ارشيف من :آراء وتحليلات

جزم تونسي بفشل حوار الصخيرات

جزم تونسي بفشل حوار الصخيرات

فاجأ الرئيس التونسي الباجي قاد السبسي، في حوار أجرته معه إحدى الفضائيات التونسية، المتابعين داخل الخضراء وخارجها بالتأكيد على أن حوار الفرقاء الليبيين الذي يجرى في مدينة الصخيرات المغربية لن ينجح في الوصول إلى نتيجة مستبقا جميع التوقعات. ولمح إلى أن عدم انخراط تونس في هذه الجهود مرده إلى يقينه الشخصي أن الظروف غير ملائمة في الوقت الحاضر ليصل الليبيون إلى اتفاق ينهي حالة الانقسام التي تشهدها البلاد.

كما أشار قائد السبسي إلى أن الحل يكون بين أبناء ليبيا أنفسهم ودون تدخلات خارجية لأن الخارج هدفه مصالح تتعارض مع مصلحة الليبيين. كما اشار أيضا إلى أن دول جوار ليبيا (تونس والجزائر ومصر وتشاد والنيجر...) يمكن أن تساعد في الوصول في الحل، وهو ما فهم منه بأن إجراء الحوار الليبي برعاية الأمم المتحدة في دولة من خارج دول جوار ليبيا أي المغرب كان خيارا خاطئا.

روابط اجتماعية

وللإشارة، فإن تونس هي أكثر دولة يلجأ إليها الليبيون سواء للتداوي أو عند الأزمات والحروب وهي التي تأوي قرابة المليون ونصف المليون ليبي في الوقت الراهن أقاموا مدارسهم الخاصة. كما أن الشعب التونسي اعتاد على العيش جنبا إلى جنب مع المواطنين الليبيين الذين بات وجودهم في تونس أمرا مألوفا وطبيعيا ولا يشعر التونسي أن المواطن الليبي غريبٌ عن الديار.

جزم تونسي بفشل حوار الصخيرات

وهناك روابط اجتماعية وقبلية بين الشعبين وعلاقات مصاهرة خاصة في المناطق الحدودية وتتكرر أسماء العائلات في كلا البلدين باعتبارها تنحدر من القبائل نفسها. لكنَّ مرور الحبيب بورقيبة برئاسة تونس وقيادته لمشروع ينتهج الحداثة وقضاءه على القبلية وتوحيده للمجتمع التونسي وحرصه على التعليم هو الذي ميز إلى حد ما بين الشعبين.

تصريحات جادة

لذلك يبدو التونسيون الأقرب إلى فهم الليبيين والأقرب إلى المساعدة في حل الأزمة الليبية بحكم الروابط المتعددة المذكورة وبحكم العلاقات بين منظمات المجتمع المدني في كلا البلدين. وكان فعلا من الخطأ، بحسب اغلب الخبراء والمحللين، أن يذهب الحوار الليبي بعيدا عن تونس أو إحدى دول جوار ليبيا وخصوصا مصر والجزائر، كما كان خطأ فادحا تشريك المنظمات الأهلية بصورة محتشمة في مفاوضات تتعلق بمستقبل ليبيا.

ويؤكد جل المحللين وجوب أخذ تصريحات الرئيس التونسي مأخذ الجد باعتبار حنكة الرجل وخبرته السياسية وهو الذي شغل حقائب وزارية سيادية منها الخارجية وترأس الحكومة ومجلس النواب ليتربع أخيرا على عرش قرطاج رئيسا للجمهورية. كما أن العلاقات الخارجية لقائد السبسي تجعل معلوماته بشأن الحوار الليبي شبه مؤكدة ولا يرقى إليها الشك خاصة وأن له سوابق في هذا المجال على المستويين المحلي والدولي.

ولعل ما يدعم تصريحات الرئيس التونسي هو الاقتتال الذي اندلع مجددا في مدينة بنغازي بين جماعة طبرق التي تحظى حكومتها باعتراف دولي وتعتبر قواتها نواة الجيش الليبي وبين ميليشيات يتحدث البعض على أنها تكفيرية فيما يؤكد البعض الآخر على أنها تابعة لفجر ليبيا في طرابلس المشكلة من تنظيمات إخوانية وسلفية. وقد جعل هذا القتال السفيرة الامريكية في ليبيا تغادر بصورة مفاجئة إلى الصخيرات المغربية لتحذير المفاوضين من مغبة ما يحدث.

2015-09-25