ارشيف من :آراء وتحليلات

الحل يلاحق 11 حزبًا دينيًا مصريًا قبل انطلاق ماراثون ’النيابية’

الحل يلاحق 11 حزبًا دينيًا مصريًا قبل انطلاق ماراثون ’النيابية’

القاهرة – باهر عبد العظيم        

بدا أن الأحزاب الدينية التي ظهرت في مصر بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 - التي أسقطت حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك – باتت في وضع غير جيد، فلم تعد تواجه عزلة مجتمع فحسب، بعد أدائها السيء الذي ظهرت عليه خلال السنوات الأربع الماضية، واستخدمت فيه خطابًا استعلائيًّا وتكفيريًا للمجتمع، حيث يلاحق قانونيون مصريون 11 حزبًا سياسيًا، أما القضاء بغية استصدار الأحكام بحقهم، على خطى الحكم القضائي الذي أصدرته الدائرة الأولى في "المحكمة الإدارية العليا"، في 9 أغسطس/آب 2014، بحل حزب "الحرية والعدالة" الذراع السياسية لتنظيم "الإخوان المسلمين" الذي أدرجه القضاء إرهابياً في 24 فبراير/شباط 2014.

مساعي القانونيين المصريين، لحل الأحزاب الدينية في مصر، تزامن مع استعداد الدولة لإجراء المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية (مجلس النواب) في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2015، والانتخابات البرلمانية هي الاستحقاق الأخير من خارطة المستقبل التي وضعتها القيادة العامة للجيش المصري في 3 يوليو/تموز 2013 بعد إسقاط حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، على إثر ثورة شعبية ضده في 30 يونيو/حزيران 2013.

الحل يلاحق 11 حزبًا دينيًا مصريًا قبل انطلاق ماراثون ’النيابية’

 

من جانبها، أحالت "لجنة شؤون الأحزاب السياسية المصرية" – لجنة قضائية أجاز لها القانون المصري إعلان تأسيس الأحزاب السياسية ومراقبة أدائها – مذكرة حل الأحزاب إلى النائب العام المساعد القائم بأعمال النائب العام المصري المستشار علي عمران، للتحقيق في القضية، الثلاثاء الماضي، 15 سبتمبر/أيلول 2015، وإثبات ما إذا كانت شروط استمرار 11 حزبًا دينيًا ما زالت قائمة أم لا وفق القانون المنظم لعمل الأحزاب لعام 1977.

كانت محكمة القضاء الإداري المصري قد ألزمت لجنة شؤون الأحزاب السياسية بمراجعة قانونية 11 حزباً دينياً، السبت الماضي، 12 سبتمبر/أيلول 2015، بناء على دعوة حركها محامي مصري يدعى عصام الإسلامبولي، واتهم فيه تلك الأحزاب بأنها أسست على أساس ديني وشاركت في أعمال إرهابية، استهدفت قوات الشرطة والجيش، فضلاً عن استهداف المنشآت العامة والحيوية خلال الفترة الماضية.

ومن بين أبرز الأحزاب التي تواجه شبح الحل، حزب "النور" المنبثق عن "الدعوة السلفية" – أحد أبرز الكيانات الدينية التي تعتنق الفكر السلفي في مصر وأعلنت تأسيسها في 2011 - وحزب "البناء والتنمية" المنبثق عن "الجماعة الإسلامية" - أحد أبرز الكيانات الإسلامية المتشددة التي انتهجت العنف ثمانينات القرن الماضي، وزعمت أنها تراجعت عنه وفق المراجعات الفكرية التي قدمتها تسعينات القرن الماضي أثناء وجودهم في السجون المصرية – وحزب "مصر القوية" الذي يترأسه النائب الثاني لمرشد "الإخوان" سابقاً عبد المنعم أبو الفتوح، وحزب "الوسط" الذي يترأسه الإخواني المستقيل من تنظيم "الإخوان" أبو العلا ماضي، وحزب "الوطن" الذي يترأسه عماد عبد الغفور الموالي لتنظيم "الإخوان"، وحزبا "الأصالة"، و"الفضيلة" السلفيان، وأحزاب "الإصلاح"، و"الحضارة"، و"العمل الجديد"، و"الاستقلال".

اللافت للنظر أن الأحزاب السالف ذكرها، باستثناء حزب "النور" السلفي، انضمت لما يسمى بـ"تحالف دعم الشرعية " الموالي لتنظيم "الإخوان"، والذي حرض بشكل أساس على الدولة المصرية خلال الفترة الماضية، حتى أدرجه القضاء المصري تنظيمًا إرهابيًّا، في 31 يناير/كانون الثاني 2015، وقرر التحفظ على أمواله ومقراته، ما دفع العديد من الأحزاب الدينية، مثل "الوطن" و"البناء والتنمية" و"الوسط" للانسحاب منه.

وعلى الرغم من أن قرار محكمة القضاء الإداري القاضي بالتحقيق في دستورية الأحزاب الدينية، كان مجرد خطوة منظمة، تقوم بها اللجنة العليا لشؤون الأحزاب، للتأكد من كون الحزب ليس لها مرجعية دينية، إلا أن العديد من الخبراء رجحوا الإطاحة بعدد من تلك الأحزاب خلال الفترة المقبلة.     

