ارشيف من :أخبار لبنانية

الصحف الاجنبية: توبيخ أميركي للدول الخليجية لعدم محاربتها ’داعش’

الصحف الاجنبية: توبيخ أميركي للدول الخليجية لعدم محاربتها ’داعش’

ركزت صحف اميركية بارزة على كلام الرئيس الاميركي باراك اوباما وما شابه من التوبيخ لحلفائه الخليجيين لجهة تقصيرهم في محاربة داعش، في وقت أكد باحث اميركي معروف ان المقاربة الجادة في محاربة الارهاب تستوجب من واشنطن الضغط على الدول للقيام بواجباتها ولا سيما السعودية التي تمثل جزءا من المشكلة.

كما حث صحفيون غربيون واشنطن على التعاون مع موسكو في محاربة الارهاب.

اوباما يلمح الى تقصير الحلفاء الخليجيين

تحت عنوان "اوباما يحث الحلفاء في الشرق الاوسط على القيام بالمزيد في المعركة ضد داعش"، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً اشارت فيه الى دعوة اوباما حلفاء اميركا في الشرق الاوسط الى بذل المزيد من المساعي في المعركة ضد داعش في سوريا والعراق، ورأى التقرير ان ذلك يدل على احباط متزايد داخل الادارة الاميركية من ان السعودية وحلفاء آخرين في المنطقة لم يساعدوا الولايات المتحدة حتى الآن على انشاء ائتلاف من القوات البرية المكونة من المقاتلين السوريين العرب من اجل دحر داعش في سوريا.

ولفت التقرير الى تصريحات اوباما في مقر البنتاغون عقب اجتماعه مع كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين الاميركيين التي قال فيها انه و"كما تبذل الولايات المتحدة المزيد من المساعي في هذه المعركة، ويبذل حلفاؤنا من فرنسا والمانيا والمملكة المتحدة واستراليا وايطاليا المزيد من المساعي، ايضاً على آخرين القيام بالمثل"، حيث اشار التقرير الى عدم ذكر حلفاء اميركا من "السنة العرب" من بين الدول التي ذكرها اوباما باعتبار انها تعزز جهودها في محاربة داعش.

الصحف الاجنبية: توبيخ أميركي للدول الخليجية لعدم محاربتها ’داعش’

واستشهدت الصحيفة باعلان اوباما عن زيارة سيقوم بها وزير الحرب الاميركي آشتون كارتر الى المنطقة للعمل مع "الشركاء في الائتلاف بغية تأمين المزيد من المساهمة العسكرية بهذه المعركة". التقرير تحدث عن اعلان السعودية انشاء "تحالف مؤلف من 34 بلدا اسلاميا لمحاربة الارهاب" والذي يشمل عدة بلدان قدمت المساعدة للسعوديين في الحرب على اليمن. كما اضاف التقرير ان تركيا ستكون المحطة الاولى لكارتر في زيارته الى المنطقة التي ترمي الى "تسريع الحملة العسكرية ضد داعش وتحديد الخطوات الاضافية التي قد تكون مطلوبة".

وبينما اشار التقرير الى ان لا احد في ادارة اوباما يقترح قيام السعودية او غيرها من الدول الخليجية الحليفة لواشنطن بارسال قوات برية الى سوريا، لفت في الوقت نفسه الى ان المسؤولين في الادارة الاميركية يريدون من الحلفاء العرب ان تساعد واشنطن على تجنيد وانشاء قوة من المقاتلين السوريين العرب المستعدين لمحاربة داعش. واضاف التقرير في الاطار نفسه ان المسؤولين الاميركيين يطالبون خلال الاجتماعات المغلقة بالمزيد من المساهمات من قبل السعودية والامارات وقطر وحتى تركيا.

هذا واعتبر التقرير ان اجتماع اوباما مع القادة العسكريين والامنيين بمثابة الاعتراف بان خطاب اوباما من البيت الابيض عقب حادثة اطلاق النار بولاية كاليفورنيا لم يلق ترحيباً بالداخل حتى من قبل بعض الديمقراطيين.

