ارشيف من :آراء وتحليلات
الطيران الحربي الروسي يخيف الجنرالات الاميركيين(1/2)
قبل أن تبدأ الضربات الجوية الروسية ضد تنظيم "داعش" وأخواته الذي تم تسليحه بأحدث الأسلحة الأميركية، وتمويله وتدريبه وتحديد أهدافه وتحضير المسرح السياسي والاستراتيجي له، من قبل أميركا و"إسرائيل" وتركيا وبعض الحكام العرب وتوابعهم المتاجرين بالعروبة والإسلام، كان كبار الجنرالات الأميركيين قد بدأوا يدقون ناقوس الخطر حيال تنامي القوة العسكرية لروسيا.
ولا بد من التذكير انه في عهد النيوستالينيين غورباتشوف ويلتسين والمليارديرية اليهود المرتبطين بالغرب، حدث تخلف كبير، مخطط له ومدروس، في القوات المسلحة الروسية، عن نظيرتها الغربية، على غرار ما فعل ستالين بالجيش السوفياتي، عشية الهجوم الألماني الصاعق على الاتحاد السوفياتي في 22 حزيران 1941، حينما كان ستالين مشغولا لا بالاستعداد للحرب، بل بارسال عشرات آلاف الضباط السوفيات الى خشبة الإعدام، وتكديس الطائرات الحربية السوفياتية كالخردة في الخط الأمامي، بعد إعدام طياريها، ليسهل على الطيران الألماني تدميرها تدميرا كاملا في الأيام الأولى للحرب.
ومنذ أمد قصير أعلن القائد الأعلى للقوات الجوية الأميركية في أوروبا فرانك غورينتس، أن القوات الجوية ـ الفضائية الروسية قد تجاوزت تخلفها السابق. وأكد "انه لا جدال في أنهم تغلبوا على ثغرة توفير الإمكانيات". وقال حرفيًّا "أن الطائرات التي يصنعونها هي قادرة، بفضل أنظمة الحد من الاختراق، على خلق مناطق محمية جيدا". وهذا ما يستدعي لديه "قلقا كبيرا جدا". وأضاف ان القوات المسلحة الجوية ـ الفضائية الروسية قد ازدادت "كميا ونوعيا" حسبما نقلت عن لسانه وكالة تاس.
العودة الأميركية الى "الحرب الباردة"
ومن وجهة نظر غورينتس فإن القوات الجوية الأميركية ينبغي عليها ان تحسّن استعداداتها في الظروف الراهنة. ويعتقد الجنرال انه "من الواضح تماما انه ينبغي علينا الرجوع الى الاساليب السابقة، التي كنا نطبقها خلال الحرب الباردة". ولكنه لم يتحدث عن خطط محددة للاستعدادات العسكرية.
وكنموذج، ذكر الجنرال منطقتين، هما شبه جزيرة القرم وكالينينغراد، بأنهما محميتان جيدا، وتستطيع القوات المسلحة الروسية من خلالهما السيطرة على المدى الجوي لعدة بلدان أعضاء في حلف الناتو.
الاعتراف ببداية التفوق النوعي للسلاح الجوي الروسي
وليس تصريح هذا الجنرال الأميركي الكبير وحيدا، فقبله كان رئيس اركان مخابرات القوات الجوية الأميركية الفريق دايفيد ديبتولا قد أعلن أنه في الوقت الذي كان فيه القادة الأميركيون يراهنون على عمل الوحدات الصغيرة الموزعة في بلدان العالم الثالث في مجرى النزاعات الإقليمية، فإنهم لم يعيروا الاهتمام الكافي لروسيا، التي كانت قدراتها تزداد بشكل ملحوظ. وقال في تصريح له لجريدة The Daily Beast "انه يوجد لدى الروس افضل نظام دفاع جوي على الكرة الأرضية. واليوم يحوز الروس تفوقا ملحوظا في السلاح الصاروخي من فئة "ارض ـ جو"؛ وفوق الأراضي التي تحميها انظمتهم للدفاع الجوي، هم قادرون على قطع المجال الجوي امام اي جسم طائر". ووصف ديبتولا الطيران الحربي الأميركي بأنه "شائخ"، وذكـّر بأن متوسط عمر الطائرات الحربية الأميركية في الخدمة يزيد عن 25 سنة، واعلن عن الحاجة الى تزويد سلاح الجو بقاذفات جديدة. وقال انه ينبغي شراء "اكثر ما يمكن من القاذفات، وبأسرع ما يمكن".
