ارشيف من :نقاط على الحروف
الرفيق ’الخاشقجي’ والدم الدم
يشعر القارئ بمتعة كبيرة وهو يطالع بعض الكتاب السعوديين ينظّرون في الديمقراطية وحقوق الانسان، وحقوق الشعوب في اختيار حكامهم. والشعور ذاته يختلج في صدره عندما يرى دولا تابعة يتكلم مسؤولوها بلغة الكبار، يشترطون ويحددون للاخرين ما عليهم فعله او الامتناع عنه.
لطيف هو "جمال الخاشقجي" عندما يكتب في صحيفة الحياة، يختال بقلمه بين الكبار، يحدد أين أخطأت واشنطن وموسكو، وما هي أطماع ايران وروسيا، من هو "الجاهل" بواقع المنطقة ومن هو العالم بأحوالها. يحدد "الخاشقجي" من هم اعداء الشعب السوري ومن هم اصدقاؤه. وبالطبع، غني عن القول ان مملكة آل سعود الوهابية هي حليف الشعب السوري عند "الرفيق جمال". فخيرات المملكة والامراء "تمطر" على شعب سوريا، حتى كاد هذا الشعب يختنق من كثرة العطايا. والعطايا السعودية لا تقتصر على سوريا العروبة بل تطال كل العرب من المحيط الى الخليج. فها هي "الهبات" السعودية تهب على الشعب المصري من سيناء، وتفعل الامر عينه في ليبيا، والعراق ولبنان وتونس ..اما اليمن الشقيق فحدث ولا حرج. ولعل "الرفيق الخاشقجي" يخرج علينا غدا بمقولة ان المملكة تدمر اليمن من اجل اعادة بنائه من جديد على اسس حديثة ومعاصرة.
غني هو قاموس "الخاشقجي" السياسي ذي الدلالات، فهو يستعمل مصطلح "آل الاسد" فنعتقد ان المملكة التي ينتمي اليها صاحب "القاموس" تتمتع بتداول للسلطات ولا ترتضي ابدا ان تقوم عائلة ما بتوارث الحكم فيها منذ ما يزيد عن المئة عام (نحتسب تاريخ نشوء الدولة السعودية الثالثة).
يقولها "الرفيق جمال" وبكل ثقة بأن "السعوديين والأتراك لن يقبلوا باستمرار بشار، فبقاؤه يعني استمرار الحرب، إنه موقف استراتيجي ثابت لن يتغير". حسنا يا حضرة "الرفيق".. قد نتفهم ان سوريا عربية، وان دخول "ايران الفارسية" عليها انتهاك للامن القومي العربي، وان الحل في سوريا يجب ان يكون عربيا، قد نتفهم ذلك على الرغم من انه يعارض الاسلام وتعاليمه، ولكن مهلا ايها "الرفيق"، أعد على مسامعنا ما قلت!!! هل قلت ان السعوديين والاتراك لن يقبلوا؟ هل تقصد بتركيا تلك الدولة التي يتزعمها اردوغان وعاصمتها انقرة؟ ام تتحدث عن تركيا اخرى؟ ان تركيا هذه يا حضرة "الرفيق" ليست عربية فلماذا يحق لها ان تقبل او لا تقبل بما يجري في سوريا ولا يحق لغيرها؟؟ ان الدولة السعودية يا "رفيق جمال" قامت اصلا على منطق ضرورة تفكيك "الخلافة العثمانية"، وقامت ايضا بناءً على مقاربات بريطانية باجراء نوع من التساوي بين ال سعود واليهود، بمعنى انه كما يحق لليهود انشاء كيان قومي لهم، يحق لآل سعود الشيء ذاته. وهكذا خرج الى النور "وعد بلفور" الذي ادى لانشاء الكيان الغاصب، وبموازاته تم توقيع اتفاقية "دارين" التي اعطت بلاد نجد والحجاز لال سعود.
يا حضرة الرفيق جمال ان من يكره قوة التغيير التي احدثها "الربيع العربي" ليس من ذهبت اليه، فانها بلاد تنعم بالديمقراطية والانتخابات ودستور يحفظ الحقوق وينظم الحياة السياسية فيما تغيب كل هذه الامور عن مملكة الشر التي تنتمي اليها. ان من يخشى قوة التغيير هو من سارع الى ضخ الاموال في بلاد "الربيع العربي"، ومن فتح ابوابه لاستقبال الدكتاتوريات التي قامت عليها الشعوب العربية. من يخشى التغيير يا حضرة "الرفيق"، هو من لا يملك دستورا، ومن تتوارث فيه الحكم عائلة خرفاء شبه أمية، ومع ذلك تقولون عنهم وتصفونهم بأنهم أولياء الامر. ربما هم اولياء النعمة لديك، لكنهم قطعا ليسوا اولياء امر بالمعنى الديني والفقهي.
لقد صدقت ايها "الرفيق" عندما قلت ان ايران حملت الكوارث منذ انتصار ثورتها. لان مملكة الظلام التي تنتمون اليها لم تعتد الا على الدول الديكتاتورية، كديكتاتور ايران السابق المسى بالشاه، لانه وبكل بساطة كان نظاما يتماهى مع الحكم الموجود في مملكتكم.
اما حديثك ايها "الرفيق" عن الاطراف التي لها مستقبل في الشرق الاوسط فكن على ثقة انها الشعوب، وعندما تكون القضية مرتبطة بالشعوب فهذا يعني ان شعب الحجاز وشبه الجزيرة العربية سيقول يوما ما كفى لآل سعود، لقد مللنا من سرقتكم لثرواتنا وهويتنا. فنحن شعب الحجاز والجزيرة العربية ولسنا شعب آل سعود.. سينتفض هذا الشعب يوما حتى على الاسم الذي اطُلق عليه، ويرى فيه سرقة واغارة على هويته.
اما حديثكم ايها "الرفيق" عن المسافة الزمنية التي تفصل بين زعيم حركة "أحرار الشام" الارهابي التكفيري مهند المصري (الذي تكلمتم عنه بالمدح والثناء) وبين اللواء علي مملوك، وقلتم انها مسافة زمنية هائلة بين الإثنين لن يردمها غير الدم. فقد اصبت كبد الحقيقة، اعني حقيقة تطلعاتكم وافكاركم التي لا تنتج الا دما. ولقد ذكرني كلامكم هذا بشعار الاتفاق الاساس الذي جرى بين آل سعود وآل عبد الوهاب، لقد كان شعارهم : الدم الدم، الهدم الهدم...وهذا ما تفعلونه في سوريا الآن.