ارشيف من :آراء وتحليلات
تونس: ’حزب الرئيس’ يسير نحو الانقسام
فاجأ حزب نداء تونس الحاكم صبيحة الأحد الماضي الرأي العام التونسي بعراك واشتباكات بالهراوات والأيدي بين أنصاره وقياداته بأحد فنادق مدينة الحمامات السياحية التي احتضنت اجتماع المكتب التنفيذي للحزب. وقد حصل الخلاف بين أنصار نجل الرئيس حافظ قائد السبسي وأنصار محسن مرزوق الأمين العام للحزب بحضور مجرمين وقطاع طرق جلبتهم أطراف تنتمي إلى النداء فاختلط الحابل بالنابل وعمت الفوضى.
ونتيجة لذلك فقد توقع جل الخبراء والمحللين انقساما وشيكا للحزب نظرا لاستحالة التعايش بين الروافد المختلفة التي تشكلت منها حركة نداء تونس وخصوصا الدساترة (يمين وسط يؤمن بالذاتية التونسية ويسمون انفسهم التيار الوطني وهو التيار الذي حكم تونس منذ استقلالها إلى حين الإطاحة بنظام بن علي) واليساريين. كما اعتبر البعض بأن أحداث الحمامات هي رصاصة الرحمة التي أطلقت على جسد النداء المنهك بفعل الانقسامات التي تغذيها أطراف داخلية وخارجية.
الكتلة البرلمانية
ويتوقع بعض المحللين أسوأ السيناريوهات المتمثل بانقسام كتلة الحزب النيابية إلى نصفين فتصبح بذلك حركة النهضة الإخوانية هي الحزب الأغلبي بتسعة وستين نائبا. ما يعني إنهيار حكومة الحبيب الصيد التي تحظى بدعم الندائيين وتكليف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لرئيس حركة النهضة بترشيح شخص لترؤس حكومة جديدة.
كما يمكن أن يتم الإعلان عن إجراء انتخابات مبكرة تعيد خلط الأوراق من جديد في الوقت الذي تستعد فيه جماهير التونسيين للإنتخابات البلدية التي كان من المفروض أن تجرى خلال السنة القادمة 2016 باعتبار أهمية الإنتخابات المحلية والجهوية في عملية الإنتقال الديمقراطي. يأمل كثير من الندائيين في أن يتدخل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي استقال من رئاسة الحركة بمجرد انتخابه رئيسا لرأب الصدع بين إبنه البيولوجي حافظ قائد السبسي وابنه بالتبني محسن مرزوق.
الظرف الدولي
واختلفت الآراء بشأن تأثير ما يحصل في حزب نداء تونس على حركة النهضة، إذ يرى البعض أن أزمة نداء تونس تخدم الحركة الإسلامية وتعيدها إلى دائرة الضوء كحزب أغلبي يشكل الحكومة ويتحكم بدواليب الدولة. فيما يرى آخرون أن ما يحصل لا يخدم النهضة باعتبارها تحبذ أن تكون في الوقت الراهن شريكا في الصف الثاني يحكم مع النداء لكن في الكواليس باعتبار وأن الظرفين الإقليمي والدولي لا يسمحان بأن تعود الحركة الإخوانية إلى الواجهة.
أي أن حركة النهضة ترغب في البقاء قريبة من السلطة دون أن تتسلط عليها الأضواء في انتظار متغيرات إقليمية ودولية جديدة تجعلها تعود إلى دائرة الضوء من أوسع الأبواب. والحقيقة أن رئيس الحركة راشد الغنوشي من دهاة السياسة ويناور جيدا والدليل أن الحركة لم تفقد الكثير من حضورها على الساحة التونسية رغم هزيمتها في الإنتخابات الأخيرة أمام حركة نداء تونس.