ارشيف من :آراء وتحليلات
كاشف أسرار الاغتيالات..حقائق أم أوهام
أصابت تصريحات الإعلامي التونسي معز بن غربية، والتي نعَتَ خلالها تونس بدولة تحكمها المافيات وان لديه معلومات سيكشفها تتعلق باغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي والأمني سقراط الشارني وبالموت المفاجئ للسياسي طارق المكي والمحامي فوزي بن مراد، الصدمة والذهول لدى كثير من التونسيين. ولعل الإرهاق الذي بدا عليه باعث قناة التاسعة وأحد أهم الوجوه البارزة في الإعلام التونسي في السنوات الأخيرة، في التسجيل المصور الذي وضعه على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، واضطراره الى الهرب الى سويسرا خشية على حياته، هي التي أعطت لحادثة بن غربيه كل هذا الاهتمام.
فالرجل عرفت عنه جديته وليس من الذين يختلقون المشاكل لإثارة الرأي العام، كما أنه شرس في سعيه للدفاع عن مواقفه ومقنع بالحجة والبرهان ولا يتصور جنوحه الى الإثارة لجلب اهتمام الرأي العام. لكن ما يعيبه البعض عن بن غربيه هو تكتمه عن المعلومات التي بحوزته طيلة الفترة الماضية وعدم سعيه الى كشف الحقائق وإنارة سبيل القضاء والرأي العام في تونس وهو ما أكدت عليه عائلات المشار اليهم ممن تم اغتيالهم أو ماتوا بصورة مباغتة وحامت الشبهة حول الطريقة التي فارقوا بها الحياة.
معلومات جديدة
لكن الصحفي التونسي اكد لاحقا، وردًّا على من يلومونه بعدم تبليغ معلوماته الى القضاء، بأنه لم يعلم بما علم إلا حديثاً وهو ما جعل حياته مهددة، ما اضطره الى اللجوء الى سويسرا طلبا للحماية. كما اكد معز بن غربية انه عاد الى تونس لكشف الحقائق لدى القضاء الذي يبدو وأن الرجل لم يعد يثق فيه باعتبار عدم لجوئه اليه من البداية واضطراره الى طلب الحماية من السويسريين الذين لم تلق المسألة لديهم الاهتمام الكافي.
يشار الى أن النيابة العمومية اضطرت الى فتح بحث في الموضوع وأخذت كلام بن غربية على محمل الجد وأعطته الاهتمام اللازم باعتبار الخضة التي أحدثها لدى الرأي العام في تونس وحتى خارجها. وينتظر التونسيون بفارغ الصبر مثول الإعلامي أمام القضاء لاستجلاء الحقائق ومعرفة الخيط الأبيض من الخيط الأسود باعتبار تعلق المسألة بأمنهم القومي وتورط جهات داخلية وخارجية في زعزعة أمن واستقرار البلاد يرغب الكل في معرفتها.
أزمة نفسية
ويتحدث البعض عن ان معز بن غربية لم يكن بحالة طبيعية حين أدلى بتلك التصريحات وأنه مصاب بأزمة نفسية جراء التزامات مالية بعد أن تراجع بعض أصحاب المال عن دعمه ماديا في قناته التي أطلق عليه تسمية "التاسعة" وبدأت بعد في بثها عبر الأقمار الصناعية ولاقت بعض برامجها استحسان الجماهير. وحجة هؤلاء ارتباك بن غربية على غير العادة ونحول جسده والتعب والارهاق الباديان على وجهه وهو الذي اعتاد على الحرص على الظهور في صورة لائقة والبسمة التي لا تكاد تفارق محياه.
كما يرجح البعض فرضية إثارة البلبلة من لا شيء من قبل معز بن غربية لسبب ما بعد ان اعتاد التونسيون على المغامرين الذين لا هم لهم إلا الظهور وإبراز الذات وصنع البطولات الوهمية. لكن هذا الرأي مردود على أصحابه باعتبار الشهرة الكبيرة التي يحظى بها معز بن غربية تونس سواء في الأوساط الرياضية أو السياسية أو الإعلامية وباعتبار نجاحه في أغلب المحطات التي مر بها في مسيرته المهنية.
اغتيال شرف الدين
ويربط البعض بين تصريحات صاحب قناة التاسعة وعملية الاغتيال الأخيرة الفاشلة التي استهدفت النائب في حزب نداء تونس الحاكم عن ولاية سوسة ورئيس فريق النجم الرياضي الساحلي السيد رضا شرف الدين. حيث أطلق عليه مجهولون الرصاص وهو يقود سيارته من سيارة أخرى وهو متجه الى احد مصانعه بولاية سوسة. فالمستهدف هو احد الممولين لقناة التاسعة التي أسسها ويشرف عليها معز بن غربية، وما يزيد من الغموض انه عرف بأخلاقه العالية وعدم جنوحه الى خلق العداوات رغم ما يمكن ان تخلقه الرياضة من أحقاد بين الناس في بلد يتنفس المنافسات الرياضية ويعلقها الى حد الجنون ناهيك عن عالم السياسية الذي تغيب عنه أو تكاد المعايير الأخلاقية.
لذلك فالمسألة على غاية من الغموض وبحاجة الى حسم الأمور من قبل المعني بالأمر وفي اقرب الآجال لقطع الطريق على المتربصين بأمن البلاد واستقرارها من الداخل والخارج الإقليمي والدولي. ولعل العودة المنتظرة لمعز بن غربية الى ارض الوطن ستكون فاصلة، فأما ان يكشف الحقائق التي تحدث عنه أو يوجه اليه قاضي التحقيق تهمة الإيهام بوقوع جريمة، فالحسم في هذا الملف هو غاية التونسيين.