ارشيف من :أخبار عالمية
آية الله الخامنئي يضع الإصبع على ما يطرح مشكلة
الكاتبة: هاداسا بودرمان
المصدر: يشورون
بصفتي يهودية ملتزمة ومعادية للصهيونية، فإنني أقدم ردي، من وجهة النظر الروحية، على رسالتي آية الله (السيد علي) الخامنئي إلى شبيبة الغرب.
في رسالته الأولى إلى شبيبة الغرب، طلب الخامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران، إلى شبيبة الغرب ألا تتقبل دون تحقق كل ما يقال عن الإسلام. ودعاهم إلى التفكير.
كما طلب المرشد إلى الشبيبة نفسها أن تتحمل مسؤوليتها وأن تسقط الأفكار المسبقة حول الإسلام، وذلك لصالح الأجيال القادمة. وأنا أتوجه بالنداء نفسه في ما يخص اليهودية الأصيلة. كم من غير اليهود، وحتى من اليهود، لا يتحققون من صحة ما يقال عن اليهودية؟ يكفي أن تكتبوا كلمة "يهودية" على الانترنت حتى تجدوا مواقع كثيرة، منها ويكيبيديا، لا تغيب عنها صورة النجمة الصهيونية، في حين أن الصهيونية هي عقيدة غريبة عن اليهودية وغير متجانسة معها.
الحقيقة أن الصهاينة قد نجحوا في دعايتهم التاريخية في وضع اليد على الطوائف اليهودية ووسائل الإعلام (تعليم قائم على وقائع تاريخية مزورة)، والمؤسسات السياسية في دول العالم وحتى على إيران خلال فترة الشاه وشركائه المتواطئين مع الصهاينة.
لقد نشأت شبيبتنا والفئات العمرية الأصغر في أجواء الهرطقة ولم يعرفوا شيئاً غير ذلك. وإن لم يبحثوا بأنفسهم عن الحقيقة فإنهم يظلون عبيداً للجهل وسينتقل مجتمعنا من سيء إلى أسوأ لأننا نحن، الذين نعلن ولاءنا لله وللعدل الإلهي، لا نمتلك معرفة كافية، ولا نحترم بعضنا البعض، ونبقى على ما نحن عليه.
إن معظم المسؤولين الدينيين الذين يمثلون الأديان التوحيدية الكبرى فاسدون ولا يمكنهم لهذا السبب أن يقدموا النصائح الصحيحة لمجتمع متعدد الثقافات وقابل للحياة. وعندما نقوم، نحن اليهود المعادون للصهيونية، بتوجيه الإدانة إلى الصهيونية وإلى الإرهاب الصهيوني بهدف تنبيه الشعب اليهودي الذي يحمل رسالة روحية، وبهدف تنبيه العالم أيضاً، فإننا لا نلبث أن نصطدم سريعاً بالرد الصهيوني الغاضب. والأكيد أنهم يستشيطون غضباً لما هو أقل من ذلك.
وإنه لمن المحزن أن تكون هناك حاجة لزعيم ديني من الخارج، كآية الله علي خامنئي، لتنبيه الشبيبة وإخراجها من خدرها وكسلها الفكري !
لقد قام المرشد الأعلى أيضاً بطرح السؤال حول ما يحفز شيطنة الإسلام والمسلمين. ويمكننا أن نعثر على بعض عناصر الإجابة في الفرضيتين التاليتين؟
علينا أن نغوص عميقاً جداً في التاريخ المشترك للبشرية جمعاء: لماذا قتل قايين هابيل؟ لقد تمكنت الغيرة من قلب قايين لأن الخالق تقبل قربان هابيل الذي قدمه من أفضل ما يملك. فالإنسان الذي لا يتوجه بشكل جيد نحو خالقه تكون مشاعره غير سليمة تجاه جاره. ولا تفعل أنواع الإرهاب الصهيوني أو الإسلامي أو الجهادي غير تعزيز هذا التوجه غير السليم.
في البداية، نكل الصهاينة باليهود لكي يجبروهم على التخلي عن التوراة، وبعد ذلك، نكلوا بالفلسطينيين لكي يستولوا على أرضهم. إن إرهابيي داعش والنصرة والجيش السوري الحر وغيرهم من الجماعات التكفيرية الوهابية يستخدمون القرآن والإسلام، مع كون الإسلام ديناً مسالماً، بطريقة مشابهة لما يفعله الصهاينة الذين يستخدمون اليهودية والتوراة والتلمود ويزورون كل ذلك من أجل تبرير ما يرتكبونه من جرائم في العالم. إن الإرهابيين لا يأخذون الدين بعين الاعتبار وهذا ما لاحظناه حتى اليوم في ممارساتهم بحق المسيحيين في العراق وسوريا وفرنسا والشيعة في اليمن. إنهم يسعون إلى قتل وتدمير ما يبدو لهم على أنه عبادة للأصنام. وهم يشكلون بذلك عناصر تدميرية ووباءً!
المتشابهون يجتمعون إلى بعضهم البعض. لاحظنا ذلك في التوازي بين النظام الصهيوني وداعش على مستوى الإيديولوجيا، وكذلك على مستوى الممارسة الإجرامية.
القادة الغربيون يسعون بشكل أساس إلى الهيمنة ويفضلون فرض هيمنتهم حيث توجد مواد أولية يمكنهم استغلالها. إنهم يحاولون أن يظهروا وأن ينظر الآخرون إليهم على أنهم الأفضل، في حين أنهم لا يلتزمون بشرع الله ولا بالقوانين الدولية وحقوق الإنسان. ويريدون أيضاً أن يكونوا في الطليعة على مستوى الاكتشافات، في حين أن كثيرين سبقوهم زمنياً إلى ذلك. وعندما يواجههم أحد بالوقائع الصحيحة، فإنهم يشهرون السلاح !
