ارشيف من :ترجمات ودراسات
صحيفة ’هآرتس’: قلق حقيقي من أزمة سياسية في السلطة الفلسطينية
ذكرت صحيفة "هآرتس" أنّ "النقاش الجماهيري فيما يتعلق بموجة العنف التي تحدث في المناطق الفلسطينية يذكِّر قليلا بالموقف من العاصفة الرملية الكبيرة التي هبّت على "اسرائيل" منتصف الاسبوع. للمرة الثانية في غضون شهرين، موجة "الارهاب" تغدو أكثر خطورة، وفي الحالتين يعد هذا حدثا مفاجئا، يهاجم بلا انذار مسبق ما يجعل الحياة صعبة هنا"، حسب تعبيرها.
وأضافت الصحيفة أنه "على الرغم من أن وتيرة العمليات قد انخفضت منذ أسبوعين، ومع أن معظمها تركز في هذه الفترة ضمن منطقة الخليل وشمالها قليلا، الا أن أجهزة الاستخبارات "الاسرائيلية" تعبر عن تشاؤمها وتطلق تقديرات شبه موحدة حول نشوء وضع جديد من شأنه أن يرافق "اسرائيل" لفترة طويلة أخرى، ةينشأ لديها انطباع عن أن منظومة القيود التي خلقتها "اسرائيل" والسلطة الفلسطينية والتي أبقت الضفة في استقرار نسبي منذ نحو عقد من الزمان آخذة في التراجع؛ ولهذا، سيصعب إعادة الهدوء والاستقرار لزمن طويل، بل إن قوة كامنة نشأت لاشتعال أخطر للمواجهات حتى لو ساد هدوء مؤقت" وفق قولها.
ووفقاً لإحدى التحليلات الاستخبارية التي سمعها أعضاء المجلس الوزراي المصغر، كما تنقل "هآرتس"، فإنّ "التغيير يرتبط بموقف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) من مستقبل المفاوضات مع كيان العدو أو بدخول حكمه فترة صمت؛ فمنذ أن خلف ياسر عرفات في تشرين الثاني 2004، تمسّك عباس بـ"روح اوسلو" للحل، في سبيل إقامة مفاوضات سياسية هدفها النهائي إنشاء دولة فلسطينية كجزء من حل الدولتين".
ووفق "هآرتس" فإنّ" رسالته الجديدة، التي تأكدت في خطاب الجمعية العمومية في الامم المتحدة، نهاية ايلول من هذا العام، والتي أكَّد فيها أن "الدولة الفلسطينية باتت هنا، كحقيقة قائمة. واذا كانت "اسرائيل" تريد أن تثبت الوضع نصا في اتفاق سياسي دائم فلتتفضل بتبليغه. في هذه الاثناء سيواصل الفلسطينيون ما بدأوه، في ظل اتخاذ خط كفاحي في مؤسسات المجتمع الدولي".
وتابعت الصحيفة قولها "انه في الخطاب في الامم المتحدة عرض عباس عمليا سياسته هذه واشار ايضا الى ابناء الجيل الشاب في المناطق بان القيادة تنتقل اليه. فوقعت الرسالة على آذان صاغية وانخرطت في التوتر الذي تصاعد على أي حال حول الحرم. وعندما بدأ انفجار العنف مع بداية تشرين الاول بقتل الزوجين ايتام ونعماه هينكن قرب نابلس، تأخر عباس في التدخل. وانشغل كبار رجالات السلطة ولا سيما في التنظيم، حركة "فتح" الميدانية، بتحريض علني مناهض لاسرائيل، بينما اختار عباس الصمت. وعندما تبين له أنه يفقد السيطرة على الوضع وان رجال التنظيم يشاركون مشاركة فاعلة في مسيرات العنف التي تستهدف المواجهة مع جنود الجيش الاسرائيلي، اصدر الرئيس الفلسطيني تعليمات لا لبس فيها للتنظيم بالكف عن ذلك" وفق ما ذكرت الصحيفة.
لكن هذا الأمر لم يوقف موجة عمليات الطعن التي كان معظم منفذيها من الشباب الذين لا ينتمون إلى أي تنظيم، تكتب صحيفة "هآرتس"، "ولكنه على الاقل قلص حجم المواجهات الجماهيرية "العنيفة" مع قوات الجيش "الاسرائيلي في الضفة. والان ايضا، بعد نحو شهر من تدخل عباس لا يزال موقف التنظيم يعتبر حرجا بالنسبة لاستمرار التطورات. وتوصف هذه كنقطة ارخميدس: اذا عاد التنظيم الى جبهة المواجهة، فسيأخذ رجاله معهم ايضا اسلحتهم الى الخط الاول. ولما كان التنظيم بعد اجهزة امن السلطة هو الجسم المسلح الاكبر في الضفة (وفي حالات عديدة يعتبر هؤلاء نشطاء يقومون بمهام متوازية في الجسمين) تحتمل آثارا شديدة".
وأردفت الصحيفة "في هذه الاثناء، يواصل عباس كبح رجاله. ولكن حتى إن قام بذلك، فإن من الواضح أن الرئيس، والمشاركين الاخرين في الساحة الفلسطينية، باتوا منذ الان يقومون بالعد التنازلي لنهايته السياسية. فالبحث العلني في اعتزاله المرتقب وفي صراع الخلافة الذي سيثور في اعقابه يضعف مكانته. ويخيل أيضا أن "اسرائيل" اكثر مما هي قلقة الان من الاثار الفورية لموجة العنف، التي تستمر بشدة متوسطة، حاليا، فانها قلقة من الفوضى التي من شأنها أن تندلع في الضفة حول أزمة سياسية داخلية لدى الفلسطينيين".