ارشيف من :آراء وتحليلات
هل تتوسع هدنة الزبداني – الفوعة وكفريا لتلغي غرفة عمليات انطاكية؟
من أسباب تجميد السعودية، وبعد التنسيق مع الاردن، العمل بغرفة عمليات الموك التي كانت تدير معارك الجنوب السوري ضد الجيش السوري وحلفائه هو الفشل المتواصل في تحقيق اي إنجاز ميداني في السيطرة على مراكز انتشار وتمركز هذا الجيش في مدينة درعا واريافه او في ارياف القنيطرة وعلى الطريق شمالاً نحو مداخل دمشق الجنوبية، على الرغم من الدعم المختلف لفصائل ومجموعات الارهابيين الذين تديرهم هذه الغرفة من الاردن بواسطة خليط من خبراء العمليات والمخابرات السعوديين والاردنيين والاميركيين والاسرائيليين، ومن الاسباب الاخرى ايضا فشلها في ضبط المسلحين والسيطرة على خلافاتهم ونزاعاتهم المتبادلة والتي غالبا ما كانت تأخذ طابع الصراعات الدموية قبل وخلال وبعد عملياتهم العسكرية والتي كان لها التأثير الفعال في فشل تلك العمليات.
هناك اسباب اخرى قد يكون لها علاقة بالحراك الدبلوماسي على خط السعودية - روسيا ومن خلالها ما قد يكون مرتبطا بالزيارة اللغز للمسؤول الأمني السوري اللواء المملوك الى الرياض واجتماعه برجلها القوي وزير الدفاع محمد بن سلمان .
هذا جنوبًا، اما شمالا فهل سنرى تدبيرا مماثلا فيما خص غرفة عمليات انطاكية التي تدير معارك الارهابيين في الشمال السوري من داخل الاراضي التركية والتي برهنت عن فعالية لافتة انعكست ميدانياً على الارض بخسارة الجيش السوري وحلفائه مراكز انتشارهم في كامل محافظة ادلب الاستراتيجية بعد معارك طاحنة قدمت خلالها تركيا بطريقة مباشرة وغير مباشرة كافة انواع الدعم العملاني واللوجستي والتقني لهؤلاء الارهابيين السوريين والاجانب الذين دخلوا عبر الاراضي التركية برعاية الدولة التركية واجهزتها الامنية والعسكرية؟
من خلال ما سُرب الى وسائل الاعلام عن البنود الـ 25 التي شملها مشروع اتفاق هدنة الزبداني ومحيطها – الفوعة وكفريا، يستنتج بالاضافة الى التفاصيل الميدانية التي تتعلق بوقف العمليات العسكرية وبضمان تنفيذ بعض الاجراءات الإنسانية وبترتيب انسحاب المسلحين واخلاء المدنيين، بعض البنود اللافتة حول رعاية الامم المتحدة لبعض جوانب الاتفاق بمساعدة ايرانية وبتنسيق مع الدولة السورية مع وجود دور محدود للدولة اللبنانية بما خص عائلات بعض مسلحي الزبداني الذين تسللوا خلسة الى الداخل اللبناني .
ما يمكن استنتاجه أيضا وبطريقة ضمنية لم تظهر في هذا الاتفاق، الدور التركي المستتر في رعاية وضمان تنفيذ بنود هذا الاتفاق، وهذا ما ظهر من خلال التصويب الواضح لمسؤول ميليشيا "جيش الاسلام" زهران علوش على الحكومة التركية التي حسب ادعائه قد لعبت دورا محوريا في حماية الفوعة وكفريا ومنع المسلحين من الذهاب بعيدا في معركتهم الاخيرة على البلدتين.
كما وظهر الامتعاض الواضح تجاه أنقرة من قبل مسلحي الجيش الاسلامي التركستاني وكتيبة الاوزبك والذين يعتبرون من الاشرس في حراكهم المسلح شمالا، حيث قادوا حركة اعتراضية مع مسلحي جبهة النصرة الاكثر تشددا لافشال الاتفاق واكمال الزحف على البلدتين وحيث عمدوا مؤخرا وعلى وجه السرعة الى رعاية وتنفيذ المجزرة المروعة بحق اسرى جنود الجيش السوري في قاعدة ابو الضهور الجوية، وذلك هربا من ضغوط تركية محتملة تواكب اتفاق الهدنة وتؤمن الحماية لهؤلاء الجنود الذين غُدر بهم في واحدة من اكثر العمليات الارهابية دموية والتي نفذت باسلوب داعشي بامتياز .
وعليه، واستنادا الى ما تقدم يمكن ملاحظة المعطيات التالية:
- الدور المحوري لمندوب تابع للامم المتحدة في رعاية ومراقبة وضمان تنفيذ اتفاق الهدنة المذكور والمرشح لان يتوسع في الزمان بان يمتد لمدة ستة اشهر واكثر، وفي المكان نظراً لارتباط المواقع التي شملها هذا الاتفاق ميدانيَّا مع مواقع اخرى في الزبداني ومحيطها وسطاً (مضايا – بقين – سرغايا – بردى) او في مناطق تابعة لمحافظة ادلب شمالاً (نبش – تفتناز – طعوم – معرة مصرين – مدينة ادلب وغيرها).
- الدخول الايراني الفاعل على خط التنسيق مع الدولة السورية وحلفائها من جهة ومع الدولة التركية من جهة اخرى.
- التطورات المتسارعة التي فرضها التواجد العسكري الروسي في الشمال السوري ساحلا، وبدء إجراءاته الميدانية في تركيز وحداته المنقولة جوا وبحرا ، والاستعلامية من خلال إطلاق طائرات الاستطلاع دون طيار والمباشرة بتنفيذ ضباطه الامنيين عمليات التعرّف إلى الجبهات وصولا الى داخل حلب والحسكة ودير الزور.
- الانسحاب السعودي الميداني جنوبا من خلال وقف العمل بغرفة عمليات الموك .
من خلال كل هذه المعطيات، اضافة الى النقطة الاساس والتي تتمثل بالصمود الواضح للجيش السوري وحلفائه في مواجهة الهجمة الارهابية الواسعة والمدعومة من دول اقليمية وغربية معروفة، يمكن الإستنتاج بان غرفة عمليات انطاكية والتي كانت تدير اغلب معارك المسلحين في الشمال السوري هي على طريق التجميد المؤقت او النهائي اسوة بغرفة عمليات الموك في الجنوب .