ارشيف من :نقاط على الحروف
’أم تي في’: الهوية التائهة
لا تنحصر خطيئة "أم تي في" خلال تغطيتها لعملية إطلاق العسكريين اللبنانيين من قبضة إرهابيي جبهة "النصرة" الإرهابية - فرع تنظيم "القاعدة" في سوريا، بالسقطة المهنية. فالقضية أبعد من خطأ صحفي ارتكبه مراسل أو محرر. هي أزمة "هوية وطنية" تعيشها القناة منذ نشأتها وحتى اليوم.
تحاول "أم تي في" التعاطي مع كل ما يشبه هوية المجتمع اللبناني أو العربي على أنه نقيض يجب الابتعاد عنه. فلسطين قضية العرب الأولى والتي يتوحد حولها اللبنانيون، هي على خريطة القناة "اسرائيل". هكذا تتخطى سياسة الدولة اللبنانية التي لا تعترف بكيان العدو لتقفز عن كل مبادئ وطنية عروبية وتعترف بكيان العدو "الاسرائيلي". كيف لا وهي التي لا تخجل من الحصول على مصادرها من "الجيش الاسرائيلي"؟ .
بعيداً عن الأقصى وفلسطين، الغائبتان تماماً عن اهتمامات القناة. تجدها في كل "عرس لبناني لها قرص". في التفجيرات الارهابية التي تطال المدنيين الآمنين تراها تائهة تسمي الضحايا بـ"القتلى" لتستيقظ بعد وقت -ربما عن حياء - فتعيد تسميتهم بـ"الشهداء".
وعندما تسعى لتعداد شهداء التفجيرات الارهابية تستذكر عن سوء نية شهداء الدفاع المقدس في سوريا لتزرع صورهم بينهم.
أما عندما تتعرض القناة لقضايا المقاومين والمناضلات فيتمنى كل مشاهد لو أنها لم تفعل. حيث تتحوّل الاستشهادية سناء محيدلي التي تناثر جسدها لتفدي أرض الوطن المحتل من الصهاينة، الى "انتحارية".
أزمة الهوية الوطنية عندما تستفحل بالاعلام، تكون العواقب وخيمة فعلاً. "أم تي في" التي استظل مراسلها في جرود عرسال المحتلة، بعلم جبهة "النصرة" الارهابية كانت سابقاً قد استُخدمت في أكثر من تقرير كأدة اعلامية لدى الارهابيين، ولطالما ارتضت لنفسها أن تنطق باسم مصادر "النصرة" ومصادر "عبد الله عزام". كما أنها سعت ضمن جوقة اعلامية إلى الترويج للمبررات التي أطلقتها هذه الجماعات خلال التفجيرات الارهابية التي ضربت لبنان. وكانت دوماً توجد لها الحجج والذرائع.
لكن آخر الاستعراضات الاعلامية للقناة كان الأكثر ثمناً. صورة وهيبة القوى العسكرية اللبنانية، ضربتها "أم تي في" بعرض الحائط عندما ارتضت أن تستجوب عسكريين لبنانيين وهم مختطفون بين أيدي سجّانيهم بصورة ذليلة. المراسل والقناة التي تقف خلفه، وسياستها البعيدة عن كل المعايير الوطنية، لا تجد حرجاً بالدفاع عن تواجدها في منطقة لبنانية محتلة ممنوعة على القوى الشرعية اللبنانية، بجوار قاطعي الرؤوس ومرسلي الانتحاريين والسيارات المفخخة. طبعاً كل ذلك قد يكون مبرراً في حالٍ واحدة، إذا لم تعتبر القناة وسياستها التحررية أن "جبهة النصرة" هي جبهة ارهابية، ووجدت الأرضية المشتركة للتفاهم معها. هنا لا يلوم أحد القناة على ما ارتكبته، لكن يبقى عليها أن تخرج أمام الرأي العام اللبناني وتعلن أنها أصبحت خارج كل إجماع لبناني، فلا فلسطين هي كذلك بالنسبة اليها، ولا شهداء الوطن هم كذلك أيضاً، ولا حتى المجموعات الارهابية التكفيرية هم أعداء، بل ؟...