ارشيف من :أخبار لبنانية
الصحف الاجنبية: أميركا تدرب المرتزقة.. وتركيا تعرقل مساعي اضعاف ’داعش’
نبهت مجموعة مختصة بقضايا الامن والاستخبارات، في تقرير لها، إلى خطر تدفق الارهابيين الى سوريا والعراق للالتحاق بـ"داعش" وغيرها، في وقت وجه خبراء غربيون تهما لتركيا بسبب عرقلتها الجهود لمحاربة الارهاب تزامنا مع دعوات لأميركا لمراجعة سياساتها في تدريب المرتزقة بعد مقتل عدد كبير من الأجانب في اليمن.
ارتفاع حاد بعدد المسلحين في العراق وسوريا
اصدرت مجموعة صوفان الاستشارية المختصة بالمجال الامني والاستخبارتي تقريراً خلصت فيه الى ان ما بين 27,000 و 31,000 اجنبياً من 86 بلدا على الاقل قد ذهبوا الى سوريا والعراق للالتحاق بصفوف داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة. واشار تقرير مجموعة صوفان (التي اسسها الضابط اللبناني الاميركي السابق في مكتب التحقيقات الفدرالي علي صوفان والتي تقدم الاستشارات في المجال الامني والاستخبارتي لعدد من الحكومات والمنظمات الدولية)، اشار الى ان هذا العدد هو اكثر من ضعفي العدد الذي ذكره تقرير آخر اصدرته المجموعة ذاتها في شهر حزيران/ يونيو عام 2014 والذي تحدث عن وجود نحو 12,000 مقاتل اجنبي من 81 بلدا.
التقرير اعتبر ان ارتفاع عدد المقاتلين الاجانب هو دليل على ان مساعي احتواء تدفق المجندين الاجانب في سوريا والعراق لم يكن لها تأثير يذكر. واضاف ان عدد المقاتلين الاجانب من اوروبا الغربية قد ازداد اكثر من ضعفين منذ حزيران 2014، بينما بقي عدد المقاتلين من اميركا الشمالية كما هو تقريباً. كما لفت التقرير الى ارتفاع كبير بعدد المقاتلين الاجانب من روسيا وآسيا الوسطى.
وأضاف التقرير ان معدل العائدين الى الدول الغربية حالياً يتراوح بين 20% و 30%، محذراً من ان ذلك يشكل تحديا كبيرا للاجهزة الامنية والقانونية، وكشف ان تونس تحتل المرتبة الاولى لجهة عديد المجندين، حيث التحق حوالي 6,000 مواطن تونسي بداعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة في العراق وسوريا، بينما تأتي السعودية بالمرتبة الثانية مع حوالي 2,500 مجند، تليها روسيا مع حوالي 2,400 مجند، ومن ثم تركيا مع حوالي 2,100 مجند، فيما احتلت الاردن المرتبة الخامسة بنحو 2,000 مجند.
قطر و"داعش"
وفي سياق متصل، نشر موقع “Lobelog” مقالة تحدثت عن عدم مساهمة قطر بشكل يذكر في محاربة داعش. المقالة ذكّرت بما كشفه موقع “WikiLeaks” عام 2009، من ان وزارة الخارجية الاميركية صنفت قطر "اسوأ بلد في المنطقة" في مجال التعاون بمكافحة الارهاب. واشارت الى انه وبينما تزداد الشكوك حول التزام ادارة اوباما بتغيير النظام السوري على ضوء تهديد داعش، فإن قطر تبقى تركز على مساندة المسلحين المتطرفين العازمين على الاطاحة بالاسد، بدلاً من محاربة داعش.
كما قالت المقالة ان المسؤولين في الدوحة قد انضموا الى نظرائهم السعوديين والاتراك في رعاية "جيش الفتح"، والذي هو تحالف مكون من "الميليشيات الجهادية" التي يهيمن عليها المقاتلون من جبهة النصرة التابعة للقاعدة، وكذلك احرار الشام.
ولفتت المقالة الى ان التدخل الروسي في سوريا ادى الى تقسيم العالم السني، حيث تعتبر كل من مصر والاردن والامارات ان هزيمة داعش تشكل اولوية على الاطاحة بنظام الاسد، وبالتالي قد وافقت هذه الدول على التعاون مع موسكو بينما نجد أن قطر انضمت الى السعودية وتركيا في رفض التدخل الروسي.
كذلك تحدثت المقالة عن "حسابات" قطر بأن ما يسمى "الربيع العربي" يشكل فرصة ثمينة للاستفادة من الجماعات المتطرفة حول المنطقة بغية تعزيز مصالحها الجيوسياسية. واعتبرت ان القطريين عازمون على عدم تعريض هذا النفوذ للخطر وان رد فعل الدوحة السلبي على صعود داعش في العراق وسوريا يصب في اطار الاستراتيجية الكبرى في سياسة قطر الخارجية.
