ارشيف من :أخبار عالمية
توشكا باب المندب..هزيمة السعودية بالضربة القاصمة
علي الحاج يوسف
أرادت السعودية ان تقفل حربها على اليمن على شيء من الالتباس بما يتيح لها تسويق النتيجة التي تريد، فجاءها توشكا باب المندب قالباً ما أرادت إلى ما لم تكن ترغب أو تريد.
من حيث لم تحتسب وفي حساب دقيق للوقت على بعد أقل من يوم من وقف مقرر لإطلاق النار، تلقت من أنصار الله رسالة قاسية مفادها أن "الكلمة الأخيرة في الميدان لنا"، وبعدها لكل حادث في مفاوضات جنيف حديث، ومن يضحك أخيراً يضحك كثيراً، ومن يحزم ويعصف هو عالي الكعب على الأرض لا من يعتلي الفضائيات واهماً بإعادة أمل مزعوم.
صاروخ توشكا
تدرك الرياض أو كان يُفترض بها ذلك، بأن حرباً يُخاض جلها من الجو وبعضها من البر، لا حسم صريحا فيها للمهاجم ولا للمدافع. ومنذ كانت عقيدة الحروب الجوية في يوغسلافيا وبعدها في أفغانستان والعراق، ثم في تموز لبنان، كانت الحروب تنتهي على شيء من الالتباس في النتائج بالمعنى المباشر لاعتبارات الانتصار او الهزيمة، ووحدها الأهداف المعلنة للحرب كانت تحدد مآلها فشلاً أو إخفاقاً أو هزيمة.
سابقت مملكة المحمدين الضدّين الزمن، ودفعت مفاوضات جنيف من تأجيل إلى تأجيل توسلاً لانجاز في الميدان فما استطاعت إلى ذلك سبيلاً. لم تُعد عبد ربه منصور هادي الى صنعاء، وحتى في عدن لم توفر له سوى قصر المعاشيق المحاط بكل صنوف القاعدة وداعش والتكفيريين وحنق الجنوبيين. أخفقت في مأرب شر إخفاق وراوحت قواتها والميليشيات عند تباب صرواح دون ان تدرك العاصمة أي إدراك. انكفأت عن الجوف قبل ان تخوض غمار رمالها المتحركة، وفي تعز دخلت تسللاً الى حيز مفتوح في باب المندب دون أن تفلح في تبديل واقع المدينة الإستراتيجية أو حتى أن تفتح للمخلافي ورقتها الأخيرة باباً نحو فتح ثغرة تفاوض عليها في الشمال.
وعلى امتداد محافظاتها الحدودية مع اليمن في جيزان ونجران وعسير أطبقت صمتاً على هزائم متلاحقة وفرار مذل لجنودها وانهيار كامل لمنظومتها الدفاعية ومواقعها العسكرية التي كانت تتهاوى على شاشة انصار الله التلفزيونية، وتغلّفها شاشات المملكة بتجاهل لا يعدو كونه دفناً لوعي السعوديين في الرمال. وبعد توشكا صافر الذي مهد لمرحلة جديدة من خيارات أنصار الله الإستراتيجية، والسيطرة على مساحات ومواقع وقرى والإطباق على مدن داخل الأراضي السعودية، كاد المشهد يتوقف على عتبة مفاوضات يمثل مجرد الذهاب إليها دون تحقيق أي من الأهداف هزيمة للرياض، جاء توشكا باب المندب ليؤكد المؤكد. وأحدٌ لا يتوقع "لجنة فينوغراد" في السعودية لتقطع شك الالتباس بيقين الهزيمة الجلية في القضاء على أنصار الله، وأحدٌ لا يأمل أن تبدل مملكة الرمال من وهم عاصفتها القائمة على "بروباغندا" شبكة افتراضية واسعة من الفضائيات والمنصات الإلكترونية وشبكات التواصل والدعاة لإعادة " الحوثيين" إلى ملاذهم الأخير في جبال مران، لكن رب ضارة نافعة، فعلى قدر حملة التعبئة والتحريض والبناء على حزم عصفت به الوقائع، وعلى أمل مدَعّى ما عاد ولن يعود، سيكون السقوط مدوياً.