ارشيف من :نقاط على الحروف
إملأ الفراغ باسم الدولة المناسبة
طريف أن تقرأ لكاتب سعودي وهو ينظّر عن التعددية والتنوع العرقي والديني واهميته في إثراء المجتمعات. والأطرف منه أن تقرأ للكاتب نفسه كيف يحمل على ايران بحجة أنها تعاني من تصنيفات طبقية ومن إساءات لجماعات داخلية ناتجة عن ابعاد عرقية وطبقية ودينية.
فقد كتب محمد السلمي لصحيفة الوطن السعودية مقالا بعنوان "نظام ولاية الفقيه يحتقر الشعوب في إيران" قال فيه : "يعدّ التنوع العرقي والديني أمرا يثري الدول والمجتمعات ونقطة إيجابية تضيف كثيرا من التنوع الثقافي والأدبي لتلك الشعوب. إلا أن الحالة الإيرانية ربما تكون استثناء في هذا الصدد".
واعتبر الكاتب ان "استفزازات" حكومة طهران تتكرر بحق الشعوب "غير الفارسية والأقليات الدينية، ما يؤكد تجذّر مشكلة التصنيفات والطبقية في المجتمع الإيراني، مدعومة بسياسة أيديولوجية وفئوية واضحة".
ويضيف :"أصبح المواطن من الشعوب غير الفارسية في إيران مواطنا من الدرجة الثانية، إذ يعاني أبناء هذه الشعوب من الاضطهاد والحرمان والتمييز العنصري، على المستويات التعليمية والثقافية والتاريخية والدينية والأدبية".
ويتابع السلمي مقالته بشكل لا يخلو من طرافة معللا سبب ما اسماه التمييز بانه يكمن "في سيطرة فئة قليلة من الشعب الإيراني على مقدرات البلاد، وتتحكم في السياسات الداخلية والخارجية".
حسنا، لن اناقش هذه المرة ما جاء به الكاتب، ولن الاحق عباراته لتفنيدها وتشريحها وبيان الخطل فيها، ولن اجري مقارنات بين ما ذكره واتهم به الآخرين وبين مملكته. بل سأعتمد اسلوبا مغايرا. سأقوم بذكر المفردات وبعض العبارات التي استعملها الكاتب بعد حذف اسم ايران منها وعندها سنرى ما النتيجة التي يمكن ان يخلص اليها أي قارئ عندما يقرأ نصاً كهذا. واليكم هذه العبارات:
- ان هذه الدولة خالية من أي تنوع ديني وعرقي الذي يميز المجتمعات.
- ان بعض الاقليات المسلمة التي لا تزال موجودة فيها تعاني من التمييز والاحتقار والاضطهاد.
- قلة موجودة في هذا البلد تسيطر على مقدراته المالية والاقتصادية.
- ميول لدى فئات لا بأس بها نحو ضد المواطنين الذين ينحدرون من أصول من غير هذا البلد.
- تمييز ضد اصحاب البشرة السمراء.
- سياسة عنصرية مدعومة بسياسة أيديولوجية وفئوية ومناطقية واضحة، تضع جزءا من مكونات المجتمع في مكانة عالية ومرموقة على حساب بقية الأطياف، مما يقود في نهاية المطاف إلى ترسخ العداء والبغضاء بين المكونات المحرومة تجاه الأقلية التي تعبث بمقدرات وثروات تلك الشعوب من جانب، ومعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية من جانب آخر.
- سيستمر هذا الوضع ما استمرت الرؤية الحالية القائمة على تهميش اكثر من نصف الشعب، وممارسة العنصرية ضده على المستوى الرسمي والإعلامي والثقافي والديني.
- المناهج الدينية في هذه الدولة قائمة على تكفير الآخر وإلغائه.
هذه نماذج من مضمون ما كتبه "السلمي" في مقالته باستثناء الجملة الاخيرة التي هي تحصيل حاصل لما سبقها، لكنني أضفتها لاثراء ملف هذه الدولة.
والآن، وبعد ان قمت بحذف اسم ايران التي اتهمها الكاتب بكل ما تقدم، لو أن قارئاً قرأ هذا النص فما اسم الدولة التي ستتبادر الى ذهنه بشكل عفوي وسريع؟ هل هناك شك انها ستكون "المملكة العربية السعودية". بل تكاد تكون هذه المواصفات علامة حصرية لمملكة الجهل والظلام.