ارشيف من :ترجمات ودراسات

قصف التحالف الذي تقوده واشنطن لداعش... ليس قصفاً

 قصف التحالف الذي تقوده واشنطن لداعش... ليس قصفاً

الكاتب:  François Asselineau
الموقع:   agoravox
9 تشرين الأول/أكتوبر  2015

كشفت التلاعبات الغربية في سوريا بشكل كامل: ممنوع على الطيارين الأميركيين والأطلسيين أن يقصفوا مواقع إرهابيي القاعدة وجبهة النصرة الذين يمولهم الغرب.

بتاريخ السادس من تشرين الأول /أكتوبر 2015، كشفت صحيفة "لو كانار أونشينيه" الفرنسية، وتبعتها في ذلك وكالة "سبوتنيك" الروسية في الثامن من الشهر نفسه، عن أن الطيارين الأميركيين وغيرهم من طياري البلدان المشاركة في التحالف الذين ينفذون مهمات في سوريا والعراق "قد تلقوا أمراً بعدم توجيه أية ضربة لإرهابيي جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا".

وبالمناسبة، أكدت الصحيفة الفرنسية المذكورة ما دأب حزب "الاتحاد الشعبي الجمهوري"*على تأكيده منذ عدة أشهر. أي أن تركيا، الدولة العضو في الناتو، والمملكة السعودية وقطر (وهما من حلفاء وزبائن الولايات المتحدة وفرنسا) تقوم بتمويل وتسليح جيش الفتح، وهو عبارة عن تشكيل عسكري تابع لجبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة.

 قصف التحالف الذي تقوده واشنطن لداعش... ليس قصفاً


وربما يتذكر القراء والمشاهدون بأنني قد تعرضت لهذا السبب لتهمة "العداء لأميركا" من قبل الصحافية المنتحلة ليا سلامي، وذلك بتاريخ 22 أيلول / سبتمبر خلال مشاركتي في حلقة من برنامج سياسي يعرض على القناة الفرنسية الثانية.
 
موسكو تكشف أمام العالم طبيعة اللعبة الغربية المزدوجة والقذرة

وهكذا، فإن كامل بنيان البروباغندا والأكاذيب التي يروجها المسؤولون في واشنطن وأتباعهم المتحمسون للاتحاد الأوروبي بدأ ينهار أمام أعيننا بسرعة فائقة.
فدخول روسيا على مسرح الأحداث لعب دوراً حاسماً في هذا الانهيار، لأن الطيارين الروس والأسطول البحري الروسي بدؤوا عملاً ميدانياً بناجعية فضحت طبيعة اللعبة الغربية المزدوجة والقذرة.

وقد تمثلت تلك اللعبة بحرب رسمية على "الدولة الإسلامية" المزعومة وإرهابيي جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، لكن واشنطن وعملاءها لم يفعلوا غير تقديم الدعم بشكل غير رسمي للإرهابيين.  

وذلكم هو السبب في كون "الضربات الجوية" الغربية المزعومة والموجهة إلى هذه التنظيمات منذ أشهر عديدة لم تسفر إلا عن نتائج هزيلة، في حين أنها تمكنت من الإجهاز على جيش صدام حسين خلال ثلاثة أسابيع. فقد أعلنت الحرب على العراق من قبل جورج بوش في 20 آذار / مارس 2003 وسقطت بغداد في 12 أبريل / نيسان من العام ذاته.  

الدوافع الخبيثة للعبة الغربية المزدوجة

ما الذي تريده واشنطن من خلال عملها في اتجاهين متعاكسين؟ أهدافها متعددة وأهمها:

أ‌) تدمير الدولة السورية واستبدالها بأوضاع فوضوية مزمنة تسمح، في آن معاً، بنهب ثروات سوريا (مواد أولية، كنوز أثرية)، والتخلص بذلك من دولة معادية.   
ب‌) تطبيق نظرية "صدام الحضارات" عبر إقناع الرأي العام الغربي أن المسلمين هم مجرمون متعصبون. فالحقيقة أن واشنطن تريد ألا تتوقف  الفظائع التي ترتكبها كل من داعش والنصرة. إنها تريد لها أن تستمر وتستمر حتى تمتلئ بها شاشات التلفزة في أوروبا وأميركا الشمالية بشكل يضمن استمرار الخوف والهلع والحقد على مستوى الرأي العام في بلدان الغرب.
ت‌) دفع بلدان الاتحاد الأوروبي إلى إعلان "الحرب على الإرهاب" وتوجيه التهم إلى "أعداء داخليين" واللجوء إلى ضرب حرياتنا العامة الواحدة تلو الأخرى. وبالطبع، فإن إقامة هذه الديكتاتورية المقنعة تستلزم بشكل أساس الإبقاء على تنظيمات داعش والنصرة والقاعدة مع تقديم الدعم لها.
د) تهيئة الرأي العام في بلدان الغرب لتقبل إعلان حروب عدوانية أخرى (ضد إيران ؟ بيلوروسي ؟ روسيا ؟) تحت ستار الحرب على الإرهاب.        

الإمبراطورية الأميركية أمام الانهيار القريب

وفي مقابل المشاريع العدوانية للبيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية، وإزاء الخضوع المخجل من قبل الدولة الفرنسية لهذه المشاريع، قررت روسيا أن تضرب وأن تضع حداً أمام الإرهاب الغربي وأمام إرادة الهيمنة الشمولية على العالم من قبل الولايات المتحدة.

وكما كتب بول كريغ روبرتس (نائب وزير المال الأميركي في فترة رونالد ريغان) قبل أيام، ينبغي أن نهنئ أنفسنا لأن فلاديمير بوتين قال من على منصة الأمم المتحدة : "لم يعد بإمكاننا أن نسمح باستمرار الوضع الراهن في العالم على حاله". كما ينبغي أن نهنئ أنفسنا لأنه تدخل فعلاً.

وقد اعتبر بول كريغ روبرتس ذلك بمثابة خبر ممتاز جداً لأنه يعني أن نهاية الإمبراطورية الأميركية قد بدأت ترتسم في الأفق. لنأمل ألا يتأخر ذلك طويلاً.

-----------------------------      
*الاتحاد الشعبي الجمهوري : حزب سيادي فرنسي تأسس عام 2007 بمبادرة من فرنسوا آسيلينو. وهو يعمل من أجل إخراج فرنسا من منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. وهو يضم قرابة عشرة آلاف عضو يقومون بنشاطات مكثفة في وسائل التواصل الاجتماعي، ويتعرض نتيجة لسياساته لهجمات إعلامية ولمضايقات مختلفة.

 

2015-10-27