النظام الأكثر تسامحاً وتقدمية في العالم.  

***

هل من أمل في أن تتمكن البشرية من البقاء بعد كل هذا الانتاج الشامل والمكثف للغباء

الأمل موجود بكل تأكيد.

ليست المناورات البحرية الروسية والصينية والإيرانية هي وحدها التي تقف في وجه الإمبريالية الغربية.

وليست شعوب أميركا اللاتينية أو إفريقيا الجنوبية هي وحدها التي بذلت جهوداً حاسمة من أجل إعادة كتابة التاريخ بهدف تسليح الشعوب بالمعارف الضرورية الأكثر أهمية من الشهادات التي تمنحها المدارس والجامعات.

السينمائي الأوروبي الكبير الذي ما زال على قيد الحياة، أمير كوستوريكا، كتب بأن "الحرب العالمية الثالثة ستبدأ عندما يقوم البنتاغون بقصف قناة روسيا اليوم"، أي القناة التلفزيونية الروسية المعروفة. وعلقت قناة روسيا اليوم على ذلك بقولها:

“’ روسيا اليوم‘ هي تهديد حقيقي لبروباغندا الولايات المتحدة لأنها تتمكن من مخاطبة الأميركيين في عقر دارهم بلغة انكليزية ممتازة وأفضل من تلك التي يستخدمونها على قناة سي إن إن". ومن هنا، على ما يقوله مدير ’روسيا اليوم‘ فإن من الممكن لواشنطن أن تشعر بالحنق وأن تحاول إسكات هذه القناة بالقوة، الأمر الذي سبق للناتو أن فعله عندما دمر تلفزيون صربيا الرسمي في نيسان 1999، (وفعله الكيان الصهيوني صيف العام 2006 عندما قصف مكاتب قناة المنار وإذاعة النور في لبنان - ملاحظة من المترجم).

وبدوره، توقع كوستوريكا أن تقوم موسكو بتدمير سي إن إن حيث تعتبرها الأداة الأولى للبروباغندا المؤيدة لواشنطن: " في بثها المباشر، تؤكد سي إن إن أنَّ الولايات المتحدة قامت منذ مطلع التسعينات بعمليات إنسانية لا بحروب وأن طائراتها الحربية تمطر ملائكة لا قنابل"!

ومع أن بعض كبار المفكرين الذين يواجهون الإمبراطورية (سارامانغو، غاليانو، بينتر) قد توفوا مؤخراً، فإن كثيرين لم يقعوا في إسار التضليل الفكري ما زالوا على قيد الحياة. بعضهم يتجمعون حول قنوات تلفزيونية غير غربية مثل تيليسور (TeleSUR) وروسيا اليوم وبرس تي في (PressTV). وكما في فهرنهايت 451 لمؤلفه واي برادبوري، فإن كثيرين يصرون بعناد على عدم إحراق كتبهم.

وحتى في الغرب نفسه، هناك وسائل إعلام قوية مثل " CounterPunch "، و " Global Research "، و " Dissident Voice "، و " ICH "، و " VNN " وغيرها ما زالت ملتزمة بالتوجه الصحيح. وهي، بالطبع، لم تنتصر بعد. ولكنها لم تمت أيضاً.

فطالما أن الفكر المستقل ما يزال حياً، فإن النصر يظل ممكناً.

"أنا أنتفض، إذن أنا موجود". هذا ما كتبه الفيلسوف الفرنسي آلبير كامو.
وكتب أيضاً: "الشعور الثوري ولد من الاضطهاد".

الإمبراطورية تنكر أنها تضطهد الناس وتسمم تفكير كل من يمارس الاضطهاد ومن يخضع للاضطهاد، وتعيد تعريف مفهوم الاضطهاد لتقدمه على أنه هو عين الحرية بالذات.

إن من لا يسقطون اليوم في التسميم الفكري ينتفضون. وبالتالي، فإن البشرية ما تزال موجودة.

ميدان المعركة بات محدداً بشكل واضح: إنه يقع في مجال الإعلام (نشر المعلومات) والمعرفة.

إن أفاعيل الإمبراطورية وحيلها قذرة ومرعبة ولكنها شفافة، يمكن أن تقبل أو تحظى بالتسامح من قبل مليارات البشر، فقط عن طريق الترداد الدائم للأكاذيب، وعن طريق المفاهيم الملتوية التي تقصف بها أدمغة الناس من خلال التربية السائدة.

إن الحرب من أجل بقاء الإنسانية قائمة الآن على قدم وساق. إنها الحرب الإنسانية الكبرى، حرب عقول البشر وقلوبهم، لا حرب من أجل الأراضي. يمكن أن نسميها أيضاً حرب المعلومات، حرب إزالة التسمم، أو الحرب الهادفة إلى إعادة الكائنات البشرية إلى الحياة عبر إخراجها من مناخاتها المسمومة، من خدرها، ومن عبوديتها. حرب من أجل عالم أفضل، حرب تضع المعرفة في موقع أعلى من موقع الشهادات المزركشة بالطوابع والأختام. حرب تضع التعاطف البشري واللطف فوق العنف والعدوان. حرب تضع الكائن البشري فوق اعتبارات الربح والمال.

لا يأتي النصر إلا مصحوباً بالمعرفة والتفكير المستقل والإنسانية العقلانية والتراحم والتضامن ودفء العلاقات البشرية.

------------------------------

* روايتان تصوران الأوضاع المستقبلية للبشرية في ظروف الرقابة والتحكم المطلق بالعقول والنفوس من قبل نظام الهيمنة.  
           

2015-09-08