ارشيف من :آراء وتحليلات
هجمات ’داعش’ الاوروبية: فرص وتهديدات اسرائيلية
لدى التدقيق في الخطاب السياسي الاسرائيلي يلاحظ أن "تل ابيب" تتعامل مع الاعتداءات الارهابية الاخيرة في باريس، واجواء الرعب التي تسود العديد من العواصم الاوروبية كما لو أنها فرصة يتوجب عليها تثميرها. وتتجاهل "اسرائيل" الرسمية بشكل متعمد ما تنطوي عليه هذه الاعتدءات من تحديات قد لا تصب في نهاية المطاف في مصلحتها.
مع ذلك، يتركز التوظيف الاسرائيلي – كمحاولة – على الترويج لمفهوم أن حركات المقاومة في لبنان وفلسطين هم في سلة واحدة مع التنظيمات الإرهابية التي تقتل الأبرياء في سوريا والعراق ولبنان واليمن... وأوروبا. وأبرز من يمارس عملية الترويج هذه رأس الهرم السياسي في "تل ابيب" بنيامين نتنياهو، الذي تستند فلسفته الى مبدأ عبر عنه بنفسه في أكثر من مناسبة، بالقول إن هزيمة تنظيم "داعش" وترك إيران ومحورها هما "انتصار في المعركة وخسارة الحرب". إلى جانب شعار ترويجي في هذا المجال يؤكد فيه أنه "من غير الممكن القول أنه يوجد ارهاب جيد وارهاب سيء". في محاولة لاسقاط هذا المفهوم على حركات المقاومة عبر وضعها في سلة واحدة مع الحركات الارهابية.
وضمن سياق عملية التوظيف نفسها، يعمل نتنياهو على تقديم "اسرائيل" ككيان قادر على تقديم الخدمات الامنية للدول الغربية في مواجهة التهديدات الارهابية. وعلى أنها دولة اقليمية قوية يمكن للدول الاوروبية والغربية ان تستند اليها في محاربة "الارهاب" – وفق المفهوم الاسرائيلي لهذا الشعار .
أما التداعيات السلبية التي يمكن أن تنعكس على "اسرائيل" من خلال هذه الاعتداءات، وتدركها القيادة الاسرائيلية ولكن تتجاهلها، يمكن عرضها وفق التالي:
الاول، ظهور "داعش" واخواتها كتهديد ارهابي محدق بالمجتمعات الغربية. فيما "اسرائيل" والكثير من الدول الغربية تحاول التركيز على محور المقاومة وعلى رأسه ايران، كمصدر اول للتهديد للمصالح الغربية.
الثاني، بعد الاعتداءات الاخيرة تتخوف "اسرائيل" من حصول شرخ بين الرأي العام الغربي الذي قد ينظر الى ايران كدولة اساسية في مواجهة هذه التهديدات الارهابية. فيما انظمتها تحاول، لحسابات سياسية استعمارية، توظيف هذه الجماعات ضد ايران وحلفائها. وينبع القلق الاسرائيلي، من التزام ايران بالعمل ضد داعش ومن استعدادها للعمل ضدها في سوريا، بينما لا تبدي أكثر الدول الغربية استعدادا للقتال الجدي ضدها.
الثالث، تتوجس "اسرائيل" من تبلور مصالح مشتركة بين ايران والدول العاملة ضد داعش انطلاقا من العدو المشترك، مدفوعاً بانجاز الاتفاق النووي بين ايران والدول الكبرى. وعلى هذه الخلفية يوجد قدر من الانطباع في تل ابيب بأن ايران باتت تعتبر في الغرب عامل استقرار في الشرق الاوسط. وهكذا تصبح ايران لاعبا اقليميا مطلوبا ومؤثرا، فيما المطلوب اسرائيليا أن تبقى ايران كجهة تهدد الاستقرار في الشرق الاوسط.
وعلى ذلك، ليس مفاجئا أن يعلن نتنياهو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بصريح العبارة، كما نقلت القناة الاولى في التلفزيون الاسرائيلي، انه ضد انهيار داعش ويكون ذلك لمصلحة ايران. الامر الذي يعني بالضرورة أنه مع الابقاء على داعش وتعزيزها ما دام ذلك يؤدي الى استنزاف محور المقاومة.