ارشيف من :آراء وتحليلات
الطيران الحربي الروسي يخيف الجنرالات الاميركيين(2/2)
علَّق نائب رئيس اكاديمية العلوم الجيوبوليتيكية فلاديمير انوخين على تصريح الجنرال الاميركي غورينتس بالقول "هذا واحد من التصريحات القليلة في صالح نمو إمكانياتنا. وهذا على الرغم من انه من الجهة المقابلة يمكن ان نفهم: أن الناتو يدق على الطاولة بسبب الوضع الدولي الذي حل في أوروبا، وهذا يدل على أن الناتو عليه ان يركِّز على عدو ما".
ويضيف هذا الخبير "لقد توصلنا في الفترة الأخيرة الى ان نحل بشكل جماعي مسائل الدفاع في المدى الجوي والفضائي، وذلك ليس فقط في الجانب المادي، بل في تحضير الاطقم البشرية".
اما الخبير كوزيولين فيقول ان روسيا لا تزال متخلفة في صناعة الطائرات "ان الولايات المتحدة الأميركية تستخدم منذ سنوات الطائرات من الجيل الخامس. اما عندنا فقد بدأت منذ وقت قريب اختباراتها. اما بخصوص أنظمة الدفاع الجوي، فمن المؤكد ان الجنرال (الأميركي) يقصد بالدرجة الأولى ان روسيا تقوم بانشاء منظومة S-500، وانها بدأت بإنتاج منظومة S-400. ولكن إعادة التسلح بدأت للتو، اما انتاج الطرازات المستقبلية فلا يزال قيد البرمجة. والاميركيون يعبرون عن الخوف بشكل مبكر".
خبير آخر هو فيكتور موراخوفسكي رئيس تحرير مجلة "الترسانة الوطنية" فيقول "لجهة التخلف التكنولوجي، فهو لم يكن موجودا ابدا في بعض القطاعات. وعلى العكس تماما، ففي أنظمة الدفاع الجوي، وأنظمة الإنذار المبكر عن الهجمات الصاروخية، فقد كان لدينا تقدم اكبر. دون ان ننكر انه كان لدينا تخلف في بعض أنواع الطائرات. وعلينا أن نزيل هذه الفجوة. وهذا يتطلب أن يبدأ الإنتاج السلسلي للطائرات من الجيل الخامس ووضعها في الخدمة".
وأضاف "في الأسلحة الخاصة بالطائرات، نحن تغلبنا بالفعل على التخلف الذي كان قائما. أما فيما يتعلق بالرادار، الخاص بتوجيه حركة الطيران، وكشف الأهداف الجوية، فنحن نشغل الموقع المتقدم. وبالإضافة الى ذلك، ففي أنظمة الحرب الراديو ـ الكترونية، نحن بلغنا مستوى اكثر تقدما من الاميركيين".
ونذكّـر ان "القوات الجوية ـ الفضائية" الروسية قد تشكلت بنتيجة توحيد جيوش "الدفاع الجوي ـ الفضائي" و"القوات الجوية الحربية". ويخضع للقائد الأعلى لـ"القوات الجوية ـ الفضائية": الطيران الحربي، قوات الدفاع الجوي والمنظومات المضادة للصواريخ، والجيوش الفضائية. ويقود كلا من هذه القوات نائب للقائد الأعلى، ويتم تنظيم وإعادة تنظيم قوات "الدفاع الجوي ـ الفضائي" تبعا لكل حالة ملموسة.
وفي شهر آب الماضي أعلن وزير الدفاع سيرغيي شويغو ان قوات "الدفاع الجوي ـ الفضائي" الموحدة بدأت بممارسة مهماتها.
وفي بداية هذا العام كان الوزير شويغو قد اعلن انه حتى نهاية السنة سيتلقى سلاح الجو والطيران البحري 126 طائرة جديدة و88 طائرة هيليكوبتر، وفي هذه الحال فإن جهوزية حظيرة الطائرات بعيدة المدى ينبغي ان تبلغ 80%.
طائرة A-60: مصيبة على الطائرات والاقمار الاصطناعية والصواريخ الأميركية
وفي 14 أيلول الماضي فإن الموقع الالكتروني للمجمع العلمي ـ التكنولوجي للطيران في تاغانروغسكي المسمى غ. م. بيرييف (TANTK) نشر معلومات رسمية حول استكمال التجارب لبناء المكونات الهندسية والبرنامجيات الخاصة بطائرة(A-60SE) .
وتعليقا على ذلك نشر بلوغ BMPD الذي يشرف عليه خبراء مركز التحليل الاستراتيجي والتكنولوجي ما يلي: ان رمز SE في لائحة مجمع تاغاروغسكي يعني التسمية المعاصرة لما كان يسمى برنامج (Sokol – Echelon).
ويشير البلوغ ان هذا البرنامج كان قد بُدِئ به منذ العهد السوفياتي، ثم أوقف في 1993 (أي في عهد يلتسين)، ثم اعيد العمل به بعد سنة 2003، وهو يتمحور حول صناعية طائرة خاصة تستخدم سلاح اشعة الليزر وقادرة على احراق الطائرات والاقمار الاصطناعية والصواريخ الباليستية في الجو والفضاء حتى ارتفاع 30 ـ 40 كلم.
