ارشيف من :آراء وتحليلات

أمريكا: ’باكستان شرٌ لا بد منه ’

أمريكا: ’باكستان شرٌ لا بد منه ’

استند دعم باكستان التاريخي لقبائل البشتون في أفغانستان على فكرة أن البشتون حائط صد منيع أمام تمدد النفوذ الهندي في البلاد، ما تخشاه باكستان وتعتبره تهديدا لأمنها القومي، ادى ذلك بدوره الى انخراط باكستان في مسار معقد من الدعم لنظام طالبان الذي حكم أفغانستان قبل بداية الحرب التي شنتها قوات الاحتلال الأمريكي بذريعة الحرب على الإرهاب، وقد استمرت اسلام آباد بسياستها هذه مع قبائل البشتون الأفغانية، لأن شعورها بالتهديد من العدو التقليدي الهند لم يتغير.

أمريكا: ’باكستان شرٌ لا بد منه ’

في السنوات الآخيرة ، وصلت باكستان إلى جماعات من غير البشتون، مثل بعض أعضاء الائتلاف الأفغاني في التحالف الشمالي، وذلك عبر مجهود استخباراتي ودبلوماسي، وبعض القنوات العسكرية. ونتيجة لذلك، كان دائما ينظر الى باكستان على أنها" مفسد " في أفغانستان .

يرى خبراء في اسلام آباد ، أن باكستان اليوم بحاجة إلى شبكة حقاني وغيرها من قبائل البشتون اكثر من اي وقت مضى، لأنها من جهة ترغب بلعب دور رسمي في البيئة السياسية الجديدة في افغانستان، ومن جهة اخرى لأن قوات حلف الشمال الأطلسي لم تعد تقوم بدوريات في المناطق الحدودية ما يفرض على باكستان أن تلعب اللعبة القديمة نفسها من استعمالها للبشتون والقبائل كوكلاء يحرسون المصالح الباكستانية مقابل السلاح و الملجأ الآمن .

هذه اللعبة على قذارتها استطاعت أن تحفظ لباكستان مكاناً في الألعاب الكبيرة، وهي المفتاح لأبواب واشنطن أمام المفسد في أفغانستان، اي باكستان. بالتالي يخطئ من يظن أن حرص باكستان على العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية أو زيارة نواز شريف إلى واشنطن تعني تخلي باكستان عن استراتيجيتها في أفغانستان، لأن مكمن القوة في السياسة الخارجية الباكستانية هو نفوذها التاريخي والمتجذر في افغانستان، اما الكلام الذي يردده المسؤولين في واشنطن كل صباح ومساء عن دعوة باكستان لإيجاد حل سياسي في افغانستان، نفهمه جيداً في اسلام آباد، فهو دعوة امريكية لوقف الدعم الباكستاني لقبائل البشتون  لكن مقابل ماذا؟ حصة في حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها كيري ؟

"باكستان شر لا بد منه" هكذا تنظر الولايات المتحدة الأمريكية إلى باكستان، وهذا ما تعرفه اسلام آباد جيداً، لذلك نراها تبتز واشنطن ايما إبتزاز، ولا خيار أمام واشنطن إلا أن تبقي أبوابها وجيوبها مفتوحة للمسؤولين الباكستانيين .

فمنذ هجمات 11 سبتمبر، تلقت باكستان أكثر من 31 مليار دولار  كمساعدة علنية ومباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية. مع كونها من المفسدين بحسب الولايات المتحدة الأمريكية والداعمين لحركة طالبان وشبكة حقاني ، وكانت على علم بوجود اسامة بن لادن على اراضيها في مدينة ايبت آباد التي لا تبعد عن العاصمة اسلامة اباد الّا سفر ثلاث ساعات .


في الخلاصة ، وكما يقول المثل العربي : "اهل مكة ادرى بشعابها ". لعل على اصدقائنا من الدول المجاورة لباكستان،  أن  يجلسوا معها على طاولة الحوار خيرا لهم من معاندتها والتحالف مع عدوها التقليدي الهند في افغانستان، وفتح قنصليات للهند على ارضيها، ما تعتبره باكستان خطوة استفزازية .

2015-10-23