سياسة استخدام المرتزقة في اليمن
من جهته، كتب كبير المستشارين في مؤسسة “Security Assistance Monitor”, “William Hartung” مقالة نشرها ايضاً موقع “Lobelog”، حذر فيها من ان التقارير التي تتحدث عن قيام دولة الامارات بتمويل وتسليح وتدريب الجنود المتقاعدين من كولومبيا وغيرها من دول اميركا اللاتينية انما يشكل نقطة تحول خطيرة في تطور الجيل الحالي من الحروب في الشرق الاوسط. واعتبر الكاتب ان استخدام المرتزقة لخوض المعارك يزيل حاجزا اضافياً امام تصعيد الحروب في المنطقة.
وقال الكاتب انه وعلى ضوء ذلك، فإن احد الاسئلة المطروحة على الكونغرس وادارة اوباما هو عما اذا كانت الاسلحة وبرامج التدريب الاميركية قد ساهمت بتسهيل هذه الانشطة. فأشار الى ان جنودا متقاعدين من كولومبيا وبانما وتشيلي والسلفادور قدموا من دول سبق وان تلقت تدريبا اميركيا مكثفا لعقود من الزمن.
الكاتب اشار الى ان المعلومات التي قامت بجمعها “Security Assistance Monitor” افادت بأن الولايات المتحدة قامت بتدريب ما يصل الى 30,000 عسكري من الدول الاربعة الممثلة في قوات المرتزقة التي تعمل لدى دولة الامارات، وذلك خلال فترة رئاسة اوباما وحدها، كما لفت الى ان ثلثي هؤلاء هم كولومبيون. وعليه قال انه سيكون من المفيد معرفة عديد هؤلاء العناصر الذين باتوا يقاتلون لصالح الامارات في اليمن.
هذا و تحدث الكاتب عن ان الجيش الاماراتي، الذي يقوم بتدريب قوات المرتزقة من اميركا اللاتينية، تلقى ايضاً التدريب من الولايات المتحدة. واشار بهذا الاطار الى ان اميركا دربت ما يزيد عن 4,000 جندي اماراتي منذ عام 2009، والى ان الكثير من الاسلحة التي تدرب قوة المرتزقة على استخدامها جاءت على الارجح من الولايات المتحدة، نظراً الى دور واشنطن المركزي بتسليح الجيش الاماراتي.
بناء على كل ذلك شدد الكاتب على ضرورة الاخذ بعين الاعتبار كيفية الاستفادة من التدريب العسكري الاميركي عند النظر في مدى كثافة برامج التدريب ومن هي الدول التي ستتلقى التدريب. وهنا اشار الى قانون “Leahy” (قانون قام برعايته عضو مجلس الشيوخ “Patrick Leahy”) الذي يحظر المساعدة الاميركية لوحدات الجيوش الاجنبية عند توافر الادلة المعقولة ان هذه الوحدات متورطة بانتهاكات لحقوق الانسان. الا انه اضاف ان هذه القيود لم يكن لها تأثير كبير على اعداد القوات الاجنبية التي قامت بتدريبها الولايات المتحدة، حيث لفت الى ان الاحصاءات التي قامت بجمعها “Security Assistance Monitor” تظهر ان 168 بلدا تلقت التدريبات من قبل الولايات المتحدة منذ عام 2009.
كذلك اشار الكاتب الى ان قوة المرتزقة يمكن ان تستخدم لاغراض اخرى غير النزاعات الخارجية، حيث قال ان احدى اولى المهمات للقوات الاجنبية التي دربتها دولة الامارات كانت "قمع اعمال الشغب" في المجمعات التي يقطن فيها عمال اجانب يعانون من سوء المعاملة.
الكاتب تطرق ايضاً الى التقارير التي تتحدث عن وجود اميركيين في المعسكرات حيث يتم تدريب المرتزقة، وكذلك عن ان الشركة التي كانت اول من ادار برنامج التدريب قبل تسليمه الى الجيش الاماراتي مرتبطة بمواطن اميركي يدعى “Eric Prince”، المعروف بدوره كالمدير التنفيذي لشركة “Blackwater”. و قال ان مشاركة “Prince” وزملائه الاميركيين من المفترض انها تمت موافقة وزارة الخارجية الاميركية، التي تعطي التراخيص لانشطة التدريب الخارجية.
كذلك ذكّر الكاتب بأن الولايات المتحدة شرّعت الاستفادة من الجنود المتقاعدين من اجل دعم التدخلات العسكرية عندما استخدمت عشرات آلاف المقاولين من حول العالم للعب ادوار مختلفة في العراق وافغانستان. وعليه اعتبر ان التحدي الآن يكمن بكيفية التعاطي مع هذا العالم الذي ساهمت السياسات الاميركية بإنشائه.