فشل اميركا في صناعة أسلحة الليزر الكونية
وبالطبع ان الولايات المتحدة الاميركية كانت تعمل على صناعة طائرة مماثلة، انطلاقا من طائرة بوينغ للشحن، وقد صنعت طائرة تسمى (ABL — Air Borne Laser)، المصممة للاستخدام في منظومة الدفاع المضاد للصواريخ. وحسبما أعلنت وسائل الاعلام الأميركية، فإن هذه الطائرة نجحت في شباط 2010 في تجربة إصابة صاروخين باليستيين وهما في أقصى سرعتهما. ولكن التجارب اللاحقة فشلت جميعا، وفي سنة 2012 اضطرت وزارة الدفاع الأميركية لايقاف العمل بهذه الطائرة وارسالها الى حظيرة الخدمات التكنولوجية المسماة (AMARG)، والمعروفة اكثر باسم "المقبرة".
ويستعرض الخبراء الروس الجهود الكبرى التي بذلتها الولايات المتحدة الأميركية لصناعة سلاح الليزر لاسقاط الصواريخ الباليستية، والتي فشلت جميعا الى الآن.
ويعتبرون ان النجاح في صناعة الطائرة الجديدة القادرة على استخدام سلاح الليزر على الارتفاعات المنخفضة وفي الفضاء الكوني، في مختلف الظروف الطقسية، هو نتيجة للجهود الكبرى، منذ 1970 الى اليوم، لأجيال من العلماء السوفيات والروس (وأحدهم هو عالم الفيزياء الحائز على جائزة نوبل نيكولاي باسوف).
صدمة استراتيجية شاملة لاميركا
ويؤكد الخبراء أن صناعة هذه الطائرة تمثل صدمة كبرى ليس فقط لنظام الطيران الحربي الجوي والفضائي الأميركي، بل ولكل الاستراتيجية العالمية، العسكرية والسياسية، لاميركا.
والان تخوض روسيا معركة جوية ضد "الجيش الإسلامي(!!!) العالمي" الإرهابي، الذي سبق لاميركا وحلفائها ان حشدوه في سوريا. وهذه المعركة لها وجهان:
حلم السلطنة "العثمانية الجديدة" سيتحول الى كابوس لكل اصحابه
الأول ـ هو المعركة الضرورية ضد الإرهاب الذي كان ولا يزال يهدف الى تمزيق الدول العربية وجوارها، وإقامة سلطنة "عثمانية جديدة" هدفها الابعد الحلول محل الناتو المتهالك في مواجهة روسيا العظمى.
والثاني ـ هو "استعراض" و"امتحان" ميداني لقوة وقدرات السلاح الجوي الروسي، و"مواجهة فعلية" بينه وبين السلاح الجوي الأميركي، الذي يراقب بدقة كل ما يحدث، ويحاول إيجاد الثغرات في الأداء الروسي لاصطياد أي طائرة او هيليكوبتر او أي موقع أو دبابة أو مدفع روسي في ارض المعركة. ومن السذاجة ان يعتقد احد ان اميركا تكتفي بدور المراقب للمعركة الجوية الروسية في سوريا. فالواقع ان روسيا تشق طريقها في هذه المعركة تحت قبة كاملة من الرقابة التجسسية التقليدية والرادارية والالكترونية الأميركية، من البحر والبر والجو والفضاء الكوني. وكل طائرة روسية ترتفع مترا واحدا فوق الأرض السورية تكون محاطة ومحمية بنظام دفاعي روسي كامل تجسسي وبحري وارضي وجوي وفضائي.
وفي اطار هذه المواجهة الروسية ـ الأميركية الشاملة تخوض روسيا اليوم الحرب الجوية على الإرهاب في سوريا.
والقيادات العسكرية الروسية المعنية، تنسق ضرباتها مع الجيش السوري، ولكن ـ بناء على تجربة أفغانستان ـ فإن القيادات العسكرية الروسية لا تطلع أحدا مسبقا على عملياتها، حتى لا يفسح المجال لاي اختراق امني لطرف ثالث، ان يحقق أي غرض من اغراضه، كما جرى في عملية اغتيال الشهيد الحاج عماد مغنية.
فإذا ما قدر لروسيا النجاح في هذه المعركة، فهذا يفتح الباب كي تبدأ روسيا في المرحلة القادمة في تفكيك تدريجي لاستراتيجية الحروب الإقليمية التي انتهجتها اميركا عالميا، كبديل عن الحرب العالمية الثالثة التي تدرك اميركا تماما انها ستمحى من الوجود في اللحظة الأولى لتلك الحرب. لان القيادة السياسية والعسكرية لروسيا قد اتخذت قرارها النهائي بأنه في حال نشوء أي مؤشر على نشوب المواجهة الشاملة، فإن الضربة الأولى (وبالاصح الضربات القاضية الأولى من البر والبحر والجو والفضاء) ستكون: روسية فقط... و... نووية فقط!