ارشيف من :نقاط على الحروف
الأرض الكروية والمؤامرة على الأمة
في صحيفة "الوطن اون لاين" السعودية كتبت عزة السبيعي مقالة بعنوان: "هل قتلت إيران بلقيس وغررت بشبابنا" تحدثت فيه عن مقتل زوجة الشاعر الراحل نزار قباني "بلقيس الراوي". ونقلت عن قناة الجزيرة وصحيفة المستقبل ان عائلة بلقيس ستلاحق رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي بوصفه مسؤولا عن "حزب الدعوة العراقي" الذي تقول الكاتبة ان جناحه العسكري هو المسؤول عن عملية الاغتيال هذه. وتنطلق الكاتبة من هذه القضية على انها من المسلمات لتتحدث عن "استراتيجية ايرانية" في القتل والتدمير بصمت بالغ، على حد وصفها، مشبهة ذلك بوحشية "داعش".
ان هذا التشبيه بداعش ليس من ابداعات "عزة السبيعي"، فان مملكة الظلام واتباعها عمدوا منذ مدة لابتكار كذبة ان داعش هو وليدة ايران وسوريا وربما غدا روسيا، كل ذلك من اجل اقناع شعب شبه الجزيرة العربية ان هذا الاجرام الذي يظهر داخل المملكة سببه أمر من الخارج.
فلا الاعلام التكفيري البغيض الذي ضاق به الاثير والممول من مملكة الشر هو السبب، ولا كتب التعليم الديني التي تكفر الناس يمنة ويسرة والتي تُحشى به عقول الناشئة هو السبب، ولا المدارس الوهابية التكفيرية المنتشرة في اصقاع الارض هي السبب.
تلهث المملكة واقلامها المأجورة وراء البحث عن اسباب خيالية تقدمها للناس الذين بدأوا يتساءلون: من أين جاء هذا الحجم الهائل من العنف والحقد الذي ملأ قلوب هؤلاء الشبان ليفجروا انفسهم في المساجد والطرقات؟ لقد بدأ أهل الحجاز يطرحون علامات استفهام كبيرة عن النظام التربوي والتعليمي الديني داخل مملكة التكفير وفي كونه السبب الرئيس لكل هذا العنف والدم الذي امتلأت به الساحات في المنطقة.
وعندما يبدأ الشعب عادة بطرح الاسئلة، فانه مؤشر على بداية وعي ومحاولات للوصول الى الحقيقة. تلك الحقيقة التي لن تسرّ الكثيرين من امراء ومشايخ آل سعود والوهابية. لان الشعب عندها سيكتشف ان هذا الاجرام هو صناعة محلية بامتياز. فلا غرابة اذن ان تعمد المملكة الى اختلاق الاكاذيب عن عمليات ارهابية وهمية تنسبها «للعدو الايراني» تارة، وعن حديث عن صناع "داعش" تارة اخرى.
لكن من اطرف ما كتبته "السبيعي" هي محاولة ربط هجمات الحادي عشر من ايلول/ سبتمبر2001 بايران. والاطرف منه كلامها عن امكانية حصول ايران على برنامج (MKULTRA) تستطيع من خلاله التحكم بالسلوك الانساني بشكل فردي او جماعي. وبالتالي قيام ايران بالتأثير على الشباب ودفعهم نحو هذه الاعمال الارهابية.
مبدعة تلك المخيلة الواسعة للكاتبة، ولكن اذا اردنا ان نماشيها فيما تقول فان هكذا برنامج لو وجد لكان من الافضل استعماله على آل سعود ومشايخ الوهابية من باب اولى فانهم رأس الفتنة، والاولى العمل عليهم بدل العمل على صناعة ارهابيين.
ومهما يكن من أمر، فسواء الحديث عن برامج تحكمية بعقول الناس، او عن رمي الغير بانهم وراء كل هذا التوحش، فان من يُصرّ على ان الارض مسطحة، وان القول بانها كروية هو مؤامرة على الامة، من الطبيعي ان يسعى ليسطّح عقول الناس بهذا الكم من الهُراء عن المؤامرات الخارجية فيما قرن الشيطان ينبت من عنده.