ارشيف من :آراء وتحليلات

مصر على خطى برلمان 2012

مصر على خطى برلمان 2012

باهر عبد العظيم

قبل أقل من أسبوع من انطلاق ماراثون انتخابات مجلس النواب المصري – الاستحقاق الأخير من خارطة المستقبل التي وضعها الجيش في 3 يوليو/تموز 2013 – كثفت الأحزاب المصرية جهودها استعداداً للانتخابات التي من المقرر أن تُجرى مرحلتها الأولى يومي الأحد والاثنين المُقبلين في 17 محافظة.

اللافت أن كل حزب استنفر على طريقته الخاصة، فحزب "النور" المنبثق عن "الدعوة السلفية" – أحد أبرز التيارات الإسلامية التي تعتنق الفكر السلفي المُتشدد وتتخذ من مدينة الإسكندرية الساحلية مركزاً له – استمر في محاولة استمالة الناخبين عبر إصراره على الدعاية الانتخابية لمرشحيه في المساجد، رغم تشديد وزارة الأوقاف المصرية على منع استخدام المساجد لذلك الأمر، واتخاذها خطوات رادعة لمن يخالف تلك القرارات.

ويبدو أن الدعوة السلفية التي تبسط سيطرتها على الكثير من مساجد مدينة الإسكندرية، التي تُعرف بمساجد "السلفية" في المدينة الساحلية، تعتمد على تلك القاعدة الكبيرة بشكل أساس في الترويج لمرشحيها، حيث تخرج المساجد التابعة للدعوة "السلفية" عن سيطرة الأوقاف، وذلك وفق اتفاق ضمني بين وزارة الأوقاف والدعوة السلفية، يضمن استمرار سيطرة الأخيرة على المساجد مقابل تطبيقهم شروط الوزارة بالالتزام بخطبة جمعة موحدة، فيما قال مراقبون إن الدولة ترد الجميل للتيار السلفي الذي شارك في بيان عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، في أعقاب ثورة شعبية خرجت ضده في 30 يونيو/حزيران 2013.

مصر على خطى برلمان 2012

وعلى سبيل المثال لا الحصر في استغلال حزب "النور" المساجد في الدعاية الانتخابية، حررت مديرية أوقاف الإسكندرية محضراً ضد مرشح حزب "النور" محمد رمضان الزعيرى، لوضعه دعاية انتخابية على أعلى مسجد "بلال بن رباح" في ضاحية "المعمورة البلد" شرق الإسكندرية، وقامت مديرية الأوقاف بنزع اللافتات والتحفظ عليها، وقررت اتخاذ اللازم تجاه المخالفات الانتخابية لمرشحي الدوائر واستغلالهم المساجد في الدعاية الانتخابية.

وقد رجَّح مراقبون أن تنحصر المنافسة الانتخابية بين قائمة "النور" السلفية وقائمة "في حب مصر" التي يتصدرها العديد من الأسماء المقربة من الدولة، ما زاد من حدة المنافسة بينهما، كون مجلس النواب المقبل هو الأكثر صلاحية ونفوذاً من كافة البرلمانات السابقة في مصر، حيث يتقاسم مع رئيس الجمهورية العديد من الاختصاصات، الأمر الذي دفع بالعديد من الشخصيات التي تسعى إلى مغازلة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى رفع شعار "هنغير الدستور"، وهو الأمر الذي أغضب الشخصيات العامة في الدولة والتي شاركت في كتابة الدستور، بينهم السياسي المخضرم عمرو موسى الذي ترأس وقتها لجنة الخمسين.