في رسالته الثانية، وبعد العمليات الإرهابية التي نفذت في فرنسا، في فرنسا التي تدعم الإرهابيين، شدد مرشد الثورة الإسلامية في إيران على مشاعر الاشمئزاز والقرف عند مليار ونصف من المسلمين تجاه المسؤولين عن هذه الجرائم وعلى من قاموا بتنفيذها. وهذه المشاعر يشاطرهم إياها كثير من الشباب غير المسلمين ايضاً.
وتكمن المشكلة في كون عدد كبير من فئة الشباب يتصرفون على هواهم أو بتأثير من السلطات التربوية أو الدينية أو السياسية، وهي سلطات خاضعة بدورها للإملاءات الصهيونية.
ينبغي للأسف أن تحدث أمور خطيرة وأن يقتل أشخاص أو يجرحوا لكي يتوقفوا ويفكروا قليلاً بدلاً من الاستمرار الأعمى في سلوك الطريق الخاطئ. علينا أن نبحث عن مصدر الشر، إذ غالباً ما يكون الشر عندنا وخصوصاً عند السلطات التي يتوجب علينا احترامها في حين أنها تتحالف مع الشيطان وزبانيته الوهابيين والصهاينة.
إنه لمن المؤسف أن يعمد سياسيونا، الأوروبيون مثلاً، إلى اعتماد الموقف الرديء عندما يكون عليهم أن يتخذوا موقفاً في الشؤون الوطنية أو الخارجية، سواء كان ذلك متعلقاً بفلسطين المحتلة ، حيث يهتمون بأمن الكيان الصهيوني، أو بإيران حيث يتبعون كما الكلاب الصغيرة أوامر واشنطن المتعلقة بالنووي مع أنه غير مخصص للأغراض العسكرية. وهم بذلك لا يعبرون عن إرادة شعوبهم التي يفترض بهم أن يعبروا عنها.
وفيما يختص بأمن الدول، ليس هؤلاء السياسيون أبرياء من هذه العمليات الإرهابية التي تهددنا. إن ذهني يذهب الآن إلى تلك الوزيرة البلجيكية التي وقفت أمام الكاميرا مع جهاديين بلجيكيين في أحد معسكراتهم ! إن نشر قوات عسكرية في بلداننا ليس أمراً طبيعياً، بل هو استجابة لإملاءات هدفها فرض المزيد من الرقابة على الحياة الخاصة لشعوبنا.
وحتى هنا، في مدينة آنفير، فإن الشرطة تنخرط في اللعبة الصهيونية إلى جانب الميليشيات الخاصة الصهيونية، وأحزاب اليمين المتطرف المعادي للإسلام، والمعادين للسامية. إن سياسيينا، وبغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، وبفعل خضوعهم للصهيونية، هو متواطئون في نقل الصراع الصهيوني-الفلسطيني إلى بلداننا مستفيدين في ذلك من التضليل الذي تمارسه وسائل الإعلام.
لقد أصبحنا مسيرين. وعلينا أن ننتبه باستمرار وأن نشك في ما يسعون إلى جعلنا نعتقد به. ولكن هنالك، والحمد لله، قنوات بديلة ومواقع انترنت تفضح كل ذلك.
أجل إن الإسلام هو من يتعرض اليوم لمعظم الهجمات. إنه كبش محرقة في حين أنه من الواضح أن المسلمين المخلصين للقرآن ولمختلف المذاهب (السنية والشيعية) لا علاقة لهم بأعمال القتل التي يرتكبها الإرهابيون. ومع هذا، يبقى هنالك أمر لا بد من إيضاحه، ألا وهو : كيف أمكن أن يكون قسم كبير من الإرهابيين الجهاديين متخرجين من الجماعات الإسلامية ؟ هل الأمر هو نتيجة لتربية ما أم لعامل خارجي لم ينتبه له أحد كما هي الحال بالنسبة للإيديولوجيا الصهيونية ؟
في مطلق الأحوال، تظل هذه الأعمال الشيطانية مبرمجة لتحرف الانتباه عن الأصل الحقيقي لمشكلات من نوع الصهيونية والكيان الصهيوني وجماعات الضغط المتصلة بهما.
هنالك في النهاية صحوة على مستوى الأمم، وخصوصاً على مستوى الأمم الإسلامية أو العربية التي ترزح تحت نير الديكتاتوريات التي تحكمها. وهذه الصحوة تسلط الضوء على مواطن الخلل في بعض النظم الحاكمة وارتباطاتها التي تجعل منها جزءا من محور الشر، وهذا من شأنه أن يغير الأوضاع القائمة. علينا أن نفضح كل ما هو غير عادل.
وهنالك أيضاً مشكلة الاعتراف بالآخر الذي يطلب إلينا الله أن نخدمه والذي يمتلك مثلنا قدرات في جميع المجالات. لكل منا دور يجب أن نلعبه في العالم من أجل قضية الخير. لماذا يجب أن يكون غير المسلمين هم الذين يحصلون على جائزة نوبل أو يحوزون على تسميات المخترعين والعلماء ؟ هذا التساؤل يزعج أولئك الذين يظنون أنهم فوق بقية البشر وأنهم الوحيدون الذين يمتلكون الثقافة.
طوبى للشعب الإيراني الذي حظي بقائد كآية الله خامنئي بارك الله به لحكمته وفطنته والنصائح التي يقدمها للأمة الإسلامية والتي يجدر بشعوب أخرى تواقة إلى العدل والسلام أن تستفيد منها.