دعوات لتعاون واشنطن مع موسكو ضد الارهاب

الصحفي "Paul Starobin" كتب بدوره، مقالة نشرت على موقع "National Interest" تحت عنوان "كاريكاتور الكرملين: نظرة واشنطن المشوهة لروسيا وبوتين"، حيث اعتبر ان التحاليل والتقارير التي تنشر في الولايات المتحدة حول روسيا كثيراً ما تتركز على المشاكسة والخصومة مع روسيا، ورأى ان الامر المقلق هو ان ذلك يأتي في الوقت الذي هناك حاجة ماسة الى نظرة معتدلة للعلاقات الاميركية الروسية.

وقال الكاتب ان التركيز على شخص بوتين وكيف يتم تقديمه للمجتمع الروسي (الرجل القوي حامل البندقية) مصدر الهاء - وفق تعبيره - مشيراً الى انه من الاخطاء البدائية اعتبار سلوك الدولة بانها تعود الى شخص رئيسها، وان كان زعيماً قوياً جداً. كما تحدث الكاتب عن قلق روسيا بعد سقوط حكومة "فيكتور ينوكوفيتش" الموالية لروسيا في اوكرانيا، واستبدالها بنظام موال للغرب، حيث شدد على ان موسكو تعتبر اوكرانيا مهد الثقافة الارثوذكسية  الروسية وانها كانت تخشى ضم اوكرانيا الى حلف الناتو.

وعليه قال انه كان من المفترض ان تتوقع واشنطن هذا القلق – خاصة بالنظر الى استعداد موسكو خوض الحرب مع جوريا من اجل منعها من الانضمام الى الناتو. بالتالي و نظراً الى ان واشنطن لم تلتفت الى هذه التحذيرات من التوسع (توسع حلف الناتو)، تساءل الكاتب عما اذا هناك بعض النخب السياسيين في اميركا "الراغبين بحرب باردة". واشار الى ان الحرب الباردة رسمت عقلية عدة اجيال من صناع السياسة الاميركية وانشأت ثقافة شعبية تشمل الكتب والافلام السنمائية التي تصور روسيا والروس على انهم  اشرار.

عليه، شدد الكاتب على أن القيادة الاميركية تجد صعوبة بالادراك بان عالم القطب الواحد قد انتهى، مؤكداً في الوقت نفسه على ان العالم اليوم هو متعدد الاقطاب وان عددا من الدول الخارجية، مثل روسيا، لديها مصالح حيوية. واشار الكاتب الى ان مصالح روسيا ظاهرة في حملتها العسكرية في سوريا من اجل منع سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد، حيث قال ان الكرملين يعمل من اجل الحفاظ على ميناء طرطوس (التابع للبحرية الروسية). كما تحدث عن مصلحة روسيا بمحاربة المقاتلين المتطرفين في سوريا و العراق،خاصة و ان هناك مواطنين روس  يقاتلون بصفوف الجماعات المتطرفة في سوريا والعراق.

الصحف الاجنبية: توبيخ أميركي للدول الخليجية لعدم محاربتها ’داعش’

وعليه اعتبر الكاتب ان "الخطأ المأساوي" يتمثل بعدم ادراك الولايات المتحدة وروسيا لمصلحتهما المشتركة بالتعاون ضد الجهاديين الذين يشكلون تهديدا للداخل في كلا البلدين. ولفت الى ان بوتين ومنذ مجيئه الى السلطة اول مرة عام 1999 كان منفتحاً لناحية التعاون مع واشنطن، حيث وافق بعد احداث الحادي عشر من ايلول على السماح للطائرات الاميركية وطائرات الناتو أن تعبر الاجواء الروسية للمساعدة في الحرب على افغانستان و رضخ لمطلب انشاء قواعد اميركية جديدة في دول آسيا والوسطى التي سبق وان كانت تابعة للاتحاد السوفييتي. وحذر من ان انتصار المتطرفين في سوريا الممولين من قبل بلدان مثل السعودية، ستكون نتيجة سيئة لكل من روسيا واميركا، ناهيك عن فرنسا وبقية الدول الاوروبية.

