ارشيف من :آراء وتحليلات

الديمقراطية عدو الساسة في باكستان

الديمقراطية عدو الساسة في باكستان

يعرف المتابعون للشأن الباكستاني أن الكلام عن سقوط حكومة نواز شريف سابق لآوانه، بل هو في غير محلِّه لعدة أسباب أهمها أن الكلام عن سقوط الساقط كما يعبر المناطقة "سالب بانتفاء الموضوع"، فإن الجيش الباكستاني هو الممسك بزمام السلطة اليوم في باكستان، وما استمرار العملية العسكرية في شمال وزيرستان إلا ذريعة لاستمرار حكم العسكر وتعطيل المؤسسات لا سيما مؤسسة القضاء، وكسب بعض رضا الولايات المتحدة الأمريكية التي و كما يقول المثل العربي: "لا يعجبها العجب ولا  الصيام في رجب"، حيث أنها لا تزال تشكك في جدية باكستان في حربها على الإرهاب وتطالبها بتقديم المزيد .

أضف إلى ذلك، معلومات سُربت حول مضمون "جلسة مري" في العام 2008 بين نواز شريف والرئيس السابق آصف زرداري، تتحدث عن اتفاق بين الرجلين على اتمام ولاية كل منهما كاملة، وهذا ما استند إليه محللون في تفسير موقف آصف زرداري الداعم لحكومة نواز شريف خلال أشهر السخط الشعبي في الأشهر الماضية، التي قادها  رئيس حزب "حركة الإنصاف" عمران خان ورجل الدين المعروف طاهر القادري.

الديمقراطية عدو الساسة في باكستان

لكن وعلى الرغم من ذلك كله، تُصر بعض وسائل الإعلام وبعض الشخصيات السياسية التي ركبت الموجة الإعلامية على الكلام عن "إسقاط حكومة نواز شريف"، مع أنهم يعلمون في قرارة أنفسهم أن نواز شريف باقٍ كسلفه آصف زرداري لآخر ولايته، وإن الصبح لناظره قريب.

هنا يجدر الإشارة لإنجاز ديمقراطي مهم جداً في تاريخ باكستان السياسي ، حيث إستطاع أصحاب القرار في باكستان الانتقال من مرحلة الإنقلابات العسكرية  وعدم الإستقرار السياسي إلى مرحلة الإنقلابات "المتفاهم عليها" و"الإستقرار النسبي" .

غير أن السؤال الذي يبقى قائماً هو ما الغرض من الحملة الداعية إلى إسقاط نواز شريف ؟ على الرغم من معرفة الدعاة لذلك إستحالة تحقق ما يطالبون به نظراً لتعقيدات باكستانية داخلية وتفاهمات وضمانات غائبة عن الرأي العام الباكستاني، ولعل هذا هو أحد أسباب المطالبة بسقوط نواز شريف .

يرى خبراء أن التجربة الديمقراطية في باكستان ما تزال في مهدها ، ما يستلزم بحسب فهم الساسة الباكستانيين وخصوصاً الأحزاب الإسلامية في باكستان خطاباً سياسياً تقليدياً، وكما هو معروف فإن الخطاب التقليدي تتحكم به ثنائيات الخير والشر، الوجود والعدم، ولا يفقه العقل المنتج لهكذا خطاب الأطر البراغماتية للسياسة بشكل عام .

أضف إلى ذلك ضرورات الحفاظ على القاعدة الشعبية، التي تعيش في كوكب وقادتها في كوكب آخر، ما ينعكس بالضرورة على طبيعة الخطاب السياسي، بل ويفرض خطاباً مزدوجا.

في الخلاص ، نواز شريف باق لآخر ولايته، والدعوة الى إسقاط الحكومة، ضرورة يومية لبعض الساسة في باكستان، بغض النظر عن ميزان الإخفاقات والنجاحات لحكومة نواز شريف، لأن ما يعني هؤلاء إشباع حاجياتهم اليومية من مائدة السياسة الباكستانية، وذلك على حساب باكستان ومستقبل الديمقراطية فيها، فالسبابون هم أنفسهم كان نواز شريف رئيساً أم آصف زرداري، لا فرق فعدوهم هو المؤسسة السياسية والديمقراطية في باكستان.

2015-09-19