ارشيف من :نقاط على الحروف
’فوتوشوب’ قطري لتلميع صورة الجولاني.. بوجه ’معارضة’ الرياض
على هيئة "القائد" الذي يُحاوِر ويُحاوَر، أُريد لزعيم جبهة "النصرة" فرع تنظيم "القاعدة" في سوريا أبو محمد الجولاني أن يظهَر أمام الجمهور العربي. "أوّل مؤتمر صحفي لزعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني خص به قناة الغد العربي / الجزيرة/ أورينت نيوز تشاهدونه قريباً جداً". بهذه العبارة تم الاعلان عما سمّي بـ"المؤتمر الصحفي" الأخير مع الرّجل. قاطع الرؤوس ومتزعم ميليشيا الخطف والذبح وزرع القنابل البشرية الموقوتة بين المدنيين، حلّ ضيفاً على 3 شاشات عربية تدعم "الجماعات الارهابية" وتروّج لها على امتداد الساحة السورية بزعم انها "ثورة".
الذين نالوا رضا الجولاني لحضور مؤتمره هم هادي العبد الله، موسى العمر من قناة "الغد العربي"، أدهم أبو الحسام من قناة "الجزيرة" القطرية (سبق أن ظهر الجولاني مرّتين عبر شاشتها)، محمد الفيصل من قناة "أورينت". أمّا الترويج للمؤتمر فكان كبيراً منذ الخميس الفائت. الحسابات التابعة لـ"النصرة" نشرت صورة تظهر الجولاني من الخلف وأمامه 4 "صحفيين" ذيّلت بعبارة "قريباً... مؤتمر صحافي للشيخ الفاتح أبي محمد الجولاني".
"المؤتمر" الذي دام قرابة الساعة بثّته "أورينت" و"الغد العربي" كاملاً، أمّا قناة "الجزيرة" فعرضته على شكل مقتطفات فضلاً عن التنويه به في "الخبر العاجل" أسفل الشاشة، واستمرت بالترويج له في نشراتها الاخبارية التالية. لكنه طرح أسئلة عدّة حول توقيت نشره خصوصاً بعد مؤتمر ما سمي بـ"المعارضة السورية" في الرياض والمضمون الذي أعلنه الجولاني. فالهجوم الذي شنّه زعيم "النصرة" الارهابية على المؤتمر عكس خلافاً بين الدول الراعية للمنظمات الارهابية على الساحة السورية على صعيد محاولة تحكم كل طرف منفرداً بزمام "الفصائل المسلحة" على الارض وقرارها. ففي حين حاولت الرياض أن تظهر على أنها المرجع الوحيد لـ"المعارضات السورية"، سعت قطر من خلال أدواتها الاعلامية الى الاعلان عن مؤتمر الجولاني الاعلامي الذي أرادت أن يشكل ضربة للرياض. حيث هاجم الجولاني الرياض ونتائج المؤتمر معتبراً أن "الذين أعطوا التعهدات هناك لا يمكنهم تقديم التزامات على الأرض" واصفاً ما حدث في السعودية بـ"الخيانة". هكذا انجلت الصورة على وجود نوعين من المعارضات السورية، الأولى "المعارضة السورية القطرية"، والثانية "المعارضة السورية السعودية". وكلاهما تضمان فصائل إرهابية على شاكلة "النصرة" و"أحرار الشام"، تجري محاولات تلميع صورها على قدم وساق.
صورة روّجت لمؤتمر الجولاني على صفحات "النصرة" الارهابية
دمجت الصورة التي قُدّمت للجمهور بين الجولاني المرتدي للباس أهل البادية، وبين ذلك المتمدّن الذي يحضر الى طاولة مؤتمر صحفي ويجيب عن أسئلة صحفيين ويقدّم وجهة نظره بكل هدوء. هدوء ميّز نبرة حديث قائد التنظيم الارهابي خلال "المؤتمر". حيث استبدل الرجل السيف الذي يقطع به رقاب المخالفين له، بقلم بين أصابعه، وأوراق تحت يديه، أرادها إثباتاً على "قابليته وتنظيمه للاندماج في الحياة السياسية التي تُرسم من قبل بعض الدول لسوريا".
"السياسي المنضبط المسالم"، هذه هي الصورة التي أريد إبرازها للجولاني. ظهر وهو يسلّم على "الصحفيين" أمامه واحداً واحداً. جلس أمامهم قائلاً "اتفضلوا"، في اشارة الى السماح لهم ببدء طرح الأسئلة. "شيخ ابو محمد"، هكذا ارتأى أحد الصحفيين البدء بأسئلته.
لكن عدّة الاخراج من "طاولة وصحفيين وقلم وأوراق وكاميرا" لم تكن كافية لاعطاء الصورة المطلوبة، أي صورة "الزعيم" و"القائد" والمُسقطة عنه صفة "الارهاب". بكلمات نسف أبو محمد الجولاني - الذي كان سببا في قتل آلاف الأبرياء - كل ما حاولت بعض دول الخليج وأدواتهم الاعلامية تظهيره عن جبهة "النصرة". محاولات سلخ "الجبهة" عن تنظيم "القاعدة" في سوريا فشلت. قالها الجولاني بكل وضوح وصراحة "قاتلنا لاقامة نظام حكم اسلامي راشد"، "ننفذ أحكام الإعدام وفقاً لأحكام القاضي الشرعي"، "سنبقى نسعى لحكم الشريعة"، "نحن فرع من تنظيم القاعدة في سوريا ومهمتنا قتال بشار الأسد وحزب الله"، "نتبع لتنظيم القاعدة وهي جهة مسلمة انتصرت لقضايا المسلمين". أهداف الرجل ضمن هذا المشروع واضحة أيضاً "في حال تحررت الشام واجتمع المسلمون على حكومة أو دولة اسلامية راشدة تحكم بأمر الله سنكون اول جنود هذه الحكومة".
هي اذاً صفعة وجهها الرّجل لكل الذين روّجوا لنظرية فك ارتباط "النصرة" عن "القاعدة"، ومهّدوا الطريق لها من خلال محاولة اقناع الرأي العام بأن هذا الفصيل هو جزء مما يسمى "المعارضة" أو "الثورة السورية" المنادية بقيم "الحرية" و"الديمقراطية".