"النور" أبرز المستهدفين

ويعتبر حزب "النور" السلفي، من أبرز الأحزاب الدينية المستهدفة من الحملة، على الرغم من كونه شريكًا في اجتماع القوى السياسية التي وضعت خارطة المستقبل مع الجيش بعد إسقاط حكم مرسي، يوليو/تموز 2013.

وحزب "النور" من الأحزاب الدينية المتشددة، التي كشفت زلات لسان قادتها على حقيقته المتطرفه، فتحالف مع "الإخوان" في كتابة دستور 2012، وقال إنه يسعى إلى تطبيق الشريعة، دون مواربة، وهاجم أدب الأديب العالمي نجيب محفوظ، وطالب بطمس التماثيل المصرية الأثرية، إلا أنه استجاب لدعوة الجيش وحضر اجتماع القوى السياسية في يوليو/تموز 2013، لضمان بقائه في المشهد السياسي، إلا أن غالبية أنصاره وقادته، رفضوا موقف الحزب والدعوة السلفية من ثورة 30 يونيو، وأعلنوا تضامنهم مع تنظيم "الإخوان"، وشاركوا في اعتصام فض ميداني "رابعة العدوية" و"نهضة مصر" قبل أن تقوم قوات الشرطة بفضه في 14 أغسطس/أب 2013.

وكان من بين قيادات الدعوة السلفية، التي أيدت تنظيم "الإخوان" النائب الثاني لرئيس "الدعوة السلفية" سعيد عبد العظيم، ورئيس "الدعوة السلفية" في محافظة الجيزة محمد الكردي، وقد أعلنا وقتذاك الانفصال وتأسيس ما يسمى التيار السلفي العام.

ويقول حزب "النور" السلفي، مدافعاً عن نفسه، إنه حزب أسس بناء على مواد الدستور المصري، وأنه حزب سياسي، لا يقوم على أساس ديني، وأن دعوات بعض النشطاء والحقوقيين لحله "مغرضة"، تستهدف النيل منه مع قرب إجراء الانتخابات البرلمانية، وأن اللجنة العليا لشؤون الأحزاب أصدرت في 2013 توصيه بأن حزب "النور" سياسي أسس وفق القانون المصري.

وبدا انزعاج حزب "النور" من تلك الدعوات، حيث حرص على إصدار بيان عممه على موقعه الرسمي، استخدم فيه أشد العبارات قسوة في النقد، فوصف تلك الدعوات بـغير القانونية، التي تستهدف نشر الفوضى وتكدير السلم الاجتماعي، ومنع تسهيل إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة.

وأكد مساعد رئيس حزب "النور" للشؤون القانونية، طلعت مرزوق، أن جهات بعينها تخشى أن يحصد الحزب أكبر عدد من الأصوات الانتخابية في البرلمان المقبل، وبالتالي بدأوا بنشر تلك الدعوات، وشدد في البيان على أنه لا يوجد حزب سياسي داخل مصر يقوم على مرجعية إسلامية.

أحزاب تتنصل

إلى ذلك، تجنبت سائر الأحزاب الدينية المعرضة للحل التعليق على الأمر، في لافتة اعتبرها الكثير من المراقبين تعكس مدى إحباطهم من المشهد السياسي بشكل عام، فضلاً عن كون العديد من تلك الأحزاب لم يكن لها خلال الفترة الماضية تواجد ملموس في الشارع، باستثناء أحزاب "البناء والتنمية" و"مصر القوية" و"الوسط" و"الوطن"، الذين أعلنوا في بيانات متفرقه عزوفهم عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية، فضلاً عن تنصلهم من اي علاقة بتنظيم "الإخوان".

من جانبها، أعلنت الهيئة العليا لحزب "الوسط" الأحد الماضي 13 سبتمبر/أيلول 2015، برئاسة أبوالعلا ماضى، في أول اجتماع لها بعد خروجه من السجن، لمناقشة موقف الحزب مما يجرى على الساحة السياسية، وأكد الحزب أنه مدنيٌّ منذ أُنشئ بحُكم المحكمة الإدارية العليا، وليس له علاقة بتنظيم "الإخوان"، وأشار الحزب إلى أنه مُختلفٌ عن "الإخوان" ومُنافسٌ له، وجدد الحزب إدانته للعنف، وعدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية.

في كل الأحوال، فإن حزب "النور" هو أكثر الأحزاب الدينية المُستهدفة من تلك القضية، وأن النظام المصري يستخدمها كورقة ضغط على الحزب السلفي، لتحجيمه ومنع هيمنته على مجلس النواب الذي يعتبر الأكبر في الصلاحيات، في تاريخ المجالس النيابية في مصر، خاصة أنه على الرغم من تأسيس تلك الأحزاب على أسس دينية إلا أن المادة الثانية من الدستور المصري، تعطي لها الشرعية، حيث تنص تلك المادة على: " الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع".

2015-09-18