واعتمد حزب "النور" السلفي، في العديد من المؤتمرات التي عقدها خلال الأيام الماضية والتي تجاوزت 20 مؤتمراً، على حضور قيادات في الدعوة السلفية لتلك المؤتمرات، بينهم النائب الأول رئيس الدعوة السلفية، ياسر برهامي، وعضو مجلس ،مناء الدعوة السلفية محمود عبدالحميد، لضمان تأثير تلك القيادات على الناخبين، كما اعتمد الحزب خلال الفترة السابقة في دعايته الانتخابية على الحشد الجماهيري من خلال تشكيل مسيرات تجوب المحافظات التي من المقرر أن تُجرى فيها المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، فضلاً عن اعتماده على تقديم السلع الغذائية للمواطنين بأسعار مخفضة.

وعلى خطى تنظيم "الإخوان" الذي أدرجه القضاء المصري إرهابياً، في ديسمبر/كانون الأول 2013، فإن الحزب السلفي يمتلك قاعدة بيانات الدائرة الخاصة بالناخبين، ما يجعله قادرا على الوصول إليهم في بيوتهم وأخذهم بسيارات إلى اللجنة، وذلك يعتبر مخالفاً للدستور لأنه تصويت جماعي تم التوجيه إليه مباشرة، كما تلعب المرأة السلفية، دوراً كبيراً في الدعاية الانتخابية للحزب، حيث يتم استخدامهن في حشد السيدات والوصول إليهن في البيوت، كما أن اللافت أنه على الرغم من العداء الكبير بين "الإخوان و"النور" إلا أن مؤتمرات الحزب لم تشهد عنفًا، وقد شكلت الدعوة السلفية، لجانًا شعبية في كل محافظة يكون دورها حماية المؤتمرات وقيادات الحزب من العنف ومنع الإخوان من الوصول إلى المؤتمر، بعدما تعرض عدد من قيادات الدعوة السلفية للهجوم من قبل عناصر الإخوان، والتي كان آخرها استهداف مركبة قيادي في الدعوة السلفية في محافظة الجيزة، بوضع ناسفة بدايئة الصنع أسفلها.

وتلعب العائلات الكبيرة والقبائل دوراً كبيراً في حشد المواطنين للانتخابات البرلمانية، ويبدو أن قيادات الحزب "الوطني" المنحل – الحزب السياسي الذي كان يمثل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك وتم إطلاق مصطلح "فلول" على تلك القيادات – هم أكثر قدرة على اللجوء لتلك العائلات والاعتماد على العصبيات وخاصة في محافظات الصعيد في توجيه الكتل التصويتية.

كما يلعب المال السياسي دوراً كبيراً في العملية الانتخابية المقبلة، ويعتبر قيادات الوطني أيضاً هم أكثر الجهات التي يمكنها استخدام تلك الاموال في توجيه الناخبين لهم، وقد سعت أكبر القوائم "في حب مصر" و"نداء مصر" و"النور" على استقطاب رموز الوطني المنحل في المحافظات، وبررت بعض الأحزاب المنضوية تحت تلك القوائم الأمر بأنه ليس كل أعضاء الحزب "الوطني" فاسدون وأن الحزب الوطني كان يضم نحو مليوني عضو.

من جانبها، تعهدت وزارة الداخلية المصرية، بتأمين كامل للانتخابات بمرحلتيها، وأكد وزير الداخلية المصري اللواء مجدى عبدالغفار، الانتهاء من جميع إجراءات تأمين ماراثون الانتخابات البرلمانية، بخطة شاملة، تُعزز التواجد الأمني في الأماكن التي قد تشهد صراعات للتعامل السريع معها، وتهيئة الأجواء للانتخابات.

وقال الوزير المصري: "نعمل على تأمين المقرات الانتخابية والطرق المؤدية لها وتأمين هيئة القضاء المشرفة على الاقتراع ولن نسمح لأحد بتعطيل الانتخابات"، مؤكداً جاهزية قواته للوصول إلى أي مكان في مصر، لافتاً أن هناك "تكاتفًا لجميع الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج ضد مصر"، معتبراً الأمر غير مسبوق، إلا أنهم قادرون على حماية المجتمع وتحقيق انتصارات على تلك الجماعات المنحرفة فكرياً.

2015-10-13