ارشيف من :آراء وتحليلات
قراءة العدو لمستقبل الحرب بين محور المقاومة و’داعش’
تنطوي اهمية التقديرات التي نقلتها صحيفة "هآرتس" عن رئيس اركان الجيش غادي ايزنكوت، كونها اولا تتصل بالمحيط المباشر للكيان الاسرائيلي، ولكونها صدرت على لسان رأس الهرم للمؤسسة العسكرية. ومن أبرز ما تضمنته هذه التقديرات استبعاده امكانية هزيمة داعش بالاعتماد على سلاح الجو فقط. ماذا يعني هذا التقدير من قبل ايزنكوت، وإلامَ يستند في ذلك؟
ايضا، ادعى ايزنكوت أن فرص تحقيق محور المقاومة لانتصار تام في سوريا، هي صفر. وربط تحقيق مثل هذه النتيجة بوجود قوات برية كبيرة، روسية أو ايرانية أو حزب الله، وهو أمر من المستبعد أن يتوفر، كما يزعم ايزنكوت.
يمكن أن تكون قد صدرت الكثير من التقديرات التي تستبعد امكانية هزيمة داعش اتكاء على الضربات الجوية، لكن أن تصدر على لسان رئيس اركان الجيش الاسرائيلي، يُضفي عليها أبعاداً إضافية. خاصة وأنها تأتي من مؤسسة عسكرية "تلوعت" من مفاعيل خيبة الرهان على سلاح جو يتمتع بتطور تكنولوجي عالمي، في مواجهة حزب الله اولا، ثم انتقلت هذه المفاعيل الى قطاع غزة. وعلى ذلك، يستند ايزنكوت في تقديره الى تجربة غنية في هذا المجال.
كما يندرج هذا الموقف في سياق ارتفاع الحديث عن مواجهة داعش وهزيمتها سواء من قبل الولايات المتحدة أو روسيا. وتحديداً بعد أن اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما في اعقاب مجزرة كاليفورنيا، مواصلة مهاجمة داعش، والذي ألمح ايضا الى أنه لن يتم إرسال قوات برية الى سوريا، مؤكدا أنه يمكن دحر داعش باستخدام وسائل محدودة.
في كل الاحوال، وعلى الرغم من أن ايزنكوت لم يتطرق الى خلفية بقاء داعش حتى الان رغم التصريحات العلنية لرؤساء الدول العظمى ضدها، أو على الأقل لم ينقل عنه انه قاله، لكن يمكن الاكتفاء بما أورده نتنياهو الذي سبق أن رفض القضاء على داعش في حال كان ذلك لمصلحة ايران. وعلى ذلك، فإن مستقبل ومصير داعش ليس قضية قدرة وانما قضية قرار. وما دام لها دور وظائفي هناك قرار اميركي اسرائيلي بالمحافظة عليها..
اما بخصوص استبعاد ايزنكوت الانتصار التام لمحور المقاومة. من الواضح أن لغة الخطاب والتقدير استبدلت الحديث عن قرب سقوط الحكومة السورية بمقاربة تحاول أن تكتشف افاق انتصار محور المقاومة..
ويوحي هذا الاستبعاد باقرار ضمني بأن محور المقاومة سيحقق انتصارا على الجماعات الارهابية والتكفيرية لكنه لن يكون تاما. وهو ما يؤشر الى قراءة اسرائيلية لافاق التطورات السورية، مفادها أن يد محور المقاومة ستكون هي العليا، لكن في الوقت نفسه سيستمر الصراع لسنوات طويلة.
في المطلق، من المجدي التذكير بأن الاسرائيلي كثيرا ما بنى خطواته ورهاناته على تقديرات ثبت خطأها لاحقا، وثبت ايضا ان الساحة السورية ساحة التطورات غير المتوقعة.. ومن المؤكد أن هذه المزايا حاضرة بقوة لدى القيادة الاسرائيلية وهو أمر له مفاعيله ولوازمه على مستوى الرؤية والخيارات..