ارشيف من :أخبار لبنانية
ديفيد اغناتيوس: الشرق الاوسط أصبح صاحب تقرير مصيره
نشر الصحفي الاميركي المعروف "ديفيد اغناتيوس" مقالة نشرت على موقع "The Atlantic" تحت عنوان "كيف انتشر داعش في الشرق الاوسط". ويعتبر الكاتب أن انطلاق داعش في العراق يعود بشكل كبير الى مخططات "ابو مصعب الزرقاوي"، ويقول ان الزرقاوي قام عام 2002 ببناء قاعدة في العراق، وكان مستعدًّا للتحالف مع بقايا الشبكات الاستخبارتية التابعة لنظام صدام.
الكاتب يشير الى ان كلام الزرقاوي عن اقامة دولة الخلافة يعود الى عام 2004، معتبراً في الوقت نفسه ان الحرب الطائفية التي شنها الزرقاوي على "الشيعة" حققت نجاحا بارزا و ان واشنطن استمرت بتجاهل الموضوع. وتطرق الكاتب الى خطة الصحوة و زيادة عدد القوات الاميركية في العراق التي ادارها الجنرال ديفيد بترايوس (الذي كان قائد القوات الاميركية في العراق آنذاك). فيقول انه وعلى الرغم من نجاح هذه الخطة الى حد كبير، بقيت بعض "جمرات" الدولة الاسلامية التي تحدث عنها الزرقاوي على قيد الحياة جراء ما وصفه بـ"الغضب السني"، ولفت "اغناتيوس" الى انه تم التأسيس لذلك داخل السجون التي كانت تديرها الولايات المتحدة في العراق، مثل سجن بوكا حيث اختلط من اسماهم "السجناء السنة المتدينين" مع اعضاء سابقين بحزب البعث التابع لصدام.
المسؤولون الاميركيون يقول اغناتيوس، لم يأبهوا "للنيران التي كانت تشتعل تحت الدولة العراقية"، التي كان يؤججها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في تلك المرحلة، وفق مزاعم الكاتب. المشكلة تكمن حسب رأي الكاتب، بإنشاء قوة سنية تستطيع دحر داعش من مناطق مثل الموصل والفلوجه والرمادي ثم الامساك بهذه المناطق، مشدداً على وجوب اعطاء شعور بالثقة للسنة بانه سيكون لذيهم حصة في هذه المناطق بعد دحر داعش.
اما فيما يخص جذور داعش في سوريا، فيرى اغناتيوس انه تم "غرس" هذا التنظيم في الساحة السورية. وهنا يتهم القوى الاقليمية – مثل تركيا وايران والسعودية وقطر – بالتهور وتحويل سوريا الى مسرح للحروب بالوكالة.
كما اعتبر اغناتيوس ان هناك العديد من العوامل التي جعلت ما اسموها "الثورة" في سوريا غير منظمة وقابلة للاستغلال من قبل المتطرفين. ويقول ان الحركة كانت "من الاسفل الى الاعلى"، إذ كان يحتشد شبان المساجد المحلية لتشكيل الكتائب المسلحة المكلفة بالدفاع عن مناطقهم ، قبل ان يبدأوا (نظرياً) بمعركة اكبر من اجل الاطاحة بالنظام. الاخوان المسلمون، بحسب الكاتب، كانوا يفتقدون الى الانضباط والتنظيم من اجل بناء معارضة قوية.
الكاتب يرى أيضاً انه على غرار العراق، فان الانقسامات الطائفية كانت عميقة في سوريا. ويتحدث عن النظرة الفوقية من قبل السنة تجاه العلويين، وخلص إلى ان عدم تنظيم المعارضة، والطابع الطائفي للمجتمع السوري جعل الحرب في سوريا تتصاعد وجعل كذلك المعارضة تصبح ذات طابع متطرف اكثر فاكثر. الكاتب اعتبر ان الاجراءات النصفية التي اتخذتها الولايات المتحدة لم تؤد سوى الى مساعدة "الجهاديين".
ويؤكد الكاتب ان الولايات المتحدة وحلفاءها يعملون على تعزيز الخلافات بين داعش والنصرة في اطار اضعاف "الجهاديين" في سوريا. و اعتبر ان ما يطرحه بعض المسؤولين القطريين عن تقسيم النصرة الى عدة الفصائل وتحييدها وتحويلها إلى ايدي قطر والسعودية وتركيا الى جماعات اقل تطرفاً هو طرح يستحق النظر فيه. و شدد على ضرورة توجيه رسالة الى النصرة مفادها ان اي محاولات لنشر الارهاب الى خارج سوريا سيؤدي الى ردود فعل قوية جداً من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.
افضل امل لبقاء سوريا يقول الكاتب، يتمثل بالحل السياسي بوساطة مشتركة اميركية و روسية و ايرانية و تركية و سعودية – التي تطلق العملية الانتقالية باتجاه حكومة جديدة لا يقودها الاسد. غير ان الكاتب اعتبر ان الحل السياسي غير ممكن من دون وجود معارضة قوية "مدعومة اميركياً" تستطيع الاندماج مع عناصر "مقبولة" من الجيش السوري بغية ادارة مرحلة انتقالية بعيداً عن الاسد.
ويطرح الكاتب تعزيز هذه العملية الانتقالية من خلال اقامة المناطق الآمنة في الشمال والجنوب تسمح بعودة اللاجئين السوريين وتعزيز فرص التسوية السياسية. ويزعم الكاتب ان بقاء الاسد بالسلطة سيعزز قوة داعش، معتبراً بالتالي ان الحملة ضد داعش التي لا تشمل المجيء بقيادة جديدة هي قصيرة النظر. الا انه يعتبر بالوقت نفسه ان المخاوف من ان يؤدي انهيار النظام الى انتشار الارهاب حول سوريا هي مبررة.
في الخلاصة يرى اغناتيوس ان اميركا لم تغير العراق او سوريا، وانما الحروب في كلا الدولتين قد غيرت بالفعل اميركا. فيقول ان الاميركيين ادركوا حدود القوة العسكرية و النشاط السري، حيث ساهمت الولايات المتحدة بايجاد اعداء لم يكونوا موجودين قبل اجتياح العراق عام 2003. كما يضيف انه وعلى الرغم من ان سياسات اوباما قد تكون ضعيفة، غير انها تعبر عن رغبة لدى الاميركيين باخراج البلاد من حروب الشرق الاوسط الطويلة.
الشعب في الشرق الاوسط يقول اغناتيوس، بات صاحب تقرير مصيره اخيراً. ويشير الى ان الشعب الوحيد القادر على تغيير هذا الوضع هم شعوب المنطقة، والى ان هذه العملية ستكون طويلة جداً.