ارشيف من :نقاط على الحروف
الإعلام الأزرق: هذا حبر... ’نبغي’ المال.
التطورات الاقليمية والدولية لطالما ترخي بظلالها على الواقع الداخلي اللبناني، وتحيك أوراق سياسته وتوجهات بعض سياسييه، بل تخطت ذلك لتصل الى الاعلام المحلي الذي أضحى بعد عام 2005 أكثر وضوحا في انتمائه واصطفافه مع المحاور، الا أن الحرب السورية كانت المسمار الاخير في إسقاط القناع عن بعض وسائل الاعلام وارتهانها الى الدول واجنداتها على حساب مصلحة الوطن والشراكة والاستقرار، بل اصبحت بوق الفتنة الذي ينعق في نفوس اللبنانيين ويشعل نار الطائفية والحقد ببضع اسطر وقليل حبر فيما المقابل حفنة دراهم ودنانير.
أسهم الـ"حبر" اليوم في ارتفاع متواصل، حيث بورصة الصحافة الصفراء باتت تضاهي البورصة العالمية، وروادها كثر يعيشون بين ألوان الاحزاب ويقتاتون بشهادات زور وكذب، حيث صفاتهم تتوزع بين كاتب وصحفي واعلامي ومنجم وقارىء، فكر وفلك، فالكل يدور في الفلك ذاته والهدف واحد؛ المال المال المال لنشبع غريزة هنا وبطنا هناك ، وبضع اهواء لم تجد لها في غير هذه المهنة الشريفة النبيلة سوى السبيل لاحتكار الآراء والاقلام.
بعد كل ما تقدم، سنلقي الضوء على الاعلام الازرق، كمثال يقاس بهذه الفئة المرتهنة للبلاط الملكي، فقد كان لافتا توجه هذا الاعلام في اليومين الماضيين، وخصوصا في اطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ليلة العاشر وصباحه، حيث اطل بين جمهوره في مجمع سيد الشهداء (ع) في ضاحية بيروت الجنوبية، مطلقا العديد من المواقف السياسية التي ترسم الخطوط الجديدة القديمة للصراع الحاصل، ولكن هذه المرة كانت لغة الحسم العالية هي المفاجئة للداخل والخارج، ليعيد مواقفه في اليوم التالي من قلب الضاحية الجنوبية – ملعب الراية حيث مئات الآلاف من الناس كانت تحتشد بعد انتهاء المسيرة الحسينية، مجددا العهد بمواصلة الطريق الذي لا عودة عنه .
الاعلام الازرق
لنرى واياكم كيف عالج الاعلام الازرق هذه الاطلالة والمواقف، ولكن قبل ذلك تجدر الاشارة الى أن هذا الاعلام يعاني من "شح" مالي وجفاف في الرواتب حيث تمر الايام والاشهر ولا يقبض موظفوه رواتبهم بانتظار الحلحلة المالية التي تنتظر بدورها "رضا" الأمير والملك، وقد وعد الاخير بالحلحلة القريبة بعد المشاكل الاقتصادية التي تعانيها مؤسسات الحريري، وعلى ضوء هذا الوعد يجهد الاعلام الازرق للملمة ما لديه من "حبر" لإغداق المملكة وملكه بما لذ وطاب من صفات وبطولات "دونكيشوتية" لا تلامس الواقع ولعل هذا الحبر يكثر المال في هذه "الصرة" وهنا نستنتج مدى الحقد والغباء معا التي يمارسه هذا الاعلام لقبض مستحقاته .
