ارشيف من :آراء وتحليلات

نافذة حزب الله العربية والتبييض القطري

نافذة حزب الله العربية والتبييض القطري

شهد لبنان في اليومين الماضيين حدثا مفرحا غير مكتمل بنجاح عملية اطلاق العسكريين المختطفين لدى جبهة النصرة الارهابية التي لم تتوان عن القيام  باحتجاز العسكريين اللبنانيين لمدة 485 يوما ناهيك عن ابتزاز الدولة اللبنانية وذوي العسكريين وترويعهم عبر التهديد والوعيد بتنفيذ حكم الاعدام بحق ابنائهم.

اللافت في نجاح عملية تحرير الاسرى اللبنانيين في منطقة جرود عرسال اللبنانية انها عملية مشابهة الى حد بعيد لعملية تحرير الاسرى المدنيين اللبنانيين في منطقة اعزاز السورية عنيت دور دولة قطر في العمليتين وايلاء عملية التفاوض في الحالتين الى المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي يوصف بالامين البطل الشجاع نظرا لنظافة كفه وكفاءته بالتفاوض واقدامه شخصيا على عمل اقل ما يوصف انه بطولي وشجاع

لماذا قطر؟


لقد اثبتت قطر في كلتا الحالتين انها صاحبة الكعب الاعلى والكلمة الفصل وذات التأثير الفعلي والراعي الرسمي للنصرة،
ففي قضية اعزاز وبعد مفاوضات مريرة دامت لاكثر من تسعة اشهر اعتقد البعض ان امل اطلاق المخطوفين قد تلاشى، وفي ذات ليلة تلقى اللواء عباس ابراهيم اتصالا هاتفيا من السلطات القطرية تدعوه لزيارة قطر على الفور لابلاغه بأمر هام يتعلق بمخطوفي اعزاز فما كان من اللواء ابراهيم الا ان توجه الى قطر ليجد رئيس جهاز مخابرات قطر بانتظاره ليبلغه اتخاذ قطر الدولة قرارا يقضي بالافراج عن مخطوفي اعزاز وان التعليمات القطرية اعطيت لوسيط كان ينتظر اللواء ابراهيم في تركيا لتنفيذ القرار القطري
وهكذا تمت عملية الافراج عن مخطوفي اعزاز اي بقرار من دولة قطر.

نافذة حزب الله العربية والتبييض القطري

حزب الله

 


عقب نجاح عملية اطلاق مخطوفي اعزاز وصلت شخصية قطرية رفيعة وعلى مستوى القرار القطري الى العاصمة اللبنانية بيروت وبشكل سري للغاية طالبا لقاء سريا مع قيادي كبير في حزب الله. وبعد اخذ ورد ومشاورات مع المعنيين بالامر كان للمسؤول القطري ما اراد وتم تأمين اللقاء السري مع القيادي. وخلال اللقاء بين الرجلين طلب المسؤول القطري من هذا القيادي تأمين اتصال او لقاء مع القيادة السورية لابلاغ الاخوان في سوريا موقفا قطريا مهما فما كان من مسؤول حزب الله  الا ان بادر الزائرَ القطري الرفيع بالسؤال لماذا تطلبون منا تأمين مثل هذا اللقاء فأنتم في قطر تعرفرن كل ارقام الهواتف في قصر المهاجرين في سوريا ومن الافضل ان تطلبوا تأمين اللقاء بأنفسكم. عندها انتهى اللقاء عند هذا الحد مع الاتفاق على ابقاء قنوات التواصل بين حزب الله وقطر مفتوحة.
الزائر القطري بادر في اليوم التالي للاتصال بالقصر الرئاسي في سوريا معرفا عن نفسه طالبا تأمين لقاء مع الرئيس بشار الاسد لابلاغه امرا هاما الا ان الرد السوري لم يأت عندها اقفل الزائر القطري الرفيع عائدا الى قطر بخفي حنين.