غير ان الكاتب اشار الى تصريحات عدائية اطلقتها المرشحة الديمقراطية للرئيسة الاميركية هيلاري كلنتون تجاه بوتين وروسيا، وكذلك الى تنافس المرشحين الجمهوريين على العداء ضد روسيا. الكاتب رأى ان نجاح اي رئيس اميركي بجعل بوتين يقوم بسحق داعش يستحق التقدير، مشدداً على ان ذلك يتطلب فهما واضحا. وقال انه كما كان من الخطأ الاعتقاد في التسعينيات ان روسيا ستبقى ضعيفة امام توسع حلف الناتو، سيكون من الخطأ ايضاً الاعتقاد بانه لا يمكن الانخراط المنتج مع روسيا وهي اكثر ثقة.


مقاربة واشنطن في محاربة الارهاب غير جدية

من جهته، كتب الباحث الاميركي المعروف واستاذ العلاقات الدولية في جامعة "هارفرد" "Stephen Walt" مقالة نشرتها مجلة "فورين بوليسي" الاميركية، وذلك تحت عنوان "الخفة التي لا تطاق في حرب اميركا ضد الدولة الاسلامية". وقال الكاتب ان طبيعة النقاش الدائر في اميركا حول الارهاب يكشف مدى "عدم جدية الجهود الاميركية في مكافحة الارهاب".

الكاتب اشار الى التقارير الاعلامية التي تحدثت مؤخراً عن سعي البنتاغون انشاء قواعد عسكرية جديدة في الدول الاسلامية والعربية، كي تستطيع  مواصلة حملتها العسكرية ضد داعش بشكل فاعل اكثر. ولفت الى ان الولايات المتحدة ومنذ التسعينيات تقوم بذلك، مضيفاً انه وعلى الرغم من اتباع هذا النهج، فان عدد الجماعات التابعة للقاعدة يفوق ما كان عليه عام 2001، كما ان التنظيمات مثل داعش لم تكن موجودة اصلاً آنذاك. وعليه تساءل عما اذا كانت هذه المقاربة غير مدروسة و تؤدي بالتالي الى تفاقم المشكلة.

وشدد الكاتب على ان الولايات المتحدة لا تواجه تهديدا ارهابيا كبيرا، وبالتالي تساءل عن سبب عدم وجود مساعي لوضع هذا التهديد في اطاره الطبيعي وعدم تضخيمه. و قال ان ذلك يعود جزئياً الى ان الشخصيات والمؤسسات التي لها مصلحة بتضخيم التهديد غالباً ما تهيمن على النقاشات بشأن هذا الموضوع. وفي هذا السياق اشار الى ان ميزانية وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) ووكالة الامني القومي (NSA) ومكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) انما تعتمد على ابقاء حالة من الرعب والخوف.
كما اعتبر الكاتب انه لو كانت الولايات المتحدة جادة حقاَ في محاربة الارهاب لأُجري نقاش صادق حول الدور الاميركي في نشوء الارهاب. ولفت الى "مسؤولية الولايات المتحدة المباشرة وغير المباشرة عن مقتل مئات آلاف المسلمين خلال العقود الثلاثة المنصرمة، وهو ما يفوق بنسبة كبيرة عدد الاميركيين الذين قتلوا على ايدي المسلمين".

ورأى الكاتب كذلك انه لو كانت الولايات المتحدة جادة حقاً في محاربة الارهاب لكانت تصرفت بصرامة اكبر مع الحلفاء الذين "هم جزء من المشكلة وليسوا جزءا من الحل". و قال ان ذلك يتطلب من المسؤولين الاميركيين انتقاد تركيا علناً على استهدافها القوات الكردية التي تحارب داعش، و على عبور المسلحين الحدود التركية السورية، وكذلك على غض طرف انقرة عن التهريب والنشاطات الاخرى التي تساهم في تمويل داعش.

كما اضاف ان المساعي الجادة في محاربة الارهاب تتطلب اجراء نقاشات قاسية حول الدور السعودري بالترويج للوهابية وعلاقاتها بالحركات المتطرفة مثل داعش. وشدد على ضرورة ان توضح الحكومة الاميركية لـ"اسرائيل" بان معاملة الاخيرة للفلسطينيين مسألة أمن قومي لواشنطن، و بالتالي ربط "العلاقات الخاصة" وبين الولايات المتحدة واسرائيل بنشوء دولة فلسطين، اذا ما كانت واشنطن جادة في محاربة الارهاب.

