ارشيف من :آراء وتحليلات
الغارات الروسية في سوريا وبيان ’البغاة’ الاثنين وخمسين
ما ان بدأت روسيا بغاراتها على الارهابيين التكفيريين في سوريا حتى قام اثنان وخمسون داعيًا سعوديًّا وهابيًا باصدار بيان يدعون فيه الى "الجهاد" ضد ما أسموه "الغزو الروسي". وقد تألف البيان من خمس نقاط سيكون لنا عند كل منها جملة من الملاحظات:
- النقطة الاولى للبيان جاءت بعنوان: "أيها الروس يا غلاة أهل الصليب"، اعاد "الدعاة" في هذه النقطة التذكير بغزو الاتحاد السوفياتي لافغانستان. وظهر كأنهم لم يروا منذ ثلاثين عاما غزوا في الامة الاسلامية، فلا الاميريكيون متواجدون على أراضي المملكة السعودية التي يصدرون بيانهم منها، ولا "اسرائيل" غزت وقتلت وشردت. والمفارقة ان البيان قد جاء والشعب الفلسطيني ينتفض بسكينه ضد الاحتلال. والطريف كان وصفهم لروسيا "بالصليبية الارثوذكسية" فهل ان مصطلح "الصليبية" بات ينحصر في الارثوذكسيين فلا يشمل الكاثوليك او البروتستنانت وربما ايضا لا يشمل الانجيلية الصهيونية؟؟. لكن المفارقة انهم على الرغم من اعترافهم بان "الحرب الصليبية" قد أعلنها "بوش" الابن من قبل الا اننا لم نر هذه الدعوة "للجهاد" ضد الاحتلال الاميركي للمملكة.
- النقطة الثانية التي عُنونت بـ"يا أهلنا في الشام" برزت فيها الدعوة الى الصمود والثبات وعدم مغادرة الشام. بل ودعوة القادرين منهم إلى "الالتحاق بركب الجهاد". ولا ندري هل يخشى هؤلاء من أن يصاب الارهابيون في سوريا بالذعر فيغادرونها الى المملكة السعودية او بعض دول الخليج فيتحولون عبئاً عليهم ويخشون من انقلابهم على صانعيهم. لكن اللافت هو توصيف النظام السوري "بالنظام الكافر" ولا ادري ما هو توصيف النظام في المملكةّ! فانه حسب ادبيات "السلفية الجهادية" نظام كافر ايضا ويمكن مراجعة كتاب "أبو محمد المقدسي" حول هذا الامر(الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية).
- النقطة الثالثة كانت بعنوان "يا قادة المجاهدين" والتي خصصها البيان لدعوة التكفيريين الى الاتحاد ونبذ الفرقة. لكن اللافت هو قولهم" وإن الاجتماع على القائد المفضول خير من الافتراق من أجل قائد فاضل". فمن هو المفضول ومن هو الفاضل؟ هل هي دعوة لترك بيعة الجولاني والظواهري من خلفه، للالتحاق بالبغدادي؟ أم هي العكس لترك بيعة البغدادي ومبايعة الجولاني؟
- النقطة الرابعة أتت بعنوان "رسالة الى الدول العربية والاسلامية"، اعتبر فيها الموقعون على البيان "إن التحالف الغربي-الروسي مع الصفويين والنصيرية حرب حقيقية على أهل السنة وبلادهم وهويتهم، لا تستثني منهم أحداً". ما قيل عن التحالف أنه روسي - صفوي فهو أمر واضح، لكن ان يكون غربيا فهذا عين الجنون، فالمملكة ومعظم دول الخليج تتباهى بتحالفها مع الولايات المتحدة الاميركية واوروبا وهي تتسابق لابرام صفقات اسلحة تمثل "رشوى" لهم لشراء مواقفهم. فأين الدعوة لقتال الاميركي في قواعده الجاثية في السعودية وقطر والبحرين والكويت؟ لأن قتال المحتل عندكم اولى من قتاله عند غيركم. ومع ذلك فان "الدعاة"، رغم حديثهم عن تحالف غربي روسي، لم يطلبوا إلى الدول العربية والاسلامية سحب سفرائهم الا من روسيا وايران. فلماذا الاقتصار عليهما فقط دون باقي الدول الغربية التي قيل انها في تحالف مع روسيا وايران؟!!
أما النقطة الخامسة فقد عُنونت بـ" أيها العلماء والمصلحون والمفكرون" وتدعو فيها هؤلاء للكشف عن حقيقة ما يجري في سوريا، وللدعاء "للمجاهدين" بالنصر. وهي دعوات لم نشهدها حينما كان الصهيوني يقتل الفلسطينيين واللبنانيين. ولم نشهدها عندما كانت الغارات الفرنسية تقتل الليبيين.
وعلى أي حال فان البيان وما جاء فيه، خاصة وأنه ممهور بأسماء من يطلقون على انفسهم صفة "دعاة"، يخالف بشكل واضح قرار محاربة الارهاب الذي اصدرته المملكة السعودية عام 2013 . ومع ذلك فان الاجهزة الامنية السعودية لم تحرك ساكنا تجاه هؤلاء. وكل ذلك يفضح المزاعم السعودية حول محاربتها للارهاب، بل يؤكد يوما بعد يوم انها مصدر لقرن الشيطان التكفيري.