وفي محاولة اخرى تم توجيه دعوة رسمية قطرية الى رجل اعمال سوري مشهور وعلى صلة وثيقة مع القياده في سوريا الى زيارة قطر من اجل تنفيذ بعض الصفقات التجارية.
رجل الاعمال السوري لبى الدعوة القطرية ليفاجأ بأنه باستضافة السلطات القطرية الرسمية وان لقاء هاما مع شخصية قطرية رفيعة بانتظاره.
في اللقاء الذي عقد في الدوحة بادرت الشخصية القطرية الرسمية الرفيعة المستوى الى الطلب من رجل الاعمال السوري تأمين لقاء او فتح قناة اتصال مع القيادة السورية. وعند انتهاء اللقاء قامت الشخصية القطرية الرفيعة بمرافقة ضيفه السوري حتى باب الفندق مودعا رجل الاعمال السوري وشدّ على يده مصافحاً قائلا له:
(بلّغ تحياتنا لسيادة الرئيس بشار الاسد). ومرة اخرى الجواب السوري لم يأت.


قطر ايضا كانت حاضرة في ملف العسكريين لدى جبهة النصره حيث وصلت المفاوضات الى مرحلة حرجة وبحاجة الى جهة موقرة وضامنة.   
اللواء عباس ابراهيم وحسبما صرح به خلال مقابلة تلفزيونية قال التقيت سماحة السيد حسن نصر الله في الثامن من الشهر المنصرم وطلبت من سماحته التدخل لدى السلطات القطرية اذا كانت ظروفه تسمح بذلك نظرا لما يتمتع به من تأثير وثقة واحترام.
السيد نصر الله وانطلاقا من تحمله للمسؤولية الوطنية لم يتأخر في تلبية طلب اللواء ابراهيم متجاوزا كل الاعتبارات الامنية والخلافات في بعض ملفات المنطقه لا سيما الملف اليمني وبخاصة حول الدور القطري في سوريا طالبا من امير قطر التدخل وبشكل شخصي من اجل تذليل العقبات التي تعيق اتمام عملية اطلاق العسكريين اللبنانيين.      

لماذا قطر الآن؟


قطر تريد تبييض صفحتها واسقاط صفة الارهاب عن جبهة النصرة وبأي شكل الا ان الرد الامريكي جاء سريعا باعتبار جبهة النصرة تنظيما ارهابيا وعلى لائحة الارهاب.
 ما اشيع عن دفع مبلغ 25 مليون دولار للخاطفين ليس صحيحا بل هو جزء من المبالغ التي تدفعها قطر شهريا دعما لجبهة النصرة.

 
المنطقة تمر بمرحلة بالغة الدقه وعلى فوهة بركان في سباق مع تسويات قادمة بقوة خصوصا بعد عوامل عدة قلبت المفاهيم والطاولة
*الاتفاق النووي الايراني الغربي
*دعوة سماحة السيد حسن نصر الله الافرقاء اللبنانيين للاتفاق على تسوية شاملة مستبقا تسويات المنطقة  
*دخول روسيا في الحرب على الارهاب في سوريا بشكل مباشر ما شكل دعما قويا للحليف السوري
*الرئيس السوري في موسكو في رحلة استراتيجية
*نتائج مؤتمر فيينا الذي شكل انعطافة لافتة من قبل الدول المشاركة لصالح سوريا
*اجتماع سري بين وزيري الخارجية الايراني والسعودي على هامش مؤتمر فيينا واستكمال اللقاء بين الرجلين  في سلطنة عمان لبحث المشاكل بين البلدين
*الانعطاف الغربي بالاقرار بدور الرئيس الاسد بمحاربة الارهاب وضرورة التعاون مع سوريا الاسد خصوصا بعد العمليات الارهابية في فرنسا واوروبا
اذاً قطر ادركت انه زمن التسويات وتريد حجز مقعد على مسرح التسويات لكن من نافذة حزب الله تحديدا.

فهل نتوقع موفدا سعوديا للمساعدة باطلاق العسكرين التسعة لدى تنظيم داعش ويطلب لقاء سريا مع حزب الله ليطلب منه تأمين موعد مع القيادة السورية؟

*مستشار وباحث في الشؤون الإقليمية

2015-12-07