القدرات الروسية لا تنضب
وعلى العكس من ذلك، فإن القوات الجوية الروسية اشترت في الـ 2014 عددا قياسيا من الطائرات في التاريخ الحديث للبلاد. وليس من الصدفة ان الجنرال غورينتس ذكر كمثال شبه جزيرة القرم ومنطقة كالينينغراد. اذ ان روسيا تقوم بتدعيم هاتين المنطقتين باستمرار. وقد بدأ التجميع في شبه جزيرة القرم مباشرة فور عودتها الى الكيان الروسي. وفي نهاية شهر تشرين الثاني 2014 كان قد تم تجميع 14 طائرة مطاردة من طراز SU-27 SM و SU-30 في قاعدة بيلبيك في القرم. وقد بدأت هذه الطائرات عملها في المناوبة القتالية لحماية المدى الجوي للقرم. وفي السنة ذاتها تم استبدال الطائرات المقاتلة SU-24 والطائرات المطاردة SU – 27 بطائرات SU – 30.
وقد اتخذ القرار ان تجري في السنة القادمة موضعة القاذفات بعيدة المدى في شبه الجزيرة وكذلك المنظومات العملياتية ـ التكتيكية "إسكندر ـ M" التي ترعب الغرب. وبالإضافة الى ذلك اعلنت وزارة الدفاع انه سيتم ايضا موضعة مجموعة من القاذفات بعيدة المدى من طراز TU-22M3.
ويعتبر الخبراء ان موضعة القاذفات الصاروخية الاستراتيجية من طراز TU-22M3 هي كافية لتحقيق الردع الساحق للقاعدة المضادة للصواريخ في رومانيا "فهذه الطائرات قادرة على توجيه ضربتها لتلك القاعدة دون الدخول في مدى الدفاع الجوي للعدو. فالصواريخ التي تطلقها هذه الطائرات يبلغ مداها 600 كلم، في حين ان القاعدة الرومانية المستهدفة تبعد عن الشاطئ حوالى 400 كلم".
نظام الدرع الصاروخية الأميركية يساوي صفرا
وبلدان الناتو لا تملك وسائل دفاع أرضية تغطي هذا المدى. وفي هذه الحالة فهذا يعني ببساطة ان نظام الدرع الصاروخية الأميركية لا يساوي اكثر من صفر. والوقوف بوجه قاذفات الصواريخ الروسية يمكن فقط عبر استخدام الطائرات المطاردة.
روسيا ترد على طريقتها على سياسة التوسع الناتوية
وقد جرى أيضا تعزيز مميزات منطقة كالينينغراد، التي تعتبر كسنان رمح موجه الى قلب شمال وغرب اوروبا. فحسب اتفاقية الأسلحة التقليدية في أوروبا، يحق لروسيا ان تحتفظ في كالينينغراد فقط بفرقتين من المشاة. ولكن مع بداية التوسع الناتوي نحو الشرق، فإن روسيا خرجت من هذا الاتفاق. ومنذ سنة 2011 بدأت زيادة تجميع الجيوش في كالينينغراد. وجرى أولا بناء محطة رادارية من طراز "فورونيج ـ DM" للإنذار المبكر ضد الهجمات الصاروخية. ثم جرت موضعة منظومات صواريخ "إسكندر ـ M" المرعبة.