ارشيف من :نقاط على الحروف

لأولئك الفاسدين.. ’الأسود يليق بتاريخكم’

لأولئك الفاسدين.. ’الأسود يليق بتاريخكم’

لا يعلو على فساد "المستقبل" أي فساد حكم.. الذي أغرق لبنان من خلال سياساته الاقتصادية الكارثية لا يخجل من رفع راية تأييد الحراك الشعبي ضد "الفساد". أعلن "التيار الحريري" الحرب على ذاكرة اللبنانيين. لكن غسل الأدمغة ما عاد بالإمكان، فالشعب وصل الى آخر النفق، وطريق الفساد بات مكشوفاً وواضحاً، والمفسدون كذلك.

"سوليدير"، "الخلوي"، "الكهرباء"، تدمير القطاع العام، القضاء على الصناعة، تهجير الكفاءات، كلّها خطايا السياسة "الحريرية" في حكم لبنان منذ التسعينات. فـ"سوليدير" التي بنيت على حقوق الناس سرقت من اللبنانيين "بيروتهم"، وهي اليوم تستكمل ما تبقى لهم من شاطئهم. صدّق أو لا، لقد أنتجت لنا النظريات "المستقبلية" في الاقتصاد المعادلة التالية: "سوليدير" الشركة التي تحقق أكبر نسبة أرباح في لبنان، معفية من الضرائب من قبل الدولة! نعم، هي أحد مفاصل الفساد القاتلة في البلد، بحسب الخبير الاقتصادي د. حسن مقلد، يقول "زعموا أنهم يريدون انشاء مساحات خضراء في العاصمة، فبنوا ناطحات سحاب وباعوا الشقة بـ6 مليون دولار".

يروي مقلّد كيف راهنت السياسة الحريرية الاقتصادية في بداياتها على "موجة سلام" ظنّت أنها مقبلة على المنطقة، ما سمح لها بإدخال البلاد في استدانة على كل المستويات لاعمار كل القطاعات، لكن الاعمار جاء ليس على الطريقة التي يحتاجها البلد، بل بحسب أشكال طبّقت في الخليج". في الخلاصة، عملت الحريرية السياسية على تهميش كل القطاعات المنتجة في لبنان (الصناعة والزراعة)، ما أوصل البلد الى أن يكون مكشوفاً بالكامل اقتصادياً للخارج. حتى بقي في لبنان نشاطان اقتصاديان لا غير، هما المستشفيات والمدارس. المشروع الحريري للبلد أدى الى تراجع فرص العمل، فبات اللبناني يحمل شهادته للخارج، حيث يعمل ويرسل الاموال لعائلته.

لأولئك الفاسدين.. ’الأسود يليق بتاريخكم’

مبنى "السان جورج"

ليست بيروت وحدها التي احتكرها الحريريون، الهاتف كذلك كان مصيره الخصخصة لصالح شركتين مرتبطتين مالياً وسياسياً. "ليبان كول" و"سيليس"، وقد أنشئتا على عائدات الرسومات التي فرضت على اللبنانيين في حينها لشراء خطوط الهواتف وكانت بقيمة مئة دولار أميركي. أما المقابل، فهو "اسوأ خدمة خليوي يمكن أن تقدّم".

وللكهرباء حكايتها. يشير مقلّد الى سلسلة أخطاء أدّت الى تدمير قطاع الكهرباء في لبنان من قبل القيّمين عليه من أصحاب النفوذ في "المستقبل". فهم لم يقوموا بانشاء مركز تحكم يحدد مركز الأعطال في معامل الكهرباء، لم يؤمنوا وصلة بين معامل الكهرباء، حتى أن معامل الكهرباء التي أنتجت كانت تفتقر لخطوط النقل.

لكن ما أطاح بحلم اللبنانيين بالكهرباء هو قرار فرضه "المستقبل" آنذاك في مجلس الوزراء بضرورة أن تعمل المعامل على مادتي المازوت والفيول، في حين أنها أنشئت لتعمل على الغاز، ذلك أن مادة الغاز أقل كلفة مادية وضرراً بيئياً، وأكثر انتاجية. كما ربط "المستقبليون" شركة الكهرباء مباشرة بوزارة المالية، وحددوا لها سعراً ثابتاً لبرميل النفط بلغ 25 دولارا، ما أدى الى ارتفاع الكلفة التشغيلية للكهرباء بشكل كبير، كل ذلك، بفضل من صاحب الابتكارات الاقتصادية، فؤاد السنيورة.

عقلية السنيورة التي أفشلت قطاع الكهرباء امتدّت الى القطاع العام. فجمّد تصحيح الأجور في الدولة طيلة 16 عاماً، ومنع التوظيف في القطاع العام لصالح التعاقد، في سياق مشروع متكامل لضرب القطاع العام. هكذا أخرج الحريريون الكفاءات من الدولة اللبنانية، وأصبحت بيروت لذوي النفوذ، وبات الشاطئ اللبناني ملكاً خاصاً لأصحاب المليارات. قطاع "الخليوي" بيع للمحسوبيات، وحلم الشباب اللبناني بات على أبواب السفارات، أما باقي اللبنانيين فأصبحت أعمالهم اليومية رهينة برنامج التقنين الكهربائي. كل ذلك بفضل السياسية الحريرية الاقتصادية الفاسدة لحكم البلاد، منذ التسعينات وحتى اليوم.

2015-09-09