وبالعودة الى اطلالة الامين العام لحزب الله وكيف تناوله "الاعلام الازرق"، ففي احدى المقدمات نرى الكثير من المغالطات والاكاذيب و"الفتن"، ورد في المقدمة التلفزيونية الزرقاء ان هذه الاطلالة "فريدة من نوعها منذ عشر سنوات لناحية طول مدة بقاء السيد نصرالله بين جمهوره"، ولكن لنعود بالذاكرة الى الوراء، ففي العام الماضي وفي الليلة ذاتها أطل السيد نصرالله ما يقارب الساعة متحدثا عن ابرز القضايا السياسية، وقبل ذلك اطل في مجمع سيد الشهداء (ع) بذكرى يوم القدس وكانت له مواقف بارزة اكد خلالها تبني حزب الله جمهورا ومقاومة القضية الفلسطينية الى اقصى الحدود ، وايضا لنعد في الذاكرة الى مسيرة تلبية رسول الله النبي محمد (ص) وأطل السيد نصرالله مخاطبا الناس، واذا اردنا الانتقال الى تكملة مقدمة "الازرق" فنقف عند بعض النقاط وابرزها ما فحواه ان خطاب نصرالله يعكس "الجنون والتخبط" الايراني لما يواجه من خسائر على طول المحور الممتدد من بيروت مرورا بدمشق وبغداد وصولا الى اليمن مستخدما احد جهابزة "الازرق" جملة "العالم العربي يعيش نشوة النصر بقيادة المملكة العربية السعودية فيما تعيش ايران زمن الهزائم" وهنا نرى ان هذا الفظ اختار جملة من احدى خطابات السيد نصرالله محاولا بذلك استثارة الخصم ولكن اذا دققنا بتفاصيل وجه مذيع النشرة فنرى علامات الاستهزاء بما قاله تارة والـ"غصة" طورا فهو لم يستوعب ما كتب فكيف للجمهورية الاسلامية الايرانية تعيش زمن الهزائم وهي اليوم تصنف من الدول النووية والقوية والحاضرة في كل الساحات، فيما السعودية تعيش اليوم سنين القحط فمخزون نفطها الاحتياطي بشهادة صندوق النقد الدولي سنواته معدودات بالاضافة الى غرقها في الوحول اليمنية وخسارتها لعشرات القتلى من شعبها وما نتج عن ذلك من تخبط داخل البلاط العائلي، ويضاف عليه حادثة منى التي نكبت الامة الاسلامية هذا العام دون ان يقدم خادم الحرمين ولو كلمة اعتذار من اهالي الضحايا، وغيرها من الامور في سوريا والعراق حيث مرتزقتها ينهارون امام اعين "التنابل" فعن اي نشوة نصر نتحدث؟
قمة الانحدار الخطابي كان عندما كتب احدهم ان روسيا كانت درع نصرالله في اطلالته اذ ان هذا الحلف الجديد توسط له عند كيان العدو للخروج ، وهنا كانت نظرات المذيع ترى الضحكات تعلو من المشاهدين ولكن ما في اليد حيلة فنريد المال طال عمرك، ولكن الاكثر حماقة وما يعكس من حقد وسم ما بثته تلك القناة حينها من ان حزب الله ترك فلسطين وأضحى يقاتل الحرب بحلف إسرائيلي والشاهد تشييع الحزب احد قتلاه في سوريا بالقرب من بوابة فاطمة بحسب مصطلحاتهم، وهنا نرى مدى الانحطاط الاعلامي الذي تخطى كل المحرمات الانسانية فالمال يطغى على العقول وعلى حرمة الشهداء واهلهم، وفي الخلاصة نحن امام افلاس اعلامي ازرق يخط الجهل في صفحات باهتة وشاشات عفنة، تبث التفرقة بهدف المال والدرهم ، ويا ليت هذه الصفحات ذكرت فلسطين يوما او خصصت لها الهواء ولو خلال النتفاضة الاخيرة الا ان هذه القضية ليس من اولويات المملكة الداعمة للذئب والمضحية بالفلسطنيين...
هذه بعض من اكاذيب الاعلام "الازرق" الذي لا ينفك يحاول ارضاء "الملك" بأية طريقة لعله يستحوذ على بضع قروش من ذوي الكروش والعروش يقتات عليها الى حين انقطاع سنوات الشح تلك.