ارشيف من :آراء وتحليلات
خيارات ’إسرائيل’ ورهاناتها.. في مواجهة الهبّة الفلسطينية
مرة أخرى يؤكد الشعب الفلسطيني قدرته على ابتكار الاساليب التي تمكنه من الالتفاف على التنسيق الامني واجراءات العدو. ومرة أخرى يُجسد الشعب الفلسطيني، ارادته برفض الاحتلال والتمرد على كل القيود التي تفرض عليه من الداخل والخارج...
تأتي العمليات المتنوعة التي بادر اليها الشباب الفلسطيني في توقيت فلسطيني واقليمي استثنائيين. على المستوى الفلسطيني – الإسرائيلي، اتت هذه العمليات في ظل فشل الرهانات على التسوية حتى لدى مؤيديها. وبعدما بالغ الإسرائيلي في استفزاز الفلسطينيين بكافة توجهاتهم السياسية، عبر سياساته الاستيطانية واجراءاته الامنية ومواقفه السياسية فضلا عن محاولة فرض وقائع في المسجد الاقصى. وعلى المستوى الاقليمي، تأتي الهبّة الشعبية الفلسطينية، سواء عبر التظاهرات أو عمليات الطعن، والتي اتسع نطاقها لتعيد تعويم القضية الفلسطينية بعدما همشتها تطورات المنطقة.
عليه، يمكن القول إن العمليات الفلسطينية التي إتخذت طابع التسلسل والاتساع الجغرافي، إستطاعت رفع مستوى القلق لدى صانع القرار السياسي والامني في "تل ابيب"، وزعزعة صورة الردع الإسرائيلية، خاصة انها أتت بعد مسارعة حكومة العدو إلى تنفيذ اجراءات تدمير المنازل في محاولة لتوجيه رسالة إلى كل شاب او شابة يخطط لتنفيذ عملية أن يقلق على مصير عائلته، الامر الذي دفع نتنياهو وطاقمه الامني والسياسي لعقد مؤتمر صحفي بهدف احتواء مفاعيل هذه العمليات وتأثيرها على المواطن الإسرائيلي الذي بات يشعر بالقلق على أمنه الشخصي. وهكذا اسقطت هذه العمليات سياسة الردع الإسرائيلية وإن كان العدو ما زال يراهن على المسار التراكمي لهذه السياسة.
الخيارات الإسرائيلية
في ظل التصميم الذي أظهره الشعب الفلسطيني، تقف "إسرائيل" حائرة حول كيفية مواجهة ظاهرة الطعن بالسكاكين، والتي شكلت التفافا ناجحا على التنسيق الامني، وتعبيراً مدوياً عن المكنون الثوري الذي ما زال الشعب الفلسطيني يختزنه. وهو ما يرفع من قلق العدو لجهة أنه لو توفر لهذا الشعب الوسائل القتالية ولو بحدها الادنى لكان يمكن أن يحقق المعاجز في مواجهة قوات العدو.
وعلى ذلك، تتراوح خيارات قيادة العدو بين الاكتفاء بالدفاع والاجراءات الامنية والوقائية؛ القمع والردع وصولا إلى خيارات عملانية دراماتيكية، واحتواء سياسي ورهان على السلطة.
الانكفاء والدفاع. من الصعب جداً على كيان بظروف "إسرائيل" وعقليتها أن يلتزم بهذا الخيار السلبي ( اللافعل واللامبادرة)، فضلا عن أنه يوجه رسالة ضعف تسعى "إسرائيل" جاهدة إلى تجنبها.. وعادة لا تلجأ "تل أبيب" إلى مثل هذا الخيار إلا في حال وجود قيود تُكره صانع القرار على الالتزام بهذا السقف.
القمع والردع. الأصل في خيارات "إسرائيل". هو المبادرة إلى خطوات قمعية، وهو ديدنها طوال تاريخها وذو مراتب ومستويات وصولا إلى مرحلة الخيارات الدراماتيكية. لكن الظروف السياسية الحالية هي التي حالت حتى الان دون ذلك. خاصة وان هذه الخيارات تنطوي على تداعيات قد لا تكون في مصلحة "إسرائيل" في هذه المرحلة.
وبفعل ذلك، تم الاكتفاء باجراءات وقرارات قمعية مدروسة على امل ان يتراكم ذلك وصولا إلى حالة ردع ولو نسبي.
اما على مستوى الاحتواء، فهو خيار يقوم بشكل اساسي على عنصرين، اولهما عدم مبادرة "إسرائيل" إلى خيارات دراماتيكية.. والثاني وهو الاهم يتركز على اداء السلطة الفلسطينية. وبحسب التقارير الإسرائيلية فإن اداء الاجهزة الامنية للسلطة، يحظى برضا الاجهزة الامنية الإسرائيلية التي أكدت بأن ابو مازن كان وما زال يحول دون نشوب الانتفاضة.
في ضوء ما تقدم، يمكن القول إن الإسرائيلي ما زال يراهن على خمود الهبّة الشعبية الفلسطينية وإلى ذلك الحين يدير اجراءاته الامنية والقمعية بشكل مدروس ومنسق مع اداء السلطة.