بناء على كل ذلك دعا الكاتب الكونغرس الى مراقبة برامج التدريب الاميركية عن كثب، لناحية الجهة التي يتم تدريبها والاماكن التي يستفاد فيها من هذه العناصر. كما دعا الى اعادة النظر بالقوانين التي تسمح بتدريب اميركي خاص دون ترخيص وبالتالي دون مراقبة حكومية اميركية. وشدد على ان واشنطن قدمت جرعة دعم كبيرة لقطاع التعاقد الخاص في هذا المجال عندما انفقت المليارات على هذه الشركات في العراق وافغانستان، وبالتالي عليها مسؤولية كبح جماحها.
تركيا تعيق مساعي محاربة "داعش"
الموقع ذاته ايضاً نشر مقالة لنائب المدير السابق في المكتب الاستخباراتي للشرق الاوسط وآسيا الجنوبية في وزارة الخارجية الاميركية “Wayne White” اعتبر فيها ان تركيا تعرقل المساعي الهادفة الى عزل واضعاف داعش منذ العام الفائت. ووصف الكاتب تركيا "بالعقبة الحقيقية" في مواجهة التحديات العسكرية التي تشكلها داعش، مضيفاً ان ذلك قد صعّب مهمة محاربة الجماعة.
كذلك تطرق الكاتب الى استفادة المهربين وعناصر الاستخبارات التركية من واردات النفط غير المشروعة من داعش، والى تقصير انقرة بمنع ذلك. ورجح الكاتب ان تكون صور الاقمار الصناعية التي التقطتها روسيا للشاحنات التي قالت انها تقوم بنقل النفط من المناطق التي تسيطر عليها داعش الى داخل الحدود التركية، رجح ان تكون هذه الصور دقيقة. كما رأى انه لا يمكن استبعاد الاتهامات الروسية الموجهة الى عائلة اردوغان لناحية الاستفادة المادية من تجارة النفط هذه.
الكاتب رجح أيضا ان يكون اردوغان وحاشيته في حزب العدالة والتنمية قد اعطوا موافقة مسبقة على اسقاط الطائرة الحربية الروسية، معتبرا أن تركيا هي الخاسر الأكبر بعد رزمة العقوبات الاقتصادية المفروضة من روسيا، ورأى أنه قد حان الوقت لكي تضغط الدول الغربية بقوة اكبر بكثير على تركيا كي تصبح الاخيرة "شريكا مفيدا اكثر في حشر داعش بالزاوية". وقال ان اولى الخطوات بهذا الاتجاه قد تتمثل باستجابة انقرة للدعوات الاميركية باغلاق ما تبقى من الحدود مع سوريا التي تسيطر عليها داعش.
المخاطر المترتبة على نشر الاسلاموفوبيا في الغرب
أما مركز التقدم الاميركي فقد نشر تقريراً تحت عنوان "المشاعر المعادية للمسلمين تشكل تهديداً حقيقياً للامن الاميركي"، اشار فيه الى ان داعش تتحدث بوضوح عن اهدافها. ان داعش تستخدم العنف لتحقيق غاياتها، بما في ذلك نشر الخوف واجبار الحكومات والمجتمعات على اخذ خيارات صعبة، وكذلك تعبئة مناصريها من خلال اظهار قدراتها، وايضاً العامل الاهم، الذي اثار رد فعل عنيفا ضد المسلمين لمساعدة الجماعة على استقطاب المزيد من الاتباع والاستعداد لصراع الحضارات. وحذر من ان تجاهل الغالبية في المجتمع الغربي لاهداف داعش الواضحة والمعلنة يوفر ما تحتاجه الجماعة من اجل مواصلة نموها وزخمها.
وأكد التقرير عدم صوابية الخطاب الذي يسعى الى استغلال مخاوف الاميركيين لتحقيق مكاسب سياسية والى دفع الجتمع الاميركي نحو الكراهية والتحامل المتزايد الذي هو الاسلاموفوبيا. وشدد على ضرورة رفض هذه السياسات، محذراً من ان داعش تحتاج من الولايات المتحدة ومجتمعات غربية اخرى ان تخلق حالة نفور لدى السكان المسلمين بهذه المجتمعات عبر الكلام و الافعال.
وقال التقرير ان داعش تريد من الغرب ان يقوم بتهميش مواطنيه المسلمين من اجل تقديم مشهد الحرب على الاسلام، كما ان داعش بحاجة ماسة الى مجندين جدد من اجل التعويض عن ضعفها امام القوى التي تصطف ضدها وعن عدم وجود شعبية لها بين المسلمين في البلدان غير المسلمة.
ولفت التقرير الى ان لدى داعش حملة بروباغندا وتجنيد متطورة تستفيد من وسائل الاتصالات الحديثة وصفحات التواصل الاجتماعي. وشدد على ان المشاعر المعادية للمسليمن في الغرب هي "العنصر الخطابي المركزي" بهذه الحملة.
التقرير حذر من ان الطروحات السياسية "غير المحسوبة" الموجهة ضد المسلمين من قبل المحافظين وعدد من المرشحين الرئاسيين الاميركيين، لا تؤدي سوى الى الترويج لاهداف داعش، وعليه اكد على ضرورة وضع حد لذلك.