ارشيف من :نقاط على الحروف

’الميادين’ تُقلق أمراء ’آل سعود’.. فهل يسكت لبنان عن عربدة الرياض؟

’الميادين’ تُقلق أمراء ’آل سعود’.. فهل يسكت لبنان عن عربدة الرياض؟

يتواصل مسلسل كمّ الأفواه من مملكة القمع. أمراء آل سعود المتربعون على عروش التطبيع وبيع المقدسات والخضوع والارتهان.. القابعون في قصور بُنيت على حساب الشعوب العربية ذهبوا بعيداً في أحلامهم باقتدارهم على اسكات العالم أجمع. بعد أن جيّر صبية النفط معظم الاعلام الخليجي، واستكتبوا الصحافيين وابتاعوا ضمائرهم، ظنوّا أن العالم خلا من صوت حر يأبى الخنوع لشروط "مملكة الرمال" في البث الاعلامي.

"عرب سات" أو "منظمة الاتصالات الفضائية العربية" التي تمتلكها جامعة الدول العربية تحاول اليوم بإيعاز سعودي اخماد صوت قناة "الميادين" الفضائية. السعودية التي تبلغ حصتها من الشركة ما نسبته 36.7%، أشارت بإسكات القناة، تحت ذريعة "مخالفتها لبنود العقد"، لا غَرو في ذلك!.. فالكلمة الحرّة خطر على كيانها المتهالك.. تعاطي القناة بتوازن اعلامي مع قضيتين باتتا تشكلان نقطة ضعف للملكة، وهما "جريمة منى" و"العدوان السعودي على اليمن" أفقدا المملكة صوابها، خاصة أنها استطاعت من خلال نفوذها وسطوتها الزام عدد كبير من وسائل الاعلام العربية التعتيم عليهما.

أوّل المواقف المتزعزعة صدرت عن وزير الاعلام رمزي جريج. الجهة الرسمية التي من المفترض بها حماية الحريات والوقوف بوجه التعرض لها، تبدو مرتبكة أمام قرار "عرب سات" وقف البث. يقول جريج في حديث لموقع "العهد"  "وصلني كتاب من وزير الاتصالات يبلغني فيه أنه تلقى كتاباً من عرب سات تطلب منه وقف بث قناة "الميادين" لأنها خالفت بنود العقد الموقع معها، فأرسلت الكتاب للدراسة من قبل الدائرة القانونية للبت بالاجراء الذي يجب اتخاذه".

’الميادين’ تُقلق أمراء ’آل سعود’.. فهل يسكت لبنان عن عربدة الرياض؟

شعار قناة "الميادين"

ولدى سؤال الوزير عن موقع "الحريات الاعلامية" في هذه العملية التي حاول تظهيرها على أنّها بحت قانونية - خصوصاً وأن الوزير عينه كان قد صرّح قبل ساعات فقط تضامناً مع احدى المذيعات التي تمثل امام القضاء بتهمة جنائية دون أن ينتظر نتيجة الحكم القضائي بذريعة "الحرية"- أجاب جريج "سأحاول الموازنة بين الحرية الاعلامية التي نحرص عليها والتي تميّز لبنان على سائر دول الجوار، وبين أحكام العقد التي تربط الميادين مع العرب سات".

العربدة السعودية على الاعلام لم تقف يوماً عند حدود. في مصر سمعنا في الآونة الأخيرة عن اعلاميين كثر لامسوا حدود انتقاد سياسة الرياض، فتم توقيفهم عن مزاولة المهنة ومعاقبتهم في اليوم التالي. التهويل السعودي على الاعلام سبق أن انسحب قبل فترة وجيزة على احدى الصحف اللبنانية، من خلال تعرّض السفير السعودي علي عواض عسيري لصحيفة "الأخبار" وتهديدها، على خلفية جرأتها في نشر حصة المملكة السعودية من فضائح "ويكيلكس".

وأمام التمادي السعودي في التعرض لوسائل الاعلام ومنع وصول أي صوت يناقض سياستها الى الرأي العام، يرفض رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوض اجراء "عربسات" الأخير ويدينه. يقول في حديث لـ"العهد" "لا يجوز للأقمار الصناعية سواء عرب سات أو نايل سات اتخاذ قرارات بوقف بث أي مؤسسة مرئية أو مسموعة، هذا أمر مخالف للقوانين". ويضيف "عرب سات مهمتها تقديم الخدمة لا أكثر ولا أقل".

ويشير محفوظ الى "وثيقة الاعلام العربي الصادرة عن الجامعة العربية" معتبراً أن "الأنظمة أرادت من خلالها أن تحول الاعلام المرئي والمسموع الى اعلام في خدمة الحاكم، وهي تناقض فكرة موضوعية الاعلام وحريته"، ويقول "نحن اعترضنا سابقاً على هذه الوثيقة التي تخالف كل الأعراف والقوانين الاعلامية".

وبحسب محفوظ فإن ما تقوم به "عرب سات" يؤدي الى "حرف الاعلام عن الغاية الفعلية التي هي تأمين حق المواطن في الاطلاع والاستطلاع والوصول الى الحقيقة وبالتالي تسيئ الى الاعلام اللبناني الحر"، داعياً "الأنظمة العربية والجامعة العربية الى تحمل فكرة التنوع في الاعلام".

لا يقف التعدي السعودي على الاعلام -من خلال "عرب سات"- عند حدود العمل على اسكات صوت "الميادين" الذي أقلق أمراءها، بل يتعدّاه بحسب ما تؤكد صحيفة "السفير" الى المس بالسيادة اللبنانية. فالشركة تنوي إزالة باقة "عرب سات" من محطّة جورة البلوط، ونقلها إلى العاصمة الأردنيّة، ما يجعل بثّ القنوات اللبنانيّة خاضعاً حكما لسلطة الحكومة الأردنيّة وقوانينها، ويخرجه بالكامل عن سيطرة الدولة اللبنانيّة.

هكذا تُزعزع الاصوات الحرّة في العالم العربي على قلّتها، عروش آل سعود رغم امتلاكهم لكل أدوات القوة المالية والنفوذ وتحكّمهم بمفاصل معظم الفضائيات العربية. لكن العبرة تبقى في وقوف الدولة اللبنانية الى جانب الاعلام وحمايته، بعيداً عن الارتهان لأنظمة الجهل والقمع والتسلط.

 

2015-11-04