اوباما يعيق التوصل الى حل في سوريا

أما الصحفي "روبرت باري" فكتب مقالة نشرت على موقع "Consortium News" رأى ان الحل في سوريا يكمن بالديمقراطية حيث يسمح للشعب السوري ان يختار قادته، غير انه اضاف ان ادارة اوباما وحلفاءها الاقليميين، بمن فيهم المسلحون لا يريدون المجازفة بالحل الديمقراطي لان ذلك قد لا يحقق الهدف المنشود "بتغيير النظام".

واشار الكاتب الى اجتماع الرياض الاخير الذي ضم ما سمي بفصائل المعارضة السورية، حيث لفت الى ان الفصائل هذه رفضت ادراج مصطلح الديمقراطية في البيان الختامي للقاء. وتابع بالقول ان عبارة "الآلية الديمقراطية" حتى كانت غير مقبولة لدى "احرار الشام"، وهي من ابرز الجماعات المسلحة التي تقاتل الى جانب جبهة "النصرة".

الكاتب استبعد تماماً ان يوافق الرئيس الاسد وحكومته على التنازل عن السلطة لصالح هذه الفصائل، وعليه تحدث عن "بديل واضح يفضله الاسد والرئيس الروسي فلادمير بوتين"، والذي يتمثل بوقف اطلاق النار ومن ثم انتخابات تحت اشراف دولي حيث يستطيع الشعب السوري اختيار قادته.

كما لفت الكاتب الى انه، وعلى الرغم من اصرار اوباما على ان غالبية الشعب السوري يكن الكراهية للرئيس الاسد، فان الموقف الاميركي لا يزال كما هو "تغيير النظام" في سوريا الذي يعتبر هدفا قديما لدى المحافظين الجدد في واشنطن، وخلص الكاتب إلى أنه من اجل تحقيق حلم المحافظين الجدد بتغيير النظام في سوريا، فان ادارة اوباما تواصل النزاع الدموي هناك، ما فتح المجال لداعش و غيرها من الارهابيين.

وحسب الكاتب، فان المشكلة الاساس هي ان ادارة اوباما قامت "بشيطنة الاسد" وانجرت الى هدف المحافظين الجدد لتغيير النظام لدرجة ان اوباما يشعر انه غير قادر على التراجع عن تعويذة "وجوب رحيل الاسد". وذكّر الكاتب بما قاله المدير السابق لوكالة الاستخبارات الدفاعية الاميركية "مابكل فلين" عن ان قرار اوباما بمساعدة المسلحين كان قرارا متعمدا، حتى في الوقت الذي حذرت فيها وكالة الاستخبارات الدفاعية من صعود مرجح لداعش ومتطرفين آخرين.

وقال الكاتب ايضاً انه ومن خلال شيطنة الاسد، ربما يشعر اوباما انه ينشر بروباغندا الحرب الناعمة للضغط على الخصوم الخارجيين بينما يكسب دعم الصقور داخل الولايات المتحدة/غير انه حذر في الوقت نفسه من ان الخطابات المزيفة قد تجعل من التسويات المنطقية امراً صعباً ان لم يكن مستحيلاً.

على ضوء كل ذلك تحدث الكاتب عن عدم امكانية اوباما القبول بالحل الاوضح الذي هو القبول بوقف لاطلاق النار و اجراء انتخابات تحت اشراف دولي حيث يستطيع لاي كان ان يترشح،و ذلك على الرغم من ان الازمة السورية تسبب بازمة لاجئين في اوروبا و كذلك "بهيستيريا" ضد المسليمن في الولايات المتحدة.

وقال الكاتب انه لو كان اوباما محقاً فيما يخص عدم وجود شعبية لدى الاسد، بالتالي ما من شيء يدعو للقلق حيث الشعب السوري سيقوم بهذه الحالة بتغيير النظام من خلال صندوق الاقتراع. وفي الختام اشار الى ان الديمقراطية – التي يفترض انها من اهداف الحكومة الاميركية في دول الشرق الاوسط – يمكن ان تكون الحل للمشكلة.

 

2015-12-15