ارشيف من :آراء وتحليلات

تونس: وانقسم الحزب الحاكم

تونس: وانقسم الحزب الحاكم

انقسم فعليا حزب نداء تونس الحاكم إلى حزبين بعد أن أعلن الشق التابع لأمينه العام المستقيل محسن مرزوق عن انفصاله عن الحركة. وجاء هذا الإعلان إثر اجتماع عقده أنصار مرزوق بمدينة الحمامات السياحية التونسية تم فيه اتخاذ القرار الحاسم.


والحقيقة أن "إعلان الحمامات" كما يحلو للبعض أن يسميه، كان يطبخ منذ مدة على نار هادئة، خصوصا بعد الخطاب قبل الأخير الذي توجه به رئيس الجمهورية ومؤسس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي إلى الشعب التونسي. فقد فهم من كلام الرئيس أنه ينتصر للتيار الذي يتزعمه نجله حافظ قائد السبسي داخل حركة نداء تونس على حساب تيار الأمين العام محسن مرزوق.


انتحار سياسي


ويرى كثير من المحللين أن ما أقدم عليه محسن مرزوق ونوابه والإطارات الحزبية الموالية له، هو انتحار سياسي بكل ما للكلمة من معنى. فالحزب فاز في الإنتخابات النيابية بفضل شعبية رئيسة السابق الباجي قائد السبسي ولا يملك المنشقون أية شعبية تذكر تؤهلهم للنجاح في المحطات الإنتخابية القادمة.

 

تونس: وانقسم الحزب الحاكم


كما لا يملك هؤلاء ما يسمى في تونس "ماكينات انتخابية" اي بنية هرمية من القواعد المنضبطة يمكن التعويل عليها في الإستحقاقات الإنتخابية. وتملك هذه الحشود من الناخبين المنضبطين والمجندين للإشراف على العملية الإنتخابية ومراقبتها جهتان، هما الدساترة (أبناء التيار الدستوري المطاح به بعد ما تسمى الثورة والذي ساهم في إنجاح حركة نداء تونس والعودة إلى الحكم) والإسلاميين، ولا يبدو أن الدساترة سيسيرون خلف من كانت له ميول يسارية أي محسن مرزوق.


طرد اليسار


 بدوره، فإن حافظ السبسي نجل رئيس الجمهورية والذي يتزعم الشق الندائي الآخر، لا يعول عليه أنصاره كثيرا وربما هو يوالونه لأحد سببين. إما أنهم يرغبون في التقرب من خلاله من رئيس الجمهورية وإما أنه إحدى وسائلهم لطرد اليسار من حركة نداء تونس باعتبار وأن حافظ السبسي يميل كوالده إلى التحالف مع الإسلاميين.


لذلك فإنه من المرجح أن تنضم شخصيات فاعلة إلى حركة نداء تونس خلال المرحلة القادمة أغلبها من التيار الدستوري كانت ترفض التعايش مع اليسار في ذات الحزب. ويتوقع أن تكون هذه الأسماء من الوزن الثقيل بعضها تقلد مناصب وزارية خلال العهد السابق ولعضها الآخر يترأس أحزابا سياسية هامة وذلك لملئ الفراغ الذي خلفه انسحاب محسن مرزوق وجماعته.


استقرار حكومي


وستشهد الأيام القادمة تحويرا وزاريا هاما مع المحافظة على الثقة الممنوحة لرئيس الحكومة الحبيب الصيد. فحركة النهضة ستنال حقائب وزارية إضافية إما لمتحزبين أو لمستقلين مقربين منها باعتبار وأن كتلة الحزب الأغلبي حركة نداء تونس ستتناقص بانسحاب بعض النواب الموالين لمحسن مرزوق منها.


ويبدو أن المصالحة التاريخية بين الدساترة والإسلاميين تسير قدما وفق ما تم التخطيط له، ليصبح أعداء الأمس القريب حلفاء. حتى أن البعض علق ساخرا بأنه قد تشهد تونس يوما يتوجه فيه الإسلاميون إلى المطار لاستقبال عدوهم اللدود الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

2015-12-21