ارشيف من :نقاط على الحروف
’أمير الكبتاغون’ في وسائل اعلامية آذارية: ’اعلام ما شافش حاجة’؟
عرّى توقيف عبد المحسن بن وليد بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود، ابن حفيد مؤسّس مملكة آل سعود، الاعلام اللبناني. أسقط الحدث آخر مزاعم بعض هذا الاعلام، حول المصداقية والاستقلالية . والنتيجة، ارتهان كامل لآل سعود وخوف من التعرّض لكل ما يمس بهم، حتى وصلت بهم الحال حدّ الحذر من نشر خبر كتوقيف أمير مع طنين من المخدرات في طائرته الخاصة، حتى لو كان من القضايا التي تمس بالامن الاجتماعي الوطني. تساؤل من الضروري أن يُطرح أمام الحال المزري لبعض هؤلاء. ماذا لو كان المجرم الذي حاول تهريب الكبتاغون يمت بقربة أو بصلة ما لـ"ابن عم جار أحد أفراد حزب الله"؟
* موقع "القوات اللبنانية"
مع أن لـ"القوات اللبنانية" نشاطات ومؤتمرات مكثّفة في اطار "جهودها" لمكافحة "آفة المخدرات" في المجتمع اللبناني، على ما تقول، غاب التناول لهذه القضية . حتى زاوية "أقلامنا" الأبرز غابت تماماً عن الحدث. تجاهل بدا واضحاً مع سابق اصرار وتصميم، علماً أنها لطالما أطلقت العنان لخيالها لنسج قصص بوليسية خيالية يغية التهجم على حزب الله وكل من هو على صلة معه وتشويه صورته. مقالات ومطولات كتبت في هذا الشأن، وحين دنت ساعة الحقيقة "خِلِيت" لدى "القواتيين" من كاتب يتجرّأ على "سموّه".
لكن مهلاً.. حتى لا نفتقد للموضوعية. استفاق القيمون على المنبر التحريضي ايّاه بعد ثلاثة أيام على ضرورة تناول القضية. فكان أن اختاروا نسخ مقال من صحيفة "العرب" لكاتب مغمور تحت عنوان "الأمير والمخدّرات وحزب الله"، ونشروه ضمن فقرة "اخترنا لكم". مقال فيه الكثير من "الامتاع والترفيه والكوميديا" لمن يشعر بالملل. "الضربة" القوية التي تلقّتها المملكة على رأسها في قضية "الكبتاغون" تنعكس "هلوسات" على صفحات الصحف النفطية.. لتتناقلها أبواق محلية من بوابة تبييض صورة "طويل العمر".
* موقع "الكتائب"
على موقع "الكتائب" كذلك، غُيب الموضوع عن فقرة "خاص" الزاخرة بالمواد التي تتناول واقع لبنان البائس من نفايات وفياضانات خلال الشتاء، ومقابلات مع رموز آذارية تتهجم على شركاء في الوطن. أما "أمير الكبتاغون" الذي حاول تنفيذ أكبر عملية تهريب للمخدرات عبر مطار بيروت الدولي، فلم يجد مكاناً له.
الأمير الذي حاول تهريب المخدرات
* "الوكالة الوطنية للاعلام"
أداء "الوكالة الوطنية للاعلام" كان لافتاً أيضاً لجهة إخفاء هويّة الأمير السعودي، والاكتفاء بالقول إن الذين تم توقيفهم هم "خمسة سعوديين". علماً أن الوكالة أوردت تفاصيل الجريمة كافة، مشيرةً الى أنها "أضخم عملية تهريب في تاريخ لبنان". وجاء في خبر الوكالة الذي تضمن الكثير من الاخطاء التحريرية: "أفاد مندوب "الوكالة الوطنية للاعلام" في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت درويش عمار عن عملية نوعية هي الأضخم في عمليات التهريب. وفي التفاصيل أن فصيلة التفتيشات في سرية درك المطار أحبطت اليوم، محاولة لتهريب كمية ضخمة من حبوب الكبتاغون الى حائل في المملكة العربية السعودية، على متن طائرة خاصة وهم خمسة أشخاص سعوديون موضوعة ضمن 40 حقيبة ويبلغ وزنها حوالي (2 طن) .وتجري السلطات المختصة في المطار الآن التحقيقات اللازمة بالتنسيق مع السلطات القضائية المختصة لكشف ذيول هذه العملية الضخمة التي تعتبر أضخم عملية تهريب للمخدرات عبر مطار بيروت، والأشخاص الخمسة الآن هم رهن التحقيقات".
فلماذا اذاً أخفت "الوكالة الوطنية للاعلام" حقيقة أن أحد الموقوفين هو أمير سعودي؟
* صحيفة "المستقبل"
صحيفة "المستقبل" بطبيعة الحال لن "تدق بولاة الأمر" من أسياد مالكيها. كما العادة، صبيحة اليوم التالي لانكشاف الأمير مهرّب الكبتاغون، غابت القضية عن التناول الصحفي "المستقبلي"، لتحل مكانها القضية التي لا تغيب عن صفحات الجريدة الصفراء أي "التهجم على المقاومة وسلاحها". غفلت عن تجارة الكبتاغون الأميرية السعودية بطائرات خاصة في لبنان وعبره، لتغوص في تفاهات البحث عما "تنقّر" فيه على جمهور المقاومة، فاختارت المسيرة العاشورائية في اليوم العاشر من محرم، بديلاً.
* صحيفة "الجمهورية"
أما صحيفة "الجمهورية" فاكتفت بايراد خبر "الوكالة الوطنية للاعلام" في أسفل صفحتها العاشرة ضمن "محليات/ أمن وعدل"، علماً أن الحقيقة كانت قد انجلت حتى صبيحة اليوم التالي للجريمة، وظهرت صور الأمير السعودي مع جواز سفره.
* صحيفة "النهار"
صحيفة "النهار" التي كان لافتاً أن تورد في صفحتها الثانية في ذلك التاريخ (27 تشرين الأول) ضمن "أسرار الآلهة" ما مفاده أنه "لوحظ أنه تم التعتيم على عبوة شتورة التي استهدفت سيارة "فان" قيل إنها كانت تنقل مقاتلين لـ"حزب الله""، على حد زعمها، اكتفت ضمن سياستها في التعتيم الاعلامي على كل ما يسيء الى آل سعود بنشر النبأ بطريقة خبرية بحت في الصفحة الخامسة، ضمن "محليات"، محاولةً قدر الامكان اظهار السعودية على انها تحترم لبنان وقوانينه وهي لا تسعى الى استرجاع الأمير. وجاء الخبر تحت عنوان "توقيف أمير سعودي حاول تهريب مخدرات. المشنوق ينفي أي ضغوط لـ"لفلفة" الموضوع".
المخدرات المضبوطة
وبتاريخ 18 تشرين الأول، أي بعد يومين من تاريخ الكشف عن الأمير المهرّب، اكتفت الصحيفة بنشر تصريح مقتضب للسفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، يتناول فيه موضوع "توقيف سعوديين في مطار رفيق الحريري الدولي أول من أمس"، دون أن يُذكر الأمير السعودي، ولا حتى الجرم الذي تم توقيف السعوديين وفقاً له، وكتبت "عندما سئل ما إذا كانت للزيارة علاقة بتوقيف سعوديين في مطار رفيق الحريري الدولي أول من أمس، قال: "هذا موضوع لم نتطرق إليه بل هو أمر بيد القضاء اللبناني، ونحترم القضاء والأمر متروك له"".
* قناة "المستقبل"
بالانتقال الى النشرات المتلفزة. قناة "المستقبل" وفي نشرتها المسائية بتاريخ 26 تشرين الأول، أي يوم الكشف عن عملية التهريب، بدت منهمكة في جمع تصريحات المدافعين عن أولياء النعمة. بعد تصريح رئيس حزب "المستقبل" سعد الحريري الروتيني الذي يخرج به محامياً عن آل سعود عقب كل خطاب لقائد المقاومة، أوردت القناة في نشرتها تقريراً عن جلسة الحوار الوطني. ثم يظهر وزير الداخلية نهاد المشنوق على الشاشة الزرقاء أخيراً. نتهيّأ اذاً لسماع خبر اعتقال الأمير السعودي المهرّب لطنين من المخدرات عبر طائرته الخاصة، وإذا به يصرّح دفاعاً عن مملكة الرمال وحكامها، في اطار ردّه كذلك على خطاب قائد المقاومة. نتابع النشرة عبثاً حتى ختامها. لكن أمير الكبتاغون من المغيّبات في الأجندة الزرقاء.
* "إم تي في" و"إل بي سي"
كخبر هامشي أوردت قناة "إم تي في" الخبر، وفق صياغة صحفية مشبوهة، تبدأ بإخبار المشاهدين عن عملية التهريب واحباطها وكمية المخدرات وطريقة نقلها حتى تصل في خاتمته الى اسم الأمير السعوي. أما قناة "إل بي سي" فقد حاولت توجيه الخبر بما يبعد الأنظار عن الأمير السعودي، معتبرة أنّ الانجاز الامني "مبتور" لأنه "لم يقترن بتعقب المصدر".
الصحافة الخليجية بدورها، أخفت الخبر نهائياً عن جمهورها. فلا أميرٌ مُهرِّب، ولا مخدرات بكميات ضخمة، ولا كبتاغون ولا من "يتعاطون". كل ما قدّر الله صحيفة "الحياة" مثلاً على نشره صبيحة اليوم الثاني للجريمة هو "توقيف "داعشي" لبناني في القبة"، متجاهلة توقيف